ميزان الحسينْ للشاعر سلمان عبد الحسين

عاشورائيات (1-6)
معارضتي السادسة

خالدة السيد جعفر الحلي

أدرك تِــراتَــكَ أيُّــهَــا الــمَـــوْتُــــورُ
فَــلَــكُــمْ بِــكُــلِّ يَــدٍ دَمٌ مَــهْــدُورِ


ميزان الحسينْ
الشاعر سلمان عبد الحسين

سلمان عبد الحسين

قَـلـبِـي عـلـى قَـلْـبِ الـحُـسَـيْـنِ ضَـمِـيْـرُ
لَـــمَّـــا يُــهـــاجُ وخَـــاطِـــرٌ مَـــكْـــسُــــورُ

هـذا الـفـؤادُ بــه الـوداعــةُ .. بِــــئْــــرُهــا
صـــافٍ .. فـــلا نـــكـــدٌ ولا تَـــعْـــكِـــيْــــرُ

حـتـى وحــربُ الـقــومِ تــســعــرُ عِــنــدَهُ
هُــــوَ مُــطْـــمَــئِــنٌّ والـــجِــــراحُ نُـــفُـــورُ

هُــوَ وادِعٌ يـــبــكـــي عــلــى أصــحــابِــهِ
والـــدمـــعُ فــي وزنِ الـــصِّـــحَــابِ وَقُــورُ

حُــزْنُ الــتَّــهَــادِيْ والــتَّـــوالِــيْ فَــقْـــدُهُ
مَــــا ثَـــارَ كَـــيْ لا يُـــشْــعَــلَ الــتَّــنُّـــورُ

الـــحَـــرْبُ رَابِـــضَـــةٌ عـــلـــى أَشَــلائِـــهِ
مَـبـضُـوعــةً بـالــســيــفِ وَهْــوَ جَــسُــورُ

وَيُـدِيــرُ هَــذِي الــحَــربَ مُـنْـتَـقَـصــاً مِــنَ
الأطــرافِ والأطــــرافُ مِـــنْـــهُ تَـــطِـــيـــرُ

لـمَّـا يُـــوازنُ كُــتــلـــةَ الــمَـــوتِ الـــتــي
أَبْــقَـــتْ عَــلَــيْــهِ كَــمَــا عَــلَــيْـــهِ تَــدُورُ

أَخَـــذَتْ لِــصُــحْــبَــتِــهِ كـــأوَّلِ دُفْــــعَــــةٍ
خَــــفَّـــتْ مَـــوَازِيــــنٌ وَحَـــانَ ضُــــمُــــورُ

يَـــا كَـــفْـــتَــــيْ مِــيْـــزَانِـــهِ فِـــيْ آلِــــهِ
وَصِـحَـابِـــهِ .. فِـيْ الــعَـــدْلَ أُحْــرِزَ جَـــورُ

هــا كَـفَّــةُ الـصُّـحْـبِ الـثَّـقِـيْـلَــةِ أُفْـرِغَــتْ
مِــنْ يُـصْـلِــحْ الــمِـيْــزَانَ وَهْــوَ عَــثِــيْــرُ؟!

لا يُــصْـــلِـــحُ الـــمـــيــــزانَ إلا أنْ نَـــــرَىْ
الــثَّــقَــلِــيْــنَ لا صُــغْـــرٌ ولا تَــكْـــبِـــيْــــرُ

فَــلْــيَـــأْتِ أحـــمـــدُ والــوصــيُّ بِــكَــفَّــةٍ
ومـكــانَ صُــحْـبِــيَ لــلــكــتــابِ حُــضُــورُ

سَــيُـعَــادُ مِــيْــزَانِـيْ لِــسَـابِــقِ عَــهْــدِهِ
وَمَـكَــانَ مَـــنْ يَـــفْـــدِيْ أَتَـــىْ نِــحْــرِيْــرُ

حـــتَّـــى إذا لَــمْ يَـــبْـــقَ مِـــنَّـــا ســيِّــدٌ
فَــلَــنَــا بِـــطَـــهَ والـــوَصِـــيِّ شُــــغُـــــورُ

وَلَـــنَـــا مَــعَ الــسَّــجَّــادِ وَصـــلُ أَمَــانَــــةٍ
لِـتَــصَــاحُــبِ الـثَّــقَــلَــيْــنِ فَــهْــوَ عُــبُــورُ

* * *

لــكــنْ أراكَ وَأَحْــتَــسِــيْـــكَ مَــدَامِـــعــــاً
يُــخْـشَـىْ الـذي فـي الـنَّـائِـبَــاتِ صَــبُــورُ

أَحْــسُــوكَ فـي دمــعِ الـعـلـيـمِ تَــلَـطُّـفــاً
فَــأَمَــامَ ثَـكْــلِــكَ يَــسْـهُــلُ الــتَّــفْــجِـيْــرُ

وَأَمَــــامَ أَثْــــقَــــالٍ كَـــأَكْــــبَــــرِكَ الـــذِيْ
فِـيْ الــثِّـقْــلِ ثَــالُـوثُ الــوُجُـــودِ يَــصِــيْــرُ

أخـشـى عـلـيـكَ الــفـقــدَ فـهـو مُـثَــلَّــثٌ
ســهـمُ الــثـــلاثِ لِــجُــرْحِــهِ تَــصْــغِــيْـــرُ

ثَــالُـوثُــهُ فـي الــذاتِ مِـــنْ مُـــتَـــشَــبِّــهٍ
مُــتَــعَــيِّــنٍ فــي الأَصْــلِ وَهْــوَ جَـــدِيــــرُ

سَـحَـبَ الــنَــبِــيَّ مَــعَ الــوَصِـيِّ لِــذَاتِـــهِ
وبــذاكَ قُــرِّرَ فــي الــشَّــبِــيْــهِ مَــصِــيْـــرُ

أحـضـرتَ فـي الـمـيـزانِ أحـمـدَ .. حـيــدراً
كَـــيْـــمَـــا تَـــجُـــودَ بِـــأَكْـــبَـــرٍ وَتَـــمُــــورُ

وَكَــــــــــــأنَّ لا جُــــــــوداً بِـــــــــــهِ إلاَّ إِذَا
حَــضَــرَا .. فَـشِـبْـهُـهُـمَــا هُــوَ الـمَــغْــدُورُ

صِــفَـــةُ الـــحُــضُـــورِ شَـــهَــادَةٌ وَوِفَــــادَةٌ
حـيـثُ الـحُـلُـولُ إلـى الـعَـطِـيْــشِ نَـمِـيْـــرُ

صِــفَــةُ الــحُــضُـــورِ لِـجـبــرِ كَـسْـرِ فُــؤادِهِ
كُـسِــرَ الـحُـسَـيْــنُ .. أَجَــبْــرُهُ مَــقْــدُورُ؟!

إنْ قــلـــتَ: بــالإِمْـكــانِ فــانــظــرْ حَـيــدراً
وانــظــرْ لِــطَـــهَ .. فَــالــجَــبِــيـــرُ خَــرِيـــرُ

هَــطــلا دُمُــوعــاً فَــوْقَ تُـــرْبَـــةِ كَـــرْبـــلا
فُــهُــمــا وُجُـــوداً مَــدْمَــعـــاً تَــفْــسِــيْـــرُ

* * *

ولـقـد دعـا السبطُ الـشهيـدُ عـلـى الألـى
قــتــلُــوا فَــتَــاهُ .. وَأُسْــقِــطَ الــمَــحْــذُورُ

لــمَّــا رأى خَــسْــفَ الــجَـمَــالِ بِـوَجْـهِـــهِ
والـجِــسْــمَ بَـعْـثَــرَ شِـلْـوَهُ الــتَّــنْــشِـيــرُ

خَـسَـفُـوا مُـحَـمَّــدَ فِـيْ الـوَصَـيِّ بِـأَكْـبَـــرٍ
بِـمَـلامِــحٍ هِــيَ فـي الـخُـسُــوفِ نَــذِيـــرُ

خَــسَـفُـــوهُ حَـتَّـى زَاغَ مِــنْــهُ جَــمَــالُـــهُ
عــيــنُ الـجَـمَــالِ بِـخَـسْـفِـهِـمْ تَــحْــوِيـــرُ

فـإذا دعـا قُـلـبُ الـحُـسَـيْـنِ عـلـى الـعِــدَا
أَوَ يَــسْــهُــلُ الإِمْــسَـــاكُ والـــتَّــدثِــيْــرُ؟!

كَــانَــتْ دُمُــوعُ الـــسِّــبْــطِ تُــؤْلِــمُ جَـــدَّهُ
والــيـــومَ مَــفْــجُــوعٌ .. فَــمَـنْ مَــعْــذُورُ؟!

لا عَـــذْرَ إلاَّ الــــنَّــــوْحُ دُونَ سَــكَــيْــــنَـــةٍ
مَـــنْ سَـــاكَـــنَ الأَعْـــدَاءَ ذا مَـــقْـــمُــــورُ

وحـسـيـنُ فـي وَطَــنِ الـظَّـلِـيْـمَـةِ كـربــلا
مُـــتَـــسَــــاكِــــنٌ لَــكِـــنَّـــهُ مَـــجْـــبُــــورُ

جَــبْـــراً يُـــرابِـــحُ بِــالـــنُّـــجُــومِ عَــوَافِـــراً
رُبْـــحُ الــخَــسَــارَةِ والــعِــدَا الــتَّـخْـسِـيــرُ

* * *

آه لَـــــهُ مـــــذ جَــــاءَ يَـــطْـــلِـــبُ إِذْنَـــــهُ
ذاكَ الــعَـــلِـــيُّ وَيَـــصْــعُـــبُ الــتَّــأخِــيْــرُ

لـكـنْ عُـيـونُ الــلَّــحْــظِ تَــطْـلِـبُ نَـهْـمَـهَــا
قَــبْــلَ الــبِـــدَارِ .. تَـــدُورُ حَـــيْـــثُ يَــــدُورُ

نـَادَتْــهُ زيـنـبُ .. فـامـشِ مَـشَـيْـةَ أَحْــمَــدٍ
هـــذا وَدَاعُ الـــحَـــربِ مِــــنــــهُ نَـــفِـــيْـــرُ

فـمـشـى وأودعَ فــي الـنُّـفُـوسِ جَـمَـالَـــهُ
وَعَـلَـىْ الـسُّـيُــوفِ فَـيَـصْـعُــبُ الـتَّـصْـوِيْـــرُ

هِــيَ شَـوْهَــةُ الــوَجْــهِ الـنَّـبِـيِّ وَحَـتْـفُــهُ
وَفَــضَـــاؤُهُ الــمَــطْــلُـــوبُ والـــمَـــنْــظُـــورُ

* * *

نَــادى أَبِــيْ قَــبْـلَ الـطِّـعْـانِ ألا اسْـقِـنِــي
شَــفَـــتِـــيْ يَــبَــاسٌ والــفُــؤادُ سَــعِــيْـــرُ

والـكَــوْثَــرُ الــنَّــامِـيْ لأَحْــمَــدَ .. حَـــيْـــدرٍ
فِـــيْ دَاخِــلِــيْ هُـــوَ كَــوْثَــرٌ مَــسْــجُــــورُ

أو لستُ في الشَّبَهِ الـطِّـبَـاقَ عَـلَـيٍـهِـمَـا؟!
لِـــمَ كَـــوْثَـــرِيْ مُـــتَــعَــطِّـــلٌ مَــهْــجُــورُ؟!

نَـــادى .. فَـــقَـــلْــبُــكَ والــصِّــلالُ حَــــرَارَةً
وكـــــذا دِمَــــــاؤُكَ كَــــوْثَـــــرٌ مَــــهْــــــدُورُ

هِـيْ مَـنْ تُـجِـيـزُ الـفَـتْـحَ وَالـسُّـقْـيَـا مَـعـــاً
فـاذهــبْ مُـحَـمَّـدُ فِـيْ الــسُّـيُــوفِ قَــرِيْــرُ

وأنـا بِــكَ الــمَــفْــجُـوعُ أَشْـهَـدُ خَـسْـفَـكُـمُ
وَعَــمُـــودُ خَــيْــمَــتِـــيَ الـــسِّـنَـــادِ ذَعُــورُ

مــا أوضــحَ الــرُّؤيـــا وَخَــسْـــفُــكَ غَــبْـــرَةٌ
نَـقْـعُ الــسُّـيُــوفِ .. وَأَنْــتَ أَنْــتَ هَـــصُـــورُ

أُعْـطِـيـتُ عـيـنَ الـصَّقـرِ كُحْلِيَ في المـدى
تِــفْــصَــالُ ذَبْــحِــكَ إذ عَـــمَـــاكَ صُـــقـــورُ

والــصــقــرُ مُــنــقَــضٌّ إذا فَـــتَـــكَ الــعِـــدَا
مُـــتَــــفَــــرِّجٌ وَجَـــنَــــاحُــــهُ مَـــحْـــظُـــورُ

وأراكَ تَـــحْــطِــمُــهُــم كَـــجَــدِّكَ حَـــيْـــدراً
يــا ذا الــفــتــى والــجَــدِّ .. فــاضَ شُـعُــورُ

زَهْــــوٌ عــلـــى حَـــذَرٍ وَغِـــبْـــطَـــةُ وَالِــــدٍ
والــيَـــومَ صَـــعْـــبٌ يَــنْــفَـــعُ الــتَّــحْــذِيْـــرُ

إنّـــي أرى الــعَـــبْـــدِيَّ غُــــولُ غَــــوَائِــــلٍ
وأراكَ رُغْـــــمَ فِـــــرَاسَـــــةٍ عُــــصْـــفُـــــورُ

بـالـثَّـكــلِ أَقــسـمَ لــيــتَ تُـــثــكَــلُ أُمُّــــهُ
فـــي يـــــومِ مَـــولِـــدِهِ بِــــهِ فَــــيَــــغُــــورُ

نُـــورُ الـــنُّـــبُـــوَّةِ والإِمَـــامَـــةِ مُـــقْــــبِــــلٌ
والـــوَجْـــهُ مِـــنْـــهُ بِـــمَـــقْــعِـــهِ دَيْــجُـــورُ

وجـمـالُ وَجْـهِـكَ مـا يُـهِـيــجُ سُــيُــوفَــهُــمْ
لِـلْـفَـتْـكِ .. كــم هــذا الـجـمــالُ خَـطِـيــرُ؟!

هَــا قَــدْ قَــرُبْــتَ إِلَــيــهِ .. سَـدَّدَ طَــعْــنَــةً
مَـنْ ذا إلـــيــكَ أَيَــــا عَـــلِـــيُّ يُـــجِـــيْـــرُ؟!

وَدِمَــاكَ شَــمْــعُ الــخَــيْـلِ وَسْـطَ عُـيُـونِـهـا
والـسَّـيـرُ عَـكْـسَ الـسَّـيـرِ .. شـاءَ ضَــرِيـــرُ

وَيُــقَــالُ لا حَــــرَجٌ عَــلَــىْ الأَعْـــمَــــى إذا
ضَــلَّ الــطَّــرِيـــقَ وَعَــاقَـــهُ الــتَّــبْــصِــيْـــرُ

لَــكِــنَّــمــا الـخَـيــلُ الــمُــشَــمَّــعِ بِـالـدِّمَــا
لِــجَــمَـــالِ رَاكِــبِـــهِ الــبَـــصِــيْـــرِ بَــصِــيْــرُ

أَوَ كَـانَ يَــحْــتَــرِفُ الـعــمــى لِـخُـسُـوفِــهِ؟!
فـالـشَّـمْــعُ لَـيْــسَ قَــبِــيْـلُــهُ الــدَّيْـــجُـــورُ

حـالُ الـتَّــصَـاحُــبِ فِــيْ الـمَـصَـائِـبِ وَاحِــدٌ
والــمُــهْــرُ مـَـطْــبُــوعٌ .. فَـأَيــنَ يَــسَــيْــرُ؟!

نَـــحْـــوَ الـــعِـــدا .. الله مِـــنْ جَــورِ الــعِـــدَا
مِـــنْ فَـــتْــكِــهِــمْ .. وَمُــحَــمَّـــدٌ مُـــغْـــدُورُ

الله مُـــحْـــتَــــوَشَ الـــسُّــيُـــوفِ .. تُــراهُ ذا
اِبْــــنِـــي .. وَكُــلُّ جَــمَــالِــــهُ مَـــعْـــفُــــورُ

إنْ كُـنْــتُ قَــدْ مَــدَّدْتُ جِــسْــمِــيَ عِــنْــدَهُ
أدركــتُ قَــسْــراً كَــيْــفَ يُـطْـفَـىْ الــنُّـــورُ؟!

شارك برأيك: