تذكرت منذ عدة أيام بيت تمتلكه عائلة أمي الحاج جاسم (جد أمي) لديه من ستة ابناء – أعمام أمي – كانوا يعيشون معه في هذا البيت وسط القرية وهو محاط بمجموعة من المآتم.
عندما كبر الأبناء الستة خرج منه خمسة أبناء بعد زواجهم إلى بيوت جديدة ما عدا حفيد واحد فقط لوفاة أمه وأبيه بالسل ولذلك ظل في بيت العائلة.
وفي منتصف السبعينات توفي الحاج جاسم وأصبح البيت غير مسكون إلا من الحفيد، وهنا بدأت تظهر بعض الأمور الغريبة في البيت…
كان سامي مثقفا مطلعا على جميع أنواع الثقافات محب للعلم بشكل ملفت لديه الآن مكتبة تصلح لتكون معرضا بحد ذاتها، في الفترة التي ظل يسكن البيت بمفرده في وسط السبعينات كان يبني له منزلا جديدا ليتزوج فيه لأن هذا البيت ليس ملكه.
حدثت له بعض المواقف الغريبة التي فسرها الناس في ذلك الوقت بأنها من عمل الجن، ومنها أصوات مزعجة تصدر بعد منتصف الليل لوقت السحر وتصدر من غرفة معينة منه وعند فتح الباب يختفي الصوت ويرجع مباشرة بعد إغلاق الباب، حتى أن صاحبنا قرر المبيت ذات ليلة في تلك الحجرة ولكن لم يحدث شي وهذا ما جعله يفسره بأنه مقلب من أحد ما ولحد هذه اللحظة لم يعترف أحد بعمل هذا المقلب.
ولكن حدث أمر غريب كذلك كانت أدوات واواني الطعام تتبعثر كل ليلة وربما يكون ذلك ناتجا من عبث الفئران ولكن الغريب عودتها مرتبة بعد شروق الشمس، وبالطبع لم نعرف لها تفسيرا أيضا.
أما الشيء الأغرب فهو ما كان يحصل له أثناء نومه حيث يستيقظ معكوسا أي رجليه على الوسادة ورأسه مكان رجليه، حدثت له هذه الحادثة في أواخر سكنه في البيت والاغرب من ذلك أنه عندما يستلقي على السرير للنوم ويغمض عينيه ويفتحها مباشرة يرى نفسه مقلوبا، ولم يجد لهذا تفسيرا أيضا.
بعد هذه الحوادث المتكررة قرر ترك المنزل على الرغم من عدم خوفه من الجن، ولكن لتعبه من قلة النوم والضجيج الذي يحدث في البيت، خصوصا وأن بيته الجديد قد شارف على الانتهاء.
لم يكن صاحبنا يؤمن بوجود الجن في هذه المسألة على الرغم من تأكيدها من بعض رجال القرية الطاعنة في السن آنذاك، وقد سألته شخصيا عن البيت وأخبرني بها في تلك الحقبة أي في الثمانينات القرن الماضي وهذا ما دفعني لاستكشاف المنزل.
وفعلا ذهبت للمنزل نهارا في أحد أيام الصيف الحارة…
ذهبت مع ابن عمي للبيت جد أمي، وعند الباب طلبت من ابن عمي تصويري بجانب الباب وبعد التصوير دخلنا وكان البيت مهجورا وعلامات القدم بادية عليه، لم أدخل للغرف فرغم عدم خوفي إلا أنني خشيت الدخول كان الجو حارا جدا فهو الشهر الثامن من العام، كان المكان هادئ جدا على الرغم من كون الوقت نهارا.
أثناء تجوالنا في وسط الفناء شعرنا بهواء بارد جدا لا يناسب الشهر ولا الفصل الذي نحن فيه.
صرخ ابن عمي لابد انه طيف الجن هيا بنا نهرب وخرج مسرعا ولحقته على الفور على الرغم من أننا لم نشاهد شيئا.
بعد مرور عدة أيام أخذت الفيلم للتحميض وكم كانت دهشتي كبيرة جدا عندما شاهدت الفيلم، شاهدت الصورة التي التقطها ابن عمي لي عند الباب فلم أجد صورتي فقد ظهر البيت بأكمله ولم تظهر صورتي ولا أعلم السبب.
بعد هذه الحادثة انتابني خوف شديد من الليل وقد كرهت قدوم الليل كل يوم وكنت اعشق الفجر وشروق الشمس وذلك لاني كنت كل ليلة احلم بأحد الأشخاص وقد فارق الحياة وكيف يغسل ويكفن ومن ثم يدفن كنت ابكي في الحلم وأشعر بالكابة بعدها خصوصا وأن المتوفاة أحد أقربائي ولم تفارقني الكوابيس إلا بعد أن كنت أنا المتوفي في الحلم ويا له من كابوس.
لم أفكر ابدا بأن لبيت جد أمي أثر في ذلك لاني في نفس الفترة سمعت عن وفاة أحد الأشخاص بسقوط خزان ماء البناء على رأسه وذهبت حالي كحال الصبية في ذلك الوقت للمغتسل وشاهدت جمجمة المتوفي وكيفية تغسيله وأعتقد أن الكوابيس من تلك الحادثة.
ولكن إصرار ابن عمي على دور الجن في الموضوع وكيف أن القطط زادت في بيتهم وان حادثة غريبة حدثت لهم قد ذكرها جميع أفراد منزل بيت عمي عندما جاءهم قط اسود كبير قد وقف على قدميه ولم يغادر إلا بعد عرض القرآن عليه وقراءة سورة الناس.
ومن بعدها لم يرى القط ولا القطط الأخرى ابدا في بيت عمي، إلى هنا قررنا انا وابن عمي عدم الذهاب للمنزل ابدا.
حتى جاء عام 2003 للميلاد.
في عام 2003 كنا نتكلم عن البيت وكان من بالمجلس منقسم بين مصدق ومكذب للأمر، كان معنا في المجلس أحد اقربائي الذي لديه عمال فلبينيون يعملون في مجال الكهرباء واسكنهم في هذا البيت، فتكلم عنهم بأنهم رفضوا البقاء في البيت وأخبرنا بحالة هلع وخوف اصابتهم.
وفي الأخير اسكنهم في شقة خاصة رغم زيادة المصروفات بالنسبة له، حاولنا معه أخبارنا بالقصص ولكنه لم يقبل، قررنا الذهاب -اعضاء المجلس- وفي الليل، هذه المرة وكان ذلك في شهر يونيو، وعند الميعاد أي بجانب الباب -بيت الجن- لم يأتي أحد.
أخذت أتأمل البيت ومشيت، ذهبت للبيت وبدأت أشاهد المباراة في حوالي الساعة الحادية عشرة وكانت زوجتي وابنتي نائمتين، وبينما كنت منهمكا بالمشاهدة رن هاتفي النقال وكان الرقم مجهولا وعندما رددت على الهاتف سمعت صوت زوجتي وصوت ابنتي تتحدثان معي فجاريتهما بالحديث وفتحت باب غرفة النوم وكانت المفاجأة بأنهما نائمتين ومازالت تلك المرأة تحدثني وصوت ابنتي اسمعه!
فقلت لها من انتي فتغير الصوت وسمعت شهقه فانقطعت المكالمة، أيقظت زوجتي وأخبرتها بالقصة وقالت بأنها نائمة منذ فترة وكذلك ابنتي، مرت عدة أيام وسافرت زوجتي لسوريا لزيارة أهلها هناك وبقيت في البيت الشقة وحيدا، وبعدها بأيام قليلة سمعت رمية حجر صغيرة على الشباك وعندما فتحته لم أجد شيئا، وخصوصا أن الشقة التي اسكنها تقع على اطراف القرية بعدها يبدأ ظلام دامس حالك السواد نزلت بسرعة لاشاهد من فعلها ولم أجد شيئا، استمر رمي الحصوات الصغيرة مرات عدة، بعد هذا الموقف لم أشاهد شيئا.
هذه كانت تجربتي وانا متأكد بأن لكل شيئ تفسير ولا أعتقد بل أكاد أجزم بأن لا سلطة للجن على الإنسان.