الحاج حبيب بن علي بن حسن بن علي بن عبد الله

habib

بقلم الدكتور عبد علي
الحاج حبيب بن علي بن حسن بن علي بن عبد الله ولد عام ١٩٤٨م تفريبا، أمه فاطمة بنت أحمد العابد واشتهرت بـ(العابدية) وكانت أرملة لزوجها المرحوم حسن بن مال الله. يكبرني ابن عمي حبيب بستة أشهر كما سمعت من أمي وهو وعلي عبد الحسن في سن والثاني أكبر منه بكم شهر.

عشنا في بيت واحد لا فاصل فيه، وكان بيت عمي وأقصد دارهم أكثر جذبا لنا ربما لأن عمي الله يرحمه لم يكن يزعل أو ينزعج من عبث الأطفال بعكس والدي رحمه الله. وكانت العابدية تربي دجاجا وكثيرا ما كنا ندوس (اطويراتها) بأرجلنا وتصير الوقعة على الطويرات‪.‬

بالرغم من أن ابن عمي حسن كان أكبر مني لكني كنت أكثر قريا منه وكنت أصاحبه ومتعلق به، أما حبيب وجعفر فكانا يلهوان ويلعبان بأشياء لم تكن تروق لي.

أذكر جيدا أول مرة ذهبا فيها إلى المنامة لا أدري لماذا وربما تكون بسبب توديع الزوار حيث كان من عادة الناس أن يودعوا الزوار بالذهاب معهم إلى فرضة المنامة التي تحولت إلى المرفأ المالي اليوم. المهم أنها كانت أول مرة يذهبون فيها إلى المنامة وياعجبهم بها فقد كانت مملوءة بالأوراق المرمية على الأرض وهي مواد جيدة صالحة للعب الصغار التي يشكلونها أشكالا مختلفة. وقد قاما بجمع ما استطاعا جمعه منها وجلبه للمنزل.

في طفولته أصيب ابن عمي حبيب بقرحة في فخذه وأخذت هذه القرحة تكبر حتى أقعدته عن الحركة ولم تكن هناك مستشفيات يلجأ إليها فساء حاله جدا وأوشك على الموث ولكن الله فرج عنه وقام الحاج جاسم البصري زوج سلمى أخت حاج أحمد الفرساني بعلاجه منها وتقريبا أجرى له جراحة في القرحة وقام بتطهير الجرح حتى طابت.

التحقنا بالمدرسة في سنة واحدة سنة ١٩٥٤م ولكن بال ابن عمي لم يكن في المدرسة ولا في التعليم بل كان في اللعب، وكان قوي البنية يستطيع أن يصرع الأطفال لكنه كان خيرا ولم تكن فيه نزعة الاعتداء على الآخرين، ولم يكن ممن يثيرون المشاكل مع أترابهم بالعكس مني فكثيرا ما كنت أتصارع مع الآخرين على أشياء تافهة لا سيما في لعبة (الشقوق) ولعبة (القلين) ولعبة (البنانير).

عمل ابن عمي حبيب في الإنشاءات مع المقاولين بأجر زهيد وتوجه إلى الزواج من أم خليل بنت علي بن حسين القيم وكانت بكر أبويها على ما أعلم، فرزقه الله منها ابنته زوجة حسين الفطومة وخليل ، ولكن المأساة كانت وفاتها بحمى النفاس بولادتها خليل وأتذكر ذلك اليوم الذي رجعت فيه من عملي مركز تأهيل المعلمين بالمحرق وجاءت لي أمي بغذائي وبعد أن تغذيت أخبرتني بالوفاة وما حدث أن درجة حرارتها ارتفعت فأخذوها إلى المراخة بدلا من المستشفى التي كانت متوافرة آنذاك، وانتهت حياتها رحمها الله بهذه القصة المؤلمة. وكانت فاتحتها في الكوخ (البرستك) الذي كنا نعيش فيه بعد أن تركناه إلى ابن عمي حسن وموقعه الآن بيت جعفر ابن عمي.

تزوج الحاج حبيب ابنة أحمد مطر وكانت له نعم الزوجة المدبرة التي وقفت إلى جانبه ولمت شمله وشجعته على الانخراط في العمل الاجتماعي، كما أن  حصوله على وظيفة  بالعمل الحكومي (عامل بالمدرسة) أتاح له فرصة الاستقرار والأمن العائلي، ورغم ثقل العائلة وكثرة عددها فإنه لم يكن يوما في حاجة ماسة لأحد. وكان رحمه الله يلجأ أحيانا إلى العمل الإضافي الذي يؤمن له بعض المطالب المالية.

باشر حبيب صب القهوة والشاي في المآتم الحسينية وفي نشاطات اجتماعية متعددة في القرية، فكان حاضرا في احتفالات المواليد والأفراح والمناسبات العامة والخاصة. كما قام بدور الجامع للمساعدات المالية لكثير من النشروعات الاجتماعية وخصوصا مشروع بناء مأتم الجمعية الحسينية، وتسيير مواكب العزاء.

لا أتذكر يوما أنني دعوته لعزيمة أو شيئ آخر ولم يلب الدعوة بل كان دائما أول المبادرين بالقدوم، كما أنني لا أتذكر أنه زعل يوما أو غضب مني أو من عمه والدي الذي كان دائما يوصيني بالوقوف معه.

برغم الضنك الذي يعيشه فقد كان يبادر بالتبرع ومساعدة الآخرين، وكان يحب السفر لزيارة العتبات المقدسة. ذهبت معه بعد وفاة المرحوم محمد عبد الله ابن أخي إلى العمرة بالسيارة بعد انقضاء شهر رمضان المبارك مباشرة وكان معنا أخي عبد الله وقد بدأ التعب يظهر عليه وكان قليل التركيز وفاقدا للتوازن الجسدي ولكنه لم يكن يتحدث عن أي ألم أو يشكو من شيئ.

نقل إلى المستشفى في مرضه وتابعت حالته فعلمت أن بوادر الإصابة بسرطان المخ بادية عليه لكنه كان صابرا، وأتذكر أنه سمع بوفاة المرحوم الأستاذ إبراهيم حسين فتألم كثيرا لذلك، وأثناء انتخابات ٢٠٠٦ كان راقدا في المستشفى وحالته تسوء حتى استسلم لقضاء الله وقدره.

وأبرز مأثرة لهذا الرجل أن يتمكن من تربية عدد كبير من الأولاد والبنات ويعلمهم وينشئهم نشأة صحيحة. رحمه الله.

المصدر: مدونة توثيقية لقرية النويدرات (الحاج محمد الهدي)

2 تعليقات

  1. الله يرحمك ياوالدي الغالي والله يرحم والدينكم والله يعطيكم العافيه

  2. الله يرحمه ويتعهد روحه الجنة

شارك برأيك: