بيت خديجة بقلم خليل حسن

بيت خديجة

خُذني لبيتِ خديجةَ الغرَّاءِ
فسفينتي حَنَّت إلى الميناءِ

إنِّي أنا الجُرمُ الصغيرُ ومَنكِبي
حتما يَنوءُ بعاصِفِ الأنواءِ

وشراعيَ المنشورُ يرقبُ نَفحةً
تهوي بهِ في أقدسِ الأرجاءِ

آتٍ على أَمَلٍ آيا طُورَ المُنى
فمتى سألقى النارَ في سَينائي

قبسًا .. ضياءَ منارةٍ دُرِّيَّةٍ
سَمَقَتْ تُبدِّدُ حالِكَ الظَّلماءِ

أو جذوة مِنْ بيتِ طُهرٍ أصطلي
في دفئها مِنْ زمهرير شتائي

فأنا المسافرُ قد وَرَدْتُ حِياضَهمْ
أُمنِيَّةً تمشي على استحياءِ

وأذود حول الماء أطلبُ سَقيَهُم
فلأجلهمْ إنِّي ذَخَرتُ إِنائي

قد شدَّني البيتُ الذي أََذِنَ الإلـ
ــهُ برفعهِ في ذروة العلياءِ

ووددتُ لو أنِّيْ أصيرُ تُرابَهُ
فأشمَّ عطرَ الوحيِ في أنحائي

أو بعض ذَرٍّ هائمٍ .. كفراشةٍ
قد رفرفتْ في نورها الوضَّاءِ

فَأزُمُّ فيضَ النورِ مِنْ عَيْنٍ بهِ
سالت جِنانا باليدِ البيضاءِ

يدها التي قد زمَّلتْ وتصدَّقتْ
وتحمَّلتْ في اللهِ كل عناءِ

قد أثَّثت بيتَ النبوةِ رَفرفا
خَضِرَ الجَمالِ كجنَّةٍ غَنَّاءِ

فيها لأحمدَ سلسبيلُ تفجَّرتْ،
وبحيدرٍ مُزِجَتْ .. بمِسكِ إِِخاءِ

والكوثرُ النهرُ الغزيرُ أئمةٍ
منها جرى بالبضعةِ الزهراءِ

فكأنما حاكت جنانَ الخلدِ في
بيتٍ لها بُرَدَا لأهلِ كِساءِ

إيهٍ خديجةُ هل ببيتٍ بعدهُ
في ذي الحجونِ يَجُفُّ نهرُ سخاءِ؟

حاشى لنوركِ أنْ يَلفَّ شُعاعَهُ
إلا وفاءُ مُحمدٍ بِرِداءِ

ورادءُ ربِّ العالمينَ هديةٌ
تُؤتَينها أجرا وضِعفَ وفاءِ

عجبا لبيتكِ بالحجونِ مهدمٌ
إذْ كُنتِ للإسلامِ أصلَ بناءِ!

فكأنما هِيَ توأمٌ لمصيبةٍ
في غرقد الآلامِ والأرزاءِ

فلكِ السلامُ مِن السلامِ مُباركا
مُتنزِّلا في سورةِ الإسراءِ

ولكِ السلامُ آيا خديجةُ ما بدى
بنيانُ أحمدَ في عَنانِ سماء

ولكِ السلامُ مِن المساجدِ كلَّما
صدَحَتْ مآذنُ عِشقها بنداءِ

ولكِ السلامُ مِن البيوتِ ودِفئِها
لو دَثَّرتْ أطفالها بدعاءِ

سيظلُّ ذِكرُكِ في المدى يا أمَّنا
ترنيمةً تُتلى على الأبناءِ

نحن السنابلُ غَرسُ بيتكِ لم يزل
مُتضاعفا بزيادةٍ ونماءِ

فمتى تقرُّ عُيوننا وغدا نرى
بيتا إليكِ بجنةٍ خضراءِ

قَصَبا .. فلا صَخَبٌ يكون ولا عنا
رضوانَ ربِ العرشِ ذي النَعماءِ

خليل حسن
شهر رمضان 1446

شارك برأيك: