سلام على العبد الصالح
أبو الفضلِ بابيْ للإلهِ ومُوصِلِي
وفي كل ذي كربٍ عليهِ مُعوَّلي
شددتُ له ذاتي .. فكنتُ حقيبتي
وأفرغتُ من كل الخواطرِ مِحْملي
وأزجيتُ شعري في هَواهُ بِضاعةً
فأرجو قَبولا .. أيْ وبعضَ تفضلِ
تخيَّرتُ منْ فيض البحور طويلها
ليمتد بَوحي في حديثٍ مُطوَّلِ
وإني لأدري .. أنَّ بحرِيَ قطرةٌ
تتوهُ بعبَّاسٍ أميرِ التطوُّلِ
وقفيتُ أبياتي بلامٍ كسيرة
مواسٍ إلى ظهرٍ كسيرٍ ومُثقلِ
ودثرت بالنهر السَخيِّ قصيدتي
وقلتُ بعباسِ الجمالِ تزملي
فما انساب من معنىً سخيٍ بأحرفي
فمنه .. ومِنْ مثليْ رديءُ التقوُّلِ
ففيه جَمالُ الهاشميةِ ماثلٌ
فأكرم جمالا في جميل التمثُّلِ
قَصدتُ إليه في قصائر خطوتي
وقلتُ أيا نفسيْ العجولُ تمهلي
فهذي بيوت الطاهرين فسلمي
وصلي على هادٍ حبيبٍ ومرسلِ
وصُبِّي دُموع العاشقين سخينة
ومن كل كِبْرٍ أو فَخارٍ تحللي
ولُفي على الروح العليلة مِلفعا
نقيا طهورا من لباس التذلُّلِ
وإذ رَقَّ قلبيْ، قلتُ هذي علامة
أيا نفسُ هُبِّي، قد دُعيتِ فعجِّلي
تعالَيْ على الأعتاب نُرسي شفاهنا
سَفينا إلى القلب الغريق المُعلَّلِ
ونفتحُ مصراع الزمان نهزهُ
يساقطُ حُلْوَ الذكرياتِ كسنبل
نُراجعُ شطرا في البطولة والإبا
وما كان مِنْ سيفٍ فتيٍ وصَيْقلِ
فنسأل جسر النهروان عن الذي
يصدُّ الأعادي من جنود وجحفلِ
ببأس شديد ذي رُعودٍ كومضة
من السيفِ كرارَ السجايا المُجَلْجِلِ
ونسأل عنه كربلاءَ فإنهُ
تنزَّل فيها بالحسامِ المزلزلِ
فصالَ بجَمْعِ الكُفر يجني رؤوسها
فكان إليها موتها في تنزُّلِ
وما قَتْلُ إنسانٍ عليه بهينٍ
ولكنَّ دين الله لا بُدَّ يعتلي
وفي مَجْمعِ الجودينِ حَطَّتْ رواحلي
فهاتي آيا نفسُ الحوائجَ واسألي
فقالت حبيبي قد لقيتُ ومؤنسي
فأنسانيَ اللقيا كثيرَ مؤمَّلي
سلام على العبد الذي كان صالحا
يُعلِّمُ رُشْدا مِنْ حُروف التبتلِ
سلام على تلك البصيرة والتُقى
ومن لم يَهُنْ في يوم كربٍ وينكُلِ
سلام النفوسِ الزاكيات عليك في
غُدُوٍ وآصالٍ وليلٍ سينجلي
لئن لُحْتَ طيفا للبصائر مُقْمرا
تُبَدِّدُ رَينا من قلوبٍ وتغسلِ
تهدهدُ كفَّيك اليتامى تتحننا
وتسقي ظِماها مِنْ رَويٍّ وتكفُلِ
نصوحا مطيعا، كنتَ والله مؤثرا
تفدِّيْ حسينا بالنفيسِ وتبذلِ
فكنتَ حزام الظهر في كل شدة
وكنتَ إلى الحوارء خيرَ مُظَلِّلِ
فظلل على روحيْ سحاب تكرم
فقد جئتُ مشتاقا إليك ومُبْتَلِ
تُقَبِّلُ كفَّيك القطيعةَ دمعتي
ولستُ بقبْلاتيْ إليك بأولِ
فإن أمير المؤمنين سقاهما
بفيضِ دُموعٍ أيْ وثغرٍ مُقبِّلٍ
فيا ابن أميرِ النحلِ بابي وحِطَّتي
وقائدِ غُرِّ المؤمنين المحجَّلِ
تقبَّلْ من العبد الفقير قصيدة
وشيئا يسيرا من مديح سيقللِ
فلستُ بخير المادحين مقالة
وما كنت يوما بالأديبِ المُفَضَّلِ
ولكنْ بقوليْ قد رجوت تقرَّبا
فسامحْ أبا الفضلِ الكريمِ تقوُّلي
فإني ذكرتُ الآن ما كانت ناسيا
وبيتُ قصيدي قد دنا في تَخَجُّلِ
طلبتك بالحوارءِ في يوم محشرٍ
وقد صِرْتَ في رَوْحٍ بأشرفِ منْزلِ
وكنتُ بذنبي في القيود مغلَّلا
وحيدا فريدا، كالأسير المكبلِ
فكن لي أبا الفضل حديثا مُطَمْئِنا
وقل لي حبيبي .. ذي جِنانيَ فادخلِ
خليل حسن
4 شعبان 1446