اِبـقُــرْ بـصـدري أو بِـغـلــفِ دفــاتــري
كـيـمـا أروِّي مــنــك سـيــرة شـاعــر
يـا بـاقــر الـعـلـم الـذي فـي حِـفْـظِـهِ
مــا بــي خُــزانَــتُــهُ بـقـلــبٍ عَــاكِــرِ
فـي لُـجَّـةِ الـصـدرِ الـهـمــومُ تـلاطـمٌ
وتــدافـــعٌ والــفــكــر غـفــوةُ ســـادرِ
بالله كـيــفَ حـمـلــتُ هـمّــاً هـائـجـاً
في جـنـبِ فـكـرٍ كالـمـريـضِ الخادرِ؟!
أيــكــونُ هــمٌّ مــسـتــبـــدٌّ جـــانـــحٌ
لا وِسْـعَ يُـعْـطِـي بُـرهــةً لـتـفـاكــرِ؟!
مِـنْ جـمـرة الـتـقـليـب فوق همومهـا
مـن ذا بـفـكـرتِــهِ أصـيــلُ مـشـاعـرِ؟!
والـلـحـمُ بـعـثـرةُ الشواءِ على اللظى
والـجـسـمُ كـتـلـتـه حـريــق مـجـامـرِ
ومشاهـدُ الأحـزان شـمَّـعـت الأسى
في الـعـيـنِ فهيَ ذُهُـولُ عين الباصـرِ
مـــن ذا يُــحَــامِـــلُ لـلــرزيـــة وازنـــا
ويــرى بــهــا مـيــزانَ عِــلـمٍ ذاخـــر؟!
ويـزيــح دمـعـتـهــا كـنُـصْــبٍ جَــامِـــدٍ
قــد عــادَ لـلـذكـرى بِـخَـطْــوِ الـعــابــرِ
لـــيــقــولَ: مـــا هـــذا أوان مــدامـــع
فــهــي الــظــلالُ الـداكـنـاتُ لـنــاظــرِ
وهـي العشى والعين تذهب بالعشى
بــغـمــامـــة مـــائـــيـــة كــســواتــــرِ
فـيـذيـبُ فـكـري مـاءُ عـيـنـي خـدعــةً
إنْ شـفَّ يـغـبـشـنـي كسحقِ الحافـرِ
هـذا الــذي بــالـعـلـمِ يـخــدرُ دَمْــعُـــهُ
لــفــواجــعٍ قـــد صُـــوِّرتْ ومَـــنَـــاكِــــرِ
هـذا الـذي فـي الـلـحـظِ يُـبـدِلُ جِـلْـدَهُ
لا عــن تــغــافُــلِ طـعـنــةٍ مــن غَـــادِرِ
أو عـنْ تـشـرُّبِ كـأسِ نـسيـان الأسى
إنْ كــانَ طـبــعُ الــحــزنِ أكـبــرُ قـاهــرِ
بـل كُـونُ سـمـتِ الـعـلـمِ صار وظـيـفـةً
شـربـتْ بـكـلِّ الـكـأسِ حُــزنَ الــذاكــر
كـــي لا تُــعــادَ رزيَّـــةٌ أســبـــابُـــهــــا
جــهــلٌ يُــنــابــتُ دِيـنَـهُ كَـــأظــــافــــرِ
كـي لا يـكــونَ الـدمـعُ شــاهـدَ زُورِهــا
والـــوزرُ أنَّ الـــزورَ دمـــعــــةُ مــــاكــــرِ
والـــوزرَ أنَّ الـــزورَ ديــــنٌ يُـــشْـــتَـــرى
وضـمـائــرٌ تـسـعــى بــوعــيٍ ضـــامـــرِ
والــــــوزرَ أنَّ الــــــزورَ قــــــرآنٌ لــــــــه
ضـدٌّ وَيُــشْــبِـهُــهُ بــحــرفِ الــظَّــاهــــرِ
يـتـلـوهُ هـــذا .. مِــنــهُ يُــخْــرِجُ حَــقَّـــهُ
وكــأنّـــهُ مُــلــكــيّـــةٌ بِـــمَـــســــاطــــرِ
وإذا تــــلاهُ الـــضـــدُّ قَـــــامَ مُــكَـــفِّــــراً
لا حُـــــكْـــــمَ إلاَّ لــــلإلـــه الــــزاجــــــرِِ
لا حُـكــــمَ إلاَّ لــلـــــذواتِ تَــــأَلَّــــهَــــتْ
وتــقــرأنـــتْ وتـنـطَّـقــتْ بـــمــحـــاضـــرِ
قـــرآنـــهـــا حــــرف ومــنـــه مـــدارهـــا
بـــعــبـــادة وصــلــيــلِ ســيــفٍ بَــاطِـــرِ
فـإذا الـحــروف تــدافــعـت فــي وجــهــه
الأمـــيُّ واجــهــهــا بــجــهــلِ مُـجَــاهــرِ
بــالـسّـلــة الــخــرقــاء حــيـث جـهـادهـا
الـقـشــري ألـبـســه لــثــوب مــهــاجـــر
ولــثـــوب قــطّــاع الـطــريــق كــمــائــنــا
للآمــنــيــن فــهـــم ضــحــايــا الــغــائـــرِ
والـــوزرَ أنَّ الــــزورَ طــــال مـــحــــمّــــداً
فــغــدا يُــرى حــصــرا بـعــقــل قـيــاصــرِ
يـــبــكــي لـــه الأمــوي دثــــر تــــراثــــه
يـسـتــنُّ مــنــه بــسـنّــة الــمـتـظــاهــرِ
والـفعـلُ مـا فـرض الـملـوك عـلـى الـورى
مـلـكـا عـضـوضـا ذات عـجــل الـسـامـري
ذهــب يــبــزُّ الــوحـي طــهـــر قــداســة
صـبَّ الـعـقـول بــشـكـل عــجــل خــائـــر
ومـــن الــخــوار أتــــى الـــبـــوار لأمـــــة
ذهـــب يــريـــق لــعــاب ذئـــب كـــاســر
فـيــحــيــلـــه بــالأمـــر طـــوع بــريــقـــه
ويـسـيــلُ زيــفَ الـوحــي نــاب مـحــابــرِ
اكــتــبْ لـــحــــاك الله قـــرآن الـــغــــوى
واجــعــل مـحـمــد رهــن مــاضٍ غــابـــرِ
وأمـط لــثـام الـحـكــم ديـــن مـلــوكـكــم
وحــي تــبـــرّز مــثــل شـــدق فَــــاغِـــرِ
الـــديـــن صـــنـــع أمـــيــة يــتــلـــو لـنــا
الــقــرآن وهـــو يــهــيــلُ تُــــربَ الــداثــرِ
لــم يـبــقَ مــن ذكـرِ الـنـبـيِّ مُــحــمَّـــدٍ
إلاَّ اســمــه طــويـــتْ جــمــيــع مــآثـــرِ
عِـــدْلُ الـــنـــبــوة مـــلـــك آل آمــــيــــة
والـــوحـــي يـــقــلــبُـــه رواة تــــــآمــــرِ
وإزاء قــــربــــى الآل حُـــبــــاًّ واجـــبـــــاً
جــاءوا بـطـاعـتـهــم كـشـرعِ عـسـاكـــرِ
مـنْ لا يــطــيـــع ولــيَّ أمـــر فـــاســـق
فـكـمــن عــصــا أمــرَ الـنـبـيِّ الـطـاهــرِ
قـد أسَّـسُـوا لـلـجـبـر فـي ديـن الـهـدى
والـقـهــرِ فــي حـكــمٍ بــشـرع جــرائـــرِ
وتــعــهــدُّوا الــتـكـفـيـرَ قـطــعَ رقــابِــنــا
بــالأمـــرِ مــن فــتـــوى فــقــيـــه داعــرِ
فـغــدا لـنــا ديـن الــمـلــوك مـنـافــســا
ديــن الـهــدى .. فــتـــوى بـأمــر الآمـــرِ
كـثـر الـخـروج عـلـى الـمـلـوك تـمـنّــعــا
عـن بـيـعــةِ الـمَـلِـكَ الـخـلـيـعِ الـفـاجــرِ
فــإذا بـفــتـوى الــقـوم يــخــرج قـاصــدا
عـن ديــنــه .. والـقـتـل حـكــم الـكـافــرِ
تـفـصـال حـكـم فـي الـحـسـيـن مخيطه
مـن قـبـل خـطِّ الـسـيـف وسـط مـنـاحـرِ
مـا يـجـعـل الــدمــع الـمُـسِـفَّ تـفـجُّـعــاً
لـمـصـابِ قـتـلـى الـطـف غـيـبــة حـاضـرِ
وأمــام زورِ الــــقـــوم وهـــــو مـــعـــبِّــــأٌ
عـقــلا وسـيـفـــاً فــيــه طــبــع مــبـــادر
لابـــدَّ يـــبـــرز عــلــم أربــاب الــحــجــى
ويــردَّ هــــذا الـــزور عـــلـــم الــبـــاقــــرِ
* * *
مـولاي أنــت عـلــى الـحـسـيـن مــولّـــه
قـلـبـــا ولا تــخــفــي لــزفــرة عـــاشـــر
حـاشـاك أنْ تـخـفــي الـدُّمُـوعَ تَـكَــيُّـفــاً
فـالـكــيـــفُ مــنـك مـشـبّــعٌ بــمـنــاظــرِ
إنْ كــنــتُ أجـتــرحُ الــتَّــكــيُّـــفَ فِــكْــرةً
فـي الـطـفِّ لا أنــسـى لأصــغـــر ثــائـــر
أنــا لــسُــتُ أُعـشـيـهــا عـيـونـا قـد رأتْ
جــدّاً صـريـعــاً تــحـــتَ رحــمــةِ حــافــرِ
أنـا لـســتُ أُعـشِـيـهــا عـيـونــا قــد رأت
حــرق الــخـبــا فــي دهــشـــة وَتَـفَــرُارِ
وتـــفــرُّ بــالأطـــفــال إنّـــك شـــاهـــــدٌ
سـبـي النساء .. وقـبـلُ عـظـم مــجــازرِ
طـبـعــت رزايــا الـطـف عـيـنـك سـيّــدي
طــفــلا فــمــــا جــــاءت بـــلــــون آخــر
الـــلــــون أحـــمـــرُ والـــرؤوس مــــداده
ورمـــاحـهــم قــلــم بــنـحـــر الــنــاحـــرِ
والـقـيـد فـي كــفـيـــك أو كــف الـنـســا
قــيــدُ الـتــأمُّــلِ بــعــد نــهــر الــنــاهــرِ
مــولاي إنّــــك كـــربـــلاءُ تــبـــرقــعــــتْ
فــكـراً تــغــطِّــي قــبــحَ ذَبْـــحٍ ســافـــرِ
لــكــنــنــي مــولاي أخــبــتُ وقـــدهـــا
خـوفـا يــكــون الــدمــع كـلــفــة نــاصــرِ
لـنـتــوه فــــي الأرزاء نــجــلـــد حـزنـهــا
بـالـحـزنِ حــدَّ الـعــجـز وســط مــقــابــرِ
مـــولاي إنّــــك فــــكـــــرةٌ ثـــــــوريَّـــــةٌ
لا لــســتَ تـــجــريـــداً لــعــلــمٍ نــافِـــرِ
مـن نــفـــرة زهـــد الـحــيــاة فــشـــاءه
عـلـم الــغـيـاب عــن الـمـصـاب الـفـائــرِ
تــنّــورُ عِــلْــمِــكَ ســـيِّــدي مـتــأجـــج
يكـوي عـقـول الـسـحـتِ خـبـث سـرائـر
لـيـصــحِّــحَ الـمـوبــوء مـــن أفــكـــارنـــا
إذ أنَّـهـا فـي الــطـــف سُــــمُّ بـــواتــــرِ
قـتـلـت حـسـيـنـا واسـتـفـاقــت بـعــده
فـــي دمــعـــة جــبــريــة بـــمــــعــــاذِرِ
وأردتــهــا دمــع الـــســـجــيـــة فــطــرة
لا فــعــل تــأنــيـــب وجـــبـــر خــواطـــرِ
فــأدرت غــائــلـــة الــعــقـــول هــدايـــة
ودرايـــــة لا فــــتـــــنــــــة بـــــدوائـــــرِ
والـقـصــدُ بــرٌّ بـالـحــســيـــن وجــرحــه
كــي لا يُــعــشِّــي الـــدمــــعُ أزرَ مُـؤازرِ
ونـعـيــد نــصــر حــســيــن لا زور بـــنـــا
أو دمــعــةٌ لــم تُـــجــلِِ حــيــرةَ حــائـــرِ