أمر تزويج للشاعر سلمان عبد الحسين

قصيدة للشاعر الأستاذ سلمان عبد الحسين كتبت في عيد زواج النورين “علي” و”فاطمة” بأمر مباشر من الله العلي الأعلى للتدليل على أن الولاية بكل جوانبها أمر وليس خيرة.. يقدمها تحفة فنية لكم بعد أن أضاف عليها إضافات نوعية حولتها إلى دليل شعري عقائدي لمن يرغب بمعرفة حقيقة الولاية..

سلمان عبد الحسين


بـيـتٌ بـتـوظـيـبِ الـسـمـاءِ تـرسملا
مـا فـيـه كــان كـمـا يـظـلُّ الأكـمــلا

لا بالـغنـى فـالـفـقـر سادن حـبـهـم
بـالـفـقـر لـلـمـحـتـاج كـانـوا الأوصـلا

بـالـفـقـر صاغوا آيـة الـقـربـى لـمـن
بـابـاً لــهــم قــد دقَّ جــاءَ لـيــسـألا

فغدا القريبَ على ذوي القربى، أتى
تـقـديـمــه والـبـيـت أمـسى مـأمـلا

هـو هـكــذا بـيـتُ الـسـمــاءِ تـخـيُّـراً
يـخـتـار قُــربُ الأبــعــديــن تـفــضُّــلا

فـيـرى لـمـسكـيـن يـرى لـيـتـيـمهـا
إذ لا يــــــــــــــرى الأولاد زادا .. أوَّلا

فـالـجـــارُ قـبـلَ الــدارِ لازمـةٌ لــهـــم
إذ يـطـعـمـون ويُـــورِدُونَ الـمــنــهــلا

مـا ذاك مـن بــشــرٍ يـغـالـبُ طـبـعَـهُ
حــسُّ الأنــا قــبــل الأنـا قــد ســوَّلا

فـإذا الأنـا كَـسَلَـتْ لـصعـب طـبـاعـه
ألـــوى لـيــطـمِــرَهــا وقــامَ لـيُـبــدِلا

عَجِلٌ فلا مـعـروفَ في عَـجِـلٍ المنـى
إذ شــاءَ أخــــذَ نـصـيـبــه مُــتَـعَــجّـلا

هــذا عــلــي فــي قــرابـــة أحــمــد
إنْ قــلـتَ نـفـس مـحـمَّـدٍ لـن تُـعـذلا

لــكـنّــه فـي أمــر خــطـبــة بــنـتـــه
حـيـث الهـوى الـعـلـوي شوقا شمألا

مـا كـان في عـجـل وخـطـبتـهـا إلـى
صـحـب الـنـبــي تـنـافـسـا وتـطـفُّــلا

فـالأمـــر أمـــرُ الله فـــي تـــزويـجـــه
شـأنَ الـولايـة بـالــبــيــان لــهــا تــلا

حتـى الـنـبـي فـلـيـس مولى فـاطـم
فــي أمـر تــزويــج ولـو خـطـبَ الـمـلا

فـعـلـيٌّ لـمّـا جــاء يَـخـطــبُ فـاطـمـا
فالله قـــيَّــض لـــلـــقِـــرانِ وفــــصّــلا

مـا فــيــه وســمُ عُــجــالــةٍ لــكــنَّــهُ
لـنـظـيـر حـيـدر فـي الـصحـابِ تـمهّـلا

إذ لا نــظـيــر لــه لـخـطــبــة فــاطــم
جــــاؤوا لــخـطــبــتـــهــا وأمــر الله لا

لـيـقـول خـيـرةُ حـيــدر مـن خـيـرتــي
مـن زوجــهِ حـتـى الـولايــةَ مِـفْـصَــلا

ومـنــافـسـوه عـلـى الولايــة ذاتـهــم
فـي فــاطــم قــد نــافـسـوه تَـعَـجُّــلا

والله يـــفــضــحـهـــا نــوايــا خــطـبــة
مـن ثــم يـخـتــار الـمُـغِــضَّ الأمـثـــلا

فالأمــر مــعــقـــودٌ بــحــيــدرَ وحـــدَهُ
حـتَّــى ولــو لــم يـخـطــبـنَّ تـخـجُّــلا

فـكـمـا أتـى الـقــرآن وحـيـــاً مُـنــزلاً
فــزواجُ حـيــدرَ كــــان أمـــراً مُــنــزلا

بـالـــدرعِ مُـبـتــاعـاً يــؤثِّــثُ بــيــتَـــهُ
وتُــسـبِّـحُ الـزهــراء .. رزقٌ مــا خــلا

والـوحـيُ مـعـتـاشٌ عـلـى أصدائـهـم
بــيـتُ الـسعـادة بـالـسـمـاء تـجـمَّـلا

ســـاوى حــراءَ تــلــقِّــيــاً بــطـهــارةٍ
للـوحـيِ أنْـسُ مـحـمـدٍ فيه اخـتـلـى

أو ليـس جـبـريـل الـظـلـيـل جـنـاحـه
للبيت؟! كيف الـوحـي عـنـه تـحـوّلا؟!

فـمـكــانُ أنــسِ مُـحـمَّـدٍ وحــيٌ لـــه
فـي وجــهَ فـاطـمـةَ الـبـتـولِ تَـمـثّــلا

بـسـنـا عـلـيّ لـيـس يـسدلُ وهـجَـهُ
عـن أحـمــدٍ وعــلــيُّ فــيــه تَــرَتَّـــلا

جـبـريـلُ يـركـض لهفة الحسنيـن ذي
وحـيٌ تـراكـضَ خـلـفـهـم مُسترسـلا

إذ رغــبــة الـحـسـنـيـن أمــر تـدفُّــقٍ
للوحي بـاسـم طفولتين قـد امـتـلـى

ذا بــيــتُ حــيــدر هـل بـأمـر زواجــه
مـن ربـنـا شـكٌّ لـيُـجْـحَـدَ بـالــقِـــلا؟!

أو مــثـــل ذا عــرسٌ لـغـيـر عــلـيـهــا
فـي فـاطـم تـهـبُ الـسـمـاء تــدلُّـلا؟!

ولــم الــزواج تـــخــيُّــراً فـي طـبـعــه
إلا زواج عــلــي بــالأمـــر اعـتـلــى؟!

هــل مــن نــبــيٍّ أو وصــيٍّ مــثــلــه
أمــرُ الــزواجِ عـلـيـه حـصـرا أســدلا؟!

هــذا الــزواجُ تــمــامُ نـعـمـةِ أحــمــدٍ
فـي ديـنِــهِ حَـصـْـراً بـحـيـدرَ أُكْــمِـــلا

حـصراً بـفـاطـمـةَ الـقـريـنـة مُـحْـصَـنٌ
وإذا أذاهــا مـــنـــه قــد عَـــمَّ الــبــلا

فـلـفـاطـمٍ شرفُ الـعـنـوسـة لم يـنـلْ
مـنـهـا بـتـولا دون حــيــــدرَ مُــقــبِــلا

ولــحـــيـــدرٍ تـحـلــو عــزوبـــة فــارس
لــو فـاطــمٌ تُـفَّـاحَـهـا مــا اسـتُـؤكِــلا

وإذا أردتَ بـــذا الــــزواج عـــجــابـــــه
لـيـشـيــبَ رأسُــك أو تـقـوم مـولـــولا

خــذ هــذه مــنــي وأطــرقْ بـــرهـــة
واضـربْ بـرأسـكَ صـخـرةً كـي تَـعْـقِــلا

لـم فــاطــمٌ مـاتــت بـعــز شـبــابــهــا
بـطفـولـة الـحـسنـيـن .. لا لـم يَكْهَلا؟!

لـيـكـون حـيــدر وحــده الأولــى بــهـــا
إرثـا .. لـهـا مـن بــعــد طــه حـــصّـــلا

والإرث أورثـــــه إلــــــى أبـــنــــائـــــه
لا عـن طـريــق الأم جــاء تـسـلـســلا

أو لـيـس فـي هـذا دلائــل عــصــمــة
هـرمــيــة فــي الأولـــيـــاء تــنـقُّـــلا؟!

مــن أحـمـــد إرث لــفــاطــم بـــعـــده
فــــي حـــيـــدر .. بــولاء زوجٍ أُوكـــــلا

مـن ثــم فـي الـحـسـنـيـن ذاك تــدرّجٌ
مــثــل الــزواج الأمــر كــيــف تُــدُوِّلا؟!

لـــيــؤول كــل مــآلـــه فــــي حــيــدر
ويـسـلـســلُ الأبــنــاءَ يـصـنـعُ جــدولا

أو ليس ذا الـمـعـنـى الـعـميـق لكوثـر
أنّــا روى فِــعْـــلَ الــولايـــة أعــمــلا؟!

بالله هـلْ رحـمٌ سـيـنـجبُ فـي الـورى
الـحـسـنـيـن إلاَّ رحـم فـاطـم مـوئـلا؟!

ولــقــاحــه مــن حـــيـــدرٍ حـصـرا ومـا
فـي غـيـره بـالـطـهــر نـسـلٌ فُـــضّـــلا

مـاذا لـو الـحـسـنـان مـن صـلـب عــدا
صـلـب لـحـيـدر والـوصـيُّ اسـتـبــدلا؟!

أو أصـبـحــا مــن صـلـب حـيـدر وحــده
ولــفــاطــم مـن جــاءهـا مُــتَــبَـعِّــلا؟!

هل تـسـتقـيـمُ عرى الولاية في الورى
وتـكـونُ مـن نـسـل الـنـبـي تــأصُّــلا؟!

هل يـصبـحُ السبطان سبطيِّ الهدى؟!
وَمَـنْ الأسـاسُ تَـسـمِّـيـاً لـهـمـا جلا؟!

هــل فـاطــم؟َ! أم حـيـــدر إنْ يُـفـصَـلا
زوجـا لأسـمــاء الــقــداسـة مــثَّـــلا؟!

هـذي الـولايــة ثـانـي اثـنـيـن ارتـضـت
صَـهْـراً لـحـيـدر في الـبـتـول لِـيَـنْـسُـلا

والافــتــراقُ مــن الـمـحــالِ وقــصــدُهُ
أنْ نـــعــرف الــقــدر الـعـظــيـم تـــأوُّلا

سـل آيــة الـتـطـهـيــر: مـاذا نـفـعـهــا
دون اقــتــرانــهــمــا بـــطُـهــرٍ رُتّـــلا؟!

وسلْ الـتـبـاهـل والـكـسـاء بـحصرهـم
هل يـسـتـقـيـم الحصر إنْ فـرط الـولا؟!

إنْ تــرتــضـــي الــزهــراء بـعــلا غـيــره
فـي ولـدها هـل نـسـتـطـيـب تـوسُّلا؟!

هـل نــرتــضــي لــظــلامـة مــقــرونــة
بــالآل لـيـس عـلـيُّـهــا مــن غــربـــلا؟!

إنْ لـــم تــكــن زوجــا لـحـيـدر يــا تـرى
لأذى عــداهـا هــل نـطــيـق تـحـمُّـلا؟!

وهـل الــولايـــة فـي عـلـي شـبـهـهــا
فـي غــيــره مــنــها أذانــا قـــد حــلا؟!

عـــذرا تــجــوُّزتُ الــمـحــال لأنـــتــهـى
أنَّ الــــقِـــرانَ الأمـــرَ جـــاء مُــعـــلَّـــلا

بـل جـاء كـي تـضـع الـنـبـوة حـمـلـهـــا
مــهــراً لــه إذ كــــان حـــمــلا أثــقـــلا

لـولا أسـاسُ الـبـيـتِ .. بـيـتُ عـلـيّـهــا
ورحــىً لــفــاطــــمَ دُوِّرَتْ .. لـتـزلــــزلا

ولأصــبــح الـكــونُ الــمُـخِــفُّ بِـحِـمْـلِـهِ
مُـتـطـيِّــراً مــن شـرِّ مــا قـــد حُــمِّـــلا

إذ أنَّ تـــعــطــيــل الــزواج مـــحــالــــه
لــو كــان فـهـو إلــى الــولايـــة عَــطَّــلا

فالله كــونُ الــبــيــتِ فــاطــمَ حــيــدرا
والله كـــونُ الــرحــمِ نـــســلاً مـرســلا

والله زوّج فـــــاطــمــــا بـــعـــلـــيّــهـــا
إذ بـــارك الـمــخــتــار بــيـــتــا اُنْــحِــلا

وغــدا مـــظــلّـتــه وحــــارس وحــيـــه
نــادى بــجـبــريـل “تــجــبـرل” مُـدخَـلا

فالــبــيــت بـيــت الله إنْ لــــم تـــأتـــه
بـــالإذنِ مَـــنْ مَـلـكَ فــمـا لـــك خَــوَّلا

والـبـيـتُ يـعـرف لــهـفــة الـمـرتـــاد إنْ
مـلـكــاً بــوحـي أو ســؤول مـــا ســـلا

لــكــنْ نــظــام الإذنِ شــرط ودادهــــم
والاقــــتـــحــــام تَــعَــدِّيــاً وتــــدخُّــــلا

مـتـعـشـق جـبـريــل لــهــف جـنـاحــه
لـلـســاكـنــيــن بـــه .. ودهــرا ظـلّــلا

لـم يــدر هــذا الــبــيــت ظــلَّـل أمــــة
وأدارَ فُــلــكــاً والــســمــاوات الـــعـــلا

لــكــن عـلـيــه عــدا وأقــحـــم جـنــده
والــنــار أضــرمــهــا لــيــحــرق مـنــزلا

مــن كــان فــي أمـر الــولايــة جـاحــد
ويـرى بـبـيـت عـلــي عـرشــا فُــصِّـــلا

لابــد يـــهــــدم فـــيـــه ركــــن ولايــــة
كــي لا يــكــون الــبــيــــت رمــــزا أوَّلا

ويــفـيءُ حـجُّ الـنــاس يـخـلـفُ كـعـبــةً
هــي ركــن مــولــده الـذي قــد هـلَّــلا

لـيـطــاف بــيــت عـلـي يـغــدو دونــهــا
ويــحــج بــيــتــــاً لــلـــولا مـــا أســـدلا

شارك برأيك: