مدار الموت للشاعر سلمان عبد الحسين

عاشورائيات (5 -1)
معارضتي الخامسة

خالدة السيد حيدر الحلي

عـثـر الـدهـر ويـرجـو أن يـقـالا
تـربـت كـفـك مـن راج مـحــالا


مدار الموت
الشاعر سلمان عبد الحسين

سلمان عبد الحسين

لا تـقــلْ لــي والـمــدى أمـســى سُــؤالا
كـيـفَ تَـسْـتَـنْـبِـتُ فـي الـطـفِّ الـرجـالا؟!

وحـــســــيــــنٌ كَــــادحٌ فـــــي قِــــلَّـــــةٍ
أتُـــرى يَـــغْـــرِسُ فــي الــتُــربِ ظِـــلالا؟!

أم تُـــرى هـــل مـــن نَــصــيــرٍ صـــرخـــةٌ
تَـــرَكَـــتْ لـلــدهــرِ مَـــرسَـــاهـــا نَــــوالا

قِــيــلَ مــا مِــثْــلُ صِــحَــابِ الـطَّــفِّ مَــنْ
مـشـبـهٌ قَــامَــاتِــهِــم سَـمْـتــاً .. مِــثَــالا

ولــــهــــذا عَــــثِــــرَ الـــدَّهْـــــرُ بِــــهِــــمْ
أم عَـلَـيـهِـمْ عَــثِــرَ الــدَّهْــرُ .. فَـغَـالَــى؟!

فــي مُــحــالِ الــبَــذلِ حُـلْـمــاً جَــادَهُــمْ
صــفــوةً لـــم تَـــعـــرِفْ الـــبــذلَ مُــحــالا

لـــو غـــدا الــبــذلُ مُـــحــــالاً لانـــطـــووا
وإلـى الـحــربِ .. لـقـد قَـامُــوا كـسـالــى

لـــرأيـــتَ الـــغـــيـــظَ فــي أَعْــيُـــنِـــهِــمْ
وإذا مــــا طُـــلِــــبُــــوا زادُوا الـــــجِـــــدالا

وَلَـــقَــــالُــــوا كَــــثْـــرةٌ تَـــجْـــبَــــهُــــنَـــا
هِـيَ فـي مِـيْـزَانِــنَــا تَــعْــنِــي اخْــتِـــلالا

يَــجْــهَـــمُ الــوجــهُ لـــدى أَمْـــنَـــعِــهِـــمْ
فَـــمِـــنَ الــــقُــــدرةِ مــــا صـــالَ وجــــالا

وَمِـــنَ الـــقُـــدرَةِ أمـــســـى مُـــقْـــعَـــداً
مَـنْ مــشـى يـنـحـتُ بِـالـخـطـوِ الـجِـبَــالا

هُــــوَ ذا مِــــنْ عِــــلَــــلٍ مَــــوْصُـــوفَـــــةٍ
حــيـــثُ داءُ الــحـــربِ قـــد زادَ اعْــتِـــلالا

غــيـــرَ أَنَّ الـــقـــومَ مِــنْ بــابِ الــصَّــفَـــا
دخـلُــوا الــحــربَ .. لــهــم كـانـتْ وِصَــالا

وَعَـــلَـــىْ أَعْـــرَافِـــهــــا عُـــرْفَــــانُـــهُـــم
عُــــرِّفــــوا صـــرعـــى بَــــهَــــاءً وَجَــــلالا

عُـــرِّفُـــوا بِـــالـــشِّـــلْـــوِ لا أَوْجُـــهِـــهِـــمْ
كــلّــمـــا قـــد قُـــطِّـــعُـــوا زادُوا جَــمَـــالا

أيـــنَ كـــانــــوا مِـــنْ وُجُـــوهٍ فُـــرِّقــــتْ؟!
ثــم صــارُوا خــيــرةَ الــســبــطِ امْـتِــثَـــالا

بــــرزُوا لــلـــقـــتـــلِ عــــن مَــــعْــــرِفَـــةٍ
بَــعْـــدَمَــا قَــدْ كَــاشَــفُــوا الله تَــعَــالـــى

فَــــــأَراهُـــــــم جَـــــنَّـــــةً قَـــــــدَّرَهَــــــا
حُـظْــوَةَ الــسِّــبْــطِ وَمَــنْ لِـلـسِّـبْـطِ مَــالا

صَـــغُـــرَ الــجَــيْــشُ الــيَـــزِيْــدِيُّ .. غـــدا
لــســيـــوف ذُخّــرتْ مــنــهــم .. سِــــلالا

يــا حــصــادَ الــعُــمــرِ فـــي أَكْـــهَــلِــهِــم
وصــغــــيـــرُ الــــســــنِّ سَــــاوَاهُ غِــــلالا

قُـلـتَ حــربــاَ .. ضَــحِــكُــوا مِــنْ فَــأْلِــهــا
وســـيــــوفُ الـــقــــومِ زَادَتْـــهُـــم هِـــزَالا

يــا لــــهــــا مِــنْ قِــــلَّــــةٍ مُــــوقِـــــنَـــــةٍ
قَــدْرَ عِـــشْـــقٍ كــادَ أن يــغــدُو خَـــبَــــالا

شَــعْـــرَةٌ تَـــفْـــرُقُ جَـــمـــعـــاً مُـــؤمِــنــاً
عَــنْ رُعَـــاعٍ طَــلَــبُــوا الــوَصْــلَ فِـــصَـــالا

هُــــوَّةٌ مــــا بــــيــــنَ مَــــنْ بَـــــاعَ الـــوِلا
خَـــصْـــمَ فُــجْــرِ صــارَ خــتــلاً واخــتــيــالا

والــذي فــي صُــدفَــةِ الـــعِـــشـــقِ أتــى
لــحــســيــنٍ .. صــاحــبَ الــســبـــطَ زُلالا

ذاكَ فـــــي ذِمَّـــــتِـــــهِ بَـــــيْـــــعَــــتُـــــهُ
فَـــغَـــدَتْ يـــومَ الـــخُـــصُـــومـــاتِ وَبَــــالا

دوسَ صــدرٍ .. حـــرقَ خَـــدْرٍ .. سَـــلَــــبٌ
كــتــبُ الــعـــهــدِ الـتـي أوحـتْ فِــعَــالا؟!

أم نــفــوسٌ سَـكَــنَــتْ فِــيْ نَـــقْـــعِــهَـــا
فَـرَأتْ فِـيْ الـكَـوثَــرِ الــعَــذْبِ انْــتِــحَــالا؟!

وأرى مِـــــنْ قَــــدَرِ الــــلــــحـــظـــةِ مـــــا
وَهَــــبَ الـــعـــاشـــقَ غَــــوراً وَمَـــجَــــالا

لــم يــرَ الــســبــطَ سِــوى فــي كــربــــلا
والــفــدا مِــنْ صَــاحِــبٍ بـِـالــعُــمْــرِ طــالا

مَــنْ رأى فِــــيــــهِ غُــلُــــواًّ فـــي الــفِــدا
قــــالَ هـــذا تَـــرَف الــمَـــوتِ اســتــمــالا

وَهْـــــوَ مَـــــوْتٌ خَــــانِــــــقٌ مُـــــزْدَحِــــمٌ
حَــشْـرُهُ فــي سـاعــةِ الـذبــحِ اكْــتِـمَــالا

إنَّـــهــــا ظُـــهْـــرِيَّـــــةٌ مـــــن عَـــــاشِــــرٍ
زخـــمّـــتْ دهـــراً لــهـــا كــانَ انْــتِــحَـــالا

* * *

وقــفَ الـــقَـــاسِـــمُ فــي سَــطْــوَتِـــهــــا
فــغــدا فــي هَـــزَّةِ الــمَــوتِ احْـــتِـــمَــالا

إنَّـــهـــا الــحــربُ .. تَـــراجـــعْ يــا بُـــنَـــيْ
يــا صــغــيــرَ الــسِّــنِ ألَّــبْــتَ الــعِـــيَــــالا

قــال قــامُ الــســيــفِ سَـــاوَتْ قَــامَــتِــيْ
وَبِـــهَـــذا أَعْـــدِلُ الـــسَّـــيْـــفَ خِـــصَــــالا

فَــهْــــوَ مِـــنْ مُــتَّــكَــئٍ هــش ظَــلُــومــاً
وَكَــذا أَسْـــنَـــدَ لِــلْـــجِـــسْــمِ اعْـــتِـــدَالا

طَــالِــعِــيْ مِـنْ طَــالِــعِ الـحـربِ وذنــبِـــي
مِــنْ فَــتَــى قَــــرَّبَــهـــا نَـــحْـــوِيْ نِــــزَالا

لا فـــتـــى إلاَّ عــلــيٌّ بَـــعـــضُ حَـــظِّــيْ
حــاســمٌ هــذا الــنِّــدا يُـنـهِـي الـسِّـجَـالا

أنــا مِــنْ جَــذرِ عَــلِــيٍّ كَــونُ سَــيْــفِـــي
وأنــــــا فــــي كَــــونِــــهِ نَـــجْـــمٌ تَـــــلالا

أولا تَـــــأْذَنُ لِــــيْ يَـــــا ابــــنَ عَــــلِـــــيٍّ
بَــأَبِــي الـحَــسْـنَــيــنِ قَــدَّمْــتُ الـمِـثَــالا

أولا تَــــــأْذنُ لــــــي .. أوَّلُ سِـــــــبْــــــــطٍ
والـــديْ .. يـــا ذا الأخِ الــمَــهْــمُــومِ حـــالا

أنَــا عَـنْ شَــغْــرِ أَبِـي فــي الـطَّـفِّ نَــصْــراً
لــكَ فَــالــمَــسْـمُـومُ مــا أخــلــى الـرِّحَـالا

هُــوَ أَبْــقَــانِــيْ لــهـــذا الـــيَـــومِ حَــصْـــراً
إنْ تــعـــدّى فِــيْـــكَ صــرّمـــتُ الــحِــبَـــالا

أنــتَ حــــبـــلُ الله أَمْـــسَــكْــــتُ لأنِّـــــي
فَــتْــلَــةُ الــحَــبْــلِ الــذي صَــاغَ الــعِـقَــالا

فَـاعْـتَــقِــلْــنِــي نُــصــرةً تَـفْـلُــتُ رُوحِـــي
قَــبْــلَ أنْ يَـــفْـــلِـــتَ حَــبْـــلٌ يَـــتَــوَالَـــىْ

أَذِنَ الــسِّــبــطُ لَــهُ والـــعـــيـــنُ أَقْــصَـــىْ
جــيــشِ أعــــداهُ الـــذي أردى الــخَــيَـــالا

كَــيــفَ والـــبـــادي جَــمَـــالٌ حَــسَـــنَــيٌّ
لاحــتــواش الـنـصـلِ قَـدْ أَعْـمَـى الـنِّـصَـالا

فَـغَـدَتْ فــي الـفَـتْـكِ كَـالـسُّـحْـتِ حَـرامــاً
تَــنْــهَـــشُ الــجِــســمَ لــهــا صَــارَ حَــلالا

آهِ مِــنْ شِــسْــعٍ لِــنَــعْــلَــيْــهِ احْــتِــرَابـــاً
حـيـنَ لاقى الـسَّـيْـفُ فـي الـفَـتْـكِ النِّعَـالا

كــانَ فــي الـجَـمــعِ فَــتــىً يُــردِيْ رِجَــالاً
قَـــدِمَـــتْ لِــلْــحَـــرْبِ بُـــغْــضـــاً وَضَــــلالا

بــــعـــــضُ أشــبـــاحِ خَـــيـــالٍ وَهِـــمُــــوا
هَـــرَبُــــوا مِــــنْــــهــــا قِــــراعــــاً وَصِــلالا

إنْ يُـــثَـــارُ الــنَّــقْـــعُ لا مِــنْ خَــيْــلِــهِـــمْ
بل رؤوس حـــيــــنــمــــا دُسَّـــتْ رِمَـــــالا

غــــيــــرَ أنَّ الــــقَـــــادِمَ الــــغَــــضَّ بَــــدا
مُــقْـــمـــراً قَـــوَّسَ لــلـــســـيـــفِ هِـــلالا

إنَّــــهُ الـــــقَــــاسِــــمُ مــــن أَنْـــــكَــــــرَهُ
زادَهُ الــنَّـــقْـــعُ مِــنَ الــرَّمْـــدِ اكْــتِــحَـــالا

جَــحَــظُــوا الأَعْــــيُــــنَ مِـــنْ مُـــغْـــبَـــرَّة
إذ أضـــاءَ الــحــربَ والــشــمــــسَ أقــــالا

فــــــإذا الـــنــــعَّــــام ذئـــــب كــــامـــــن
بــسـيـوف الـخـسـف والـرأس اسـتـطــالا

مــذ بـــدا يـــخـــصـــف نـــعـــلا بــعــدمــا
نـــال مـــنـــهــم ســيــفــه فــتــكــاً دلالا

كـــبــر الــجــبــن مــع الــخـــتــل عــلــى
قــتــلــة الــغــيــلــة طــبـعــا واغــتــيـــالا

وعــلــــى الــــرأس الــــذي ذعَّــــرهــــم
سـيـف مـعـلـون هـوى والـشـهــدُ ســالا

عــســل مــوتــك يــا ابــن الــمـجـتـبــى
أجـل سـبـط الـمـصطفـى حتى الثمالـى

شارك برأيك: