لو جئت للشاعر سلمان عبد الحسين

لَـوْ جِـئْـتَ تَـحْـلُـمُ بِـالـحُـسَـيْـنِ وَثَــأْرِهِ
لَــعَــلاكَ حَــافِــرُنَــا وَكُــنَــتَ كَـصَــدْرِهِ

يَــا أَيُّــهَــا الــمُــخْــتَــارُ ثَــــأْرُكَ بَــاذِخٌ
تَــرَفٌ لَــنَــا .. نَــحْــيَــا بِـأَفْـقَــرِ وِفْـــرِهِ

بِــكَ مِــنْ عَــلِــيٍّ غُـرْبَــةٌ مَـجْـبُـوْلَـــةٌ
ألاَّ تَــــرَىْ إلاَّهُ مُـــتْـــعِــــبَ صَـــبْــــرِهِ

وَلِـسَـيْـفِـهِ احْـتَـشَـدَتْ غِوَايَةُ خَـوْفِـنَـا
عَشِقَـتْ لِنَصْلِ السَّيْفِ سَاعَةَ كَسْـرِهِ

وَتَــدَلَّـتْ الأَغْـمَــادُ .. بـعـضُ كُـرُومِـنَــا
لِـعَــدَوِّنَـا .. غِـمْـدُ الـقِـطَــافِ بِـجُـحْـرِهِ

فَـلِــمَ الـعَــدُوُّ يَـخَـافُ بَــأْسـاً مُـغْـمَـداً
والـسَّـيْــفَ مَـتْـرُوكـاً لِـمُـصْـلَـتِ قَـبْـرِهِ

يَـا حِـيْـرَةَ الـمُـخْـتَــارِ جِـئْـتُ مُـفَـاتِـحـاً
لِـلـثَّـائِــرِ الــمُـحْـتَــارِ حَــيْــرَةَ عَــصْــرِهِ

كُـنْ عَـقْـلَ سَـيَّــاسٍ وَقَـامِـــرْ بُــرْهَــةً
فَــزَمَــانُــكَ الــمَــوْسُـومُ فَــاتِ بِـنِــزْرِهِ

لَـوْ كُـنْـتَ مُـنْـقَـدِحــاً لِـكُــلِّ عُـصُـورِنَــا
لَـغَــدْوتَ مَـسْـجُـونــاً يَــنُــوءُ بِــأَسْــرِهِ

وَلَــكُــنْــتَ مَـهْـجُـوسـاً يُـصَــارِعُ ثَـــأْرَهُ
ألاَّ يُــبِــيْــحَ سِــوَىْ صُــبَــابَــةَ سُـكْـرِهِ

وَلَـمَـا رَأَيْـتَ دَمْ الـحُـسَـيْــنِ مُـعَـلَّـقــاً
بِـقَـوَامِ سَـيْـفِـكَ وَهْـوَ طَـالِـبُ غَــيْـــرِهِ

لَـرَأَيْـتَ شَـمْـعــاً أَحْـمَــراً مُـتَـقَـيِّــحــاً
نَـادَىْ بِــسَـيْـفِــكَ لا تَـقُـمْ فِـيْ وِتْــرِهِ

* * *

مَـوْلايَ خُـذْ مِـنِّـيْ تَـهَـيُّـبَ مَـشْهَـدِيْ
ألاَّ أَرَاكَ مُـــكَـــرَّراً فِــــيْ قَـــــسْـــــرهِ

فَــلأَنْـــتَ وَاحَـــدُ فُــرْصـَــةٍ قَــــدَرِيِّــــةٍ
مَــا أَتْــرَعَــتْ فِـيْــنَــا لَــيَــالِــيْ قَــدْرِهِ

وَلَأَنْـتَ لَـوْ شُـبِّـهْـتَ فِـيْـنَـا نَـشْـتَـهِــيْ
صَـلْـبـاً إِلَـيْـكَ .. فَــيَــا رُفِــعْــتَ بِــإِثْــرِهِ

لَكَ في الحُسَيْنِ عَلامَـةٌ قَـدْ أَكْـمَـلَــتْ
لِـلــثَّــأْرِ إِذْ أَصْــبَــحْــتَ آيَـــةَ حَـــصْــرِهِ

وَلـــنَــا بِــثَــأْرٍ قَـــدْ رَكَــبْــنَــا مَــهْــــرَهُ
أنْ نَـدْفَــعَ الأَغْـلَــىْ بِـخُـطْـبَـةِ مَـهْـــرِهِ

بَـرَكَ الـحِـصَـانُ وَقَـامَ فُـرْسَـانُ الـوَغَـىْ
يَـتَـنَـطَّـعُــوْنَ عَـلَـىْ مَــثَــالِــبِ عُـــذْرِهِ

فَــإِذَا تَــنَــكَّــبَـتْ الــخُــيُـولُ لِــفَــارِسٍ
مِـنْ أَيْـنَ لِـلْـمُـخْـتَــارِ جِـئْــتَ بِــوِزْرِهِ؟!

إِنَّ الـصَّـهِـيْـلَ هُـوَ انْسِلاخَاتُ الـصَّـدَىْ
إِنْ كَـانَ شَـرْطَ الـصَّـهْـلِ مَطْلَـبُ أَجْـرِهِ

لا تُــؤْجَــرُ الــثُّــوْرَاتُ قَــدْرَ صُــرَاخِــهَــا
بِـلْ قَـدْرَ وَخْـزِ الـشَّـوْكِ أَجْـمَـلَ زَهْـــرِهِ

وَالـزَّهْـرُ لا مَـا قَـامَ مُـنْـكَـشِـفـاً عَـلَـىْ
كُـلِّ الـوُجُـوهِ سِـوَىْ بِـفَـوْحَــةِ عِـطْــرِهِ

* * *

مُــخْـتَــارُ أَيُّ مَــتَــابَــةٍ صُـنِـعَــتْ لَـنَــا
فَـغَـدَوْتَ تَــهْـجُــو نَــدْبَـهَــا فِـيْ جَـبْـرِهِ

وَالـــكُـــلُّ مُـــخْـــتَــــارٌ إِلَــــىْ أَقْــدَارِهِ
حَــتَّــىْ وَلَــوْ سَـهْــواً خَـطَـايَــا عَـثْــرِهِ

أو مـا تـخـيـرت الـحـسـيـن فـكـنــتـــه
ثـــأرا وفــيــت لـــه بــكــامــل نــذره؟!

مَــا كُـنْـتَ تَــوَّابـــاً وَلَــكِــنْ طَـــالِـــبــاً
لِــلــثَّــأْرِ يَــحْــمِــلُ تَــوْبَــةً فِــيْ بِـــرِّهِ

مَــا كُــنْــتَ نَــدَّابــاً وَلَــكِــنْ مُـصْـلَـتــاً
فَـالـدَّمْـعُ يُـغْـرِقُ ثَــائِــراً فِــيْ بَــحْـــرِهِ

الـــبَــعْـــضُ نَـــدَّابٌ بِـــدُونِ مَــتَـــابَـــةٍ
هَـــذَا أَجِـيْـــرُ الــصَّــوْتِ جَــاءَ لِـتِــبْــرِهِ

وَالــبَــعْــضُ تَـــوَّابٌ لِــيُــزْهِــقَ رُوْحَـــهُ
هَــذَا عَــلَــىْ قَـبْــرِ الـمَـتَـابِ لِـحَـفْــرِهِ

وَالـبَـعْـضُ حِـيْـنَ الـنَّـدْبِ يَخْفِضُ صَوْتَـهُ
وَإِذْ الــمَــتَــابُ فَــوِزْرُهُ فِـــيْ طُـــهْـــرِهِ

مُــتَــرَفِّــعٌ بِــالــكِــبْــرِ عَـنْ أَحْــلامِــنَــا
وَإِذَا أَتَـــتْ كَـــانَ الــجَـمِــيْــعُ بِــأَمْـــرِهِ

مُـتَـحَـصِّــنٌ بِــالــخَــوْفِ عَـنْ إِقْـدَامِـنَــا
فَـــإِذَا فَــتَــحْــنَــا قَــالَ آيَــــةَ نَـــصْــرِهِ

عَـنْ أَيِّـهِـمْ مُـخْـتَـارُ تَـبْـحَـثُ كَـيْ تَــرَىْ
ثَـأْرَ الـحُـسَـيْـنِ قِـطَـافُــهُ مِـنْ نَـحْــرِهِ؟!

إنّـا مِـنْ الـفُـرَصِ الـمُـضَـاعَـةِ .. ذَنْـبُـنَـا
مَـنْ يَـحْـتَـفِـيْ هَـدَفـاً بِـلَـحْـظَـةِ هَـدْرِهِ

دَومـاً تُـصِـيْـبُ بِــهِ نُـبُـوَءاتُ الــعَــمَـــىْ
مَــا صَــوَّبَــتْ إِلاَّ بِــمُــعْــتِـــمِ فِـــكْـــرِهِ

وَيَــرُوْغُ مِـــنْ أَقْــــدَامِ ثَـــأْرٍ كُــبِّــلَــــتْ
فَـيُـقَــالُ هَــذَا الــقَـيْـدُ لَـيْـسَ بِـقَـــدْرِهِ

هُــوَ سَــيِّــدُ الــرَّوَغَــانٍ دُوْنَ تَـــعِــلَّـــةٍ
فَـيَـكُـونُ مُـخْـتَــاراً بِـسَـاعَـــةِ قَـــهْـــرِهِ

وَيَــكُــوْنُ مَـحْـجُـوبــاً كَــبَــدْرِ تَـمَــامِـنَــا
مَـنْ قَــالَ أَنَّ الـــبَـــدْرَ ظَــاهِــرُ بَــدْرِهِ؟!

الــبَــدْرُ يَــمْـتَــشِـقُ الـغِـيَــابَ تَـوَسُّــلاً
وَيَــــكُـــونُ فِـــيْ قَــبْــوٍ يُـــتِــمُّ لِـنُـــوْرِهِ

فَـمَـتَـىْ نَــوَىْ أَقْـمَــارُ تُــمٍّ أُجْــهِـضَــتْ
مَـا لَــمْ يَــقُــمْ قَــدْ دُثِّــرَتْ فِـيْ حِـجْـرِهِ

وَمَتَـىْ نَوَىْ .. حَـمَـلَ الـغِـيَـابَ بِـكَـتْـفِـهِ
وَأَجَــابِ .. إِنِّــيْ حَــاضِــرٌ فِـــيْ سِــــرِّهِ

وَرَمَــىْ مِـــنَ الأَحْـمَـالِ أَثْــقَــلَــهَـــا أَلا
هَـذَا الـمُـخِـفُّ يَــخِــفُّ كَـامِــلَ عُـمْـــرِهِ

هَـذَا غَـرِيْـمُـكَ أَيُّــهَــا الــمُــخْــتَــارُ قَـــدْ
حَـمَـلَ الـحَـصَـانَــةَ مِــنْ ضَــحَـايَـا دَثْــرِهِ

أَوَ أَنْـــتَ تَـــقْــوَىْ جَــبْــهَــهُ وَبِــدِيْــنِـــهِ
يُـدْمِـيْـكَ بَــاذِخُ يُــسْــرِهِ فِـيْ عُـسْـرِهِ؟!

مَـا أَنْـتَ وَ”الـتَّـابُـو” وَكُـشْــفُ طَـلاسِــمٍ
يَـــا أَيُّـهَــا الـسَّـيَّــاسُ تُــبْ عَــنْ غَــوْرِهِ

فَــزَمَــانُ دَوْرِكَ قَــابِــعٌ فِــيْ سِــجْــنِـــهِ
وَإِهَـــــابُ دَوْرِكَ لَابِــــــسٌ فِـــــــيْ دَوْرِهِ