وجوهُ أهلِ الجنةِ و وجوهُ أهلِ النارِ بقلم الاستاذ حسن المطوع

وجوهُ أهلِ الجنةِ و وجوهُ أهلِ النارِ

الاستاذ حسن المطوع
الاستاذ حسن المطوع

قال سبحانه وتعالى :
( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةۖ… ) ( 27 ) سورة يونس

ما المقصود من كلمة ( وزيادة ) ؟؟
المقصود من الزيادة في هذه الجملة، هو الإشارة إلى الثواب المضاعف الكثير الذي يتضاعف أحيانا عشر مرات، وأخرى آلاف المرات حسب نسبة الإخلاص والطهارة والتقوى وقيمة العمل ، فنقرأ في الآية (160) من سورة الأنعام. ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) كما نقرأ في الآية (127) من سورة النساء ( فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله )
وأيضا نقرأ في الآيات المرتبطة بالإنفاق في سورة البقرة آية (261) يدور الحديث فيها عن مكافأة الصالحين ومضاعفة عملهم إلى سبعمائة ضعف، أو مضاعفته أضعافا كثيرة من قبل الله سبحانه . قال الله تعالى : ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )

استمرار الزيادة في الآخرة
نقطة ينبغي الالتفات إليها هنا ، هي أنه من الممكن أن تستمر هذه الزيادة والإضافة حتى في عالم الآخرة ، أي أنه في كل يوم سيمنحهم الله سبحانه موهبةً ولطفا جديدا ، وهذا يبين أن حياة العالم الآخر ليست على وتيرة واحدة ، بل تستمر في حركتها نحو التكامل إلى ما لا نهاية .

الزيادة قد تكون زيادة النعم الدنيوية
في بعض الروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام)، فسرت ” الزيادة ” بزيادة النعم الدنيوية التي يتفضل بها الله على الصالحين علاوة على ثواب الآخرة .
ولكن لا مانع من أن تكون الزيادة في الآية أعلاه إشارة إلى كل هذه المواهب .

وجوه أهل الجنة
ثم تضيف الآية ( أن أهل الجنة )لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة. ” يرهق ” مأخوذة من مادة ” رهق “، وهي بمعني التغطية القهرية والجبرية، ” والقتر ” بمعنى ” الغبار ” والدخان .

هل الزيادة موجودة على أهل النار؟
يأتي الحديث في الآية التالية عن أصحاب النار
الذين يشكلون الطرف المقابل للمجموعة الأولى، فتقول: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وهنا لا يوجد كلام عن الزيادة، لأن الزيادة في الثواب فضل ورحمة، أما في العقاب فإن العدالة توجب أن يكون بقدر الذنب ولا يزيد ذرة واحدة .

وجوه أهل النار
الآية تبين أن هؤلاء وهم أهل النار عكس الفريق الأول فإنهم مسودة وجوههم وترهقهم ذلة .

توضيح آثار الذنوب
قد يقال إن من العدل أن أهل المعاصي يجب أن لا يروا من العقاب إلا بقدر ذنوبهم ، وأن اسوداد الوجه هذا وغبار الذل الذي يغطيهم شئ إضافي ،
فلماذا تسودُّ وجوههم ؟
الجواب : ينبغي الانتباه إلى أن اسوداد وجوههم
هي خاصيةُ وأثرُ العملِ السيئ الذي ينعكس من داخل روح الإنسان إلى الخارج .
ولتقريب هذا المعنى نقول
مثالًا :
إن الأفراد المعتادين على شرب الخمر يجب أن يجلدوا فقط ،،
وفي الوقت نفسه فإن الخمر تولد مختلف أمراض المعدة والقلب والكبد والأعصاب لأن هذه الأمراض والآثار هي خاصيةُ من خواص شرب الخمر .
————————-
راجع التفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – الشيخ ناصر مكارم الشيرازي – ج ٦ – الصفحة ٣٤٠

شارك برأيك: