ومن أغراض أدب الموكب نعرج على البناء الشكلي لقصيدة الموكب. ويبدو لي بقصد أو من غير قصد هناك تشابه كبير بين قصائد الموكب والموشحات الأندلسية.
فالموشحات الأندلسية كان من أهم أسباب ظهورها الغناء، فغيرت من شكل القصيدة العربية، ومزجت بين العربي الفصيح وبين ما هو عامي، فأما الشكل فكان من أجزاء شكلهاالمطلع والغصن والسمط والدور والخرجة والقفل والبيت. وكذلك قصيدة الموكب تبدأ بالمستهل الذي يردده المعزون مع الرادود وهو يقابل المطلع في الموشحات، ثم يأتي المقطع الذي ينشده الرادود والمعزون يلطمون الصدر هذا المقطع يقابل الدور في الموشحات. وإذا كان الدور يتكون من الأسماط فهي الأشطر في المقطع إلا أنه في الموشحات السمط يكون قافية واحدة وفي المقطع من قصيدة الموكب ليس بالضرورة أن تكون قافية الشطر الأول واحدة بينما الشطر الثاني لابد أن تكون واحدة. وكذلك في قصيدة الموكب نهاية كل مقطع أبيات على وزن المستهل تعود بالمعزين إلى المستهل يرددونه هذه الأبيات تقابلها الخرجة أو القفل في الموشحات، ثم يبدأ بعدها الرادود بالمقطع الثاني وهكذا حتى ينتهي من قصيدته.
ولعمري لهذا تجديد في بناء شكل القصيدة العربية، خاصة في الإيقاع فإذا كانت الموشحات قد التزمت بشكل معين ومصطلحات خاصة بها، فقصيدة الموكب أعطت مساحة واسعة دون الالتزام بمثل ما ألزمت نفسها الموشحات. فمثلا الموشحات تتكون من أربعة أو خمسة أبيات أي من ثمانية أو عشرة أشطر، بينما المقطع في قصيدة الموكب لا يلتزم بعدد معين من الأبيات والأشطر.
كذلك القاسم المشترك بين الموشحات وقصيدة الموكب التنوع في القافية فتجد كل دور في الموشحات بقافية تختلف عن الدور الآخر وكذلك في قصيدة الموكب كل مقطع بقافية تختلف عن المقطع التالي.
والإيقاع في المستهل غالبا ما يكون إيقاعا خفيفا أو متوسطا حتى يسهل على المعزين ترديده، أما الإيقاع في المقاطع قد يكون خفيفا أو متوسطا أو طويلا، وقد يكون متنوعا أيضا. بحسب اللحن للقصيدة.
فهذا هو الشكل البنائي لقصيدة الموكب، والأهم أن المهندس لشكلها هو الايقاع. فهو المتحكم من خلال اللحن في رسم شكل القصيدة للموكب.