ميثاق بقلم خليل حسن

ميثاق

أيُّ نورٍ مِنْ غُرّةِ السجَّادِ
شَهِدَ الذَّرُّ لحظةَ الإيجادِ؟

أيُّ ميثاقٍ يومَ لا مِنْ حِجِابٍ
كان مأخوذا مِنْ عُموم العبَادِ؟

هل ستنسى ذرَّاتُنا ما شَهِدنا
وعَقَدْنا في مَحضر الأَشْهادِ؟

كم غريبٌ نِسيانُ أمسٍ قريبٍ
وكذا أمْرُ الخالياتِ البِعادِ

وعجيبٌ أَنَّيْ نَسِيتُ انبلاجَ الـصُّـ
ــبحِ في روحيْ ساعةَ الميلادِ!

أَتُرانا في ما مَحَوْنا .. مَحَوْنا
لحظةً قبلَ خَلْقِ ذي الأجسادِ؟

في مسيري إليكَ، جِئتَ أذانًا
هادئًا، آسرًا صغيرَ فؤادي

رابطًا قلبيْ مِنْ لطيفٍ -كما قد
قمَّطتنيْ أمِّيْ- حَنونِ الأيادي

ثمَّ إنِّيْ رَضَعتُ حُبَّكَ طفلًا
لبَنَا عذبًا سائغًا في ودادِ

فكأنِّيْ ميراثُ كلِ مُحِبٍّ،
في ولائيْ تَناسختْ أجدادي

فَنَمَتْ أطفالُ اشتياقيْ فُضولًا
مِنْ سؤالٍ وحيرةٍ وانشدادِ

وَغَدَتْ تَعدو في المآتمِ عامًا
بعد عامٍ فكان منها ازديادي

فرسَمتُ الحسينَ خطَّ إباءٍ
وسراجًا مشَعشِعًا في امتدادِ

ورأيتُ الحسينَ فيك تجلى
آية أرغمتْ أنوفَ الأعادي

فعرفتُ الشموخَ بُعدًا جديدًا
مِنْ عليٍ يمتدُّ في الأبعادِ

ونظرتُ الطفوف لوحة عشقٍ
وانتصارٍ وعزةٍ وجهادِ

ودخلتُ الخيام أبحث فيها
عاثرًا في لهيبها الوقَّادِ

راجيًا أنْ ألقاك بردًا سلامًا
بلسمًا شافيًا لنار البُعادِ

ويتيمًا فررتُ بين اليتامى
حافيًا أجري في قِفار البوادي

ناثرًا مِن دمعيْ على كُلِ جُزءٍ
من حبيبٍ، أَرْوِيْ القلوبَ الصوادي

وعزائي بعد المصابِ بأنِّي
صِرتُ ظلًا إليك في الأقيادِ

وحثيثًا في ركبكمْ سار عمري
عطفكَ الأسمى كان مائي وزادي

كيف أنسى ميثاقَ يومِ وجودي
إذْ أراهُ في كُل شيءٍ بادي!

أنا في حبِّكمْ أميلُ عظيمًا
لا أماريْ أو أدَّعيْ مِنْ حِيادِ

وجميلٌ أنَّيْ إليكمْ أسيرٌ
وإلى حبلكمْ يكونُ انقيادي

إنكمْ جنَّتيْ وناريْ ونشْريْ
وحسابيْ ومُنيتيْ في مَعادي

خليل حسن
محرم 1447

خليل حسن

شارك برأيك: