بقلم المحامي عبد الله آل سيف
عرفت جزر أوال وهي البحرين الحالية بكونها جزءا من إقليم كبير يطلق عليه البحرين، يمتد من البصرة بالشمال إلى عماد بالجنوب.
كما عرفت بحريننا الحالية عبر التاريخ بوجود 360 مدينة وقرية، كما يشير إليها في العصر الوسيط ابن المجاور في كتابه (تاريخ المستنصر) في عام 630هـ الموافق (1232 – 1233) حيث يقول:
(وتسمى جزيرة أوال، وبها ثلائمائة وستون قرية إمامية المذهب ما خلا قرية واحدة).
ويقول ابن ماجد في ذلك أيضا:
(إن ثامن جزرها تسمى أوال، وبها 360 قرية.. ألخ).
وفي كتاب الشيخ محمد أحمد النبهاني الموسوم بـ (التحفة النبهانية) يقول في ص42:
(كانت البحرين في السابق تحتوي على (36) بلدة، وعلى (331) قرية ولكن لكثرة تداول الحكام عليها، ووقوع الحروب بها، وزوال الحضارة منها، أزال عمرانها وخرب أكثر المدن والقرى، ولم يبق منها سوى ثمان مدن وبعض القرى التابعة لها).
وكان أكثر من تسبب في تدمير القرى والمدن البحرانية هي الأعتداءات الخارجية من قبل العمانيين الذين استولوا على البلاد عام 893هـ الموافق 1488م، وكذلك في عام 1129هـ الموافق لعام 1717م، كما أن التعديات الداخلية أسهمت هي الأخرى في تدمير القرى والمدن البائدة.
موقع قرية الفارسية
تقع قرية الفارسية في الجانب الشرقي الجنوبي من جزيرة الأم، شرقي مقر شركة ألمنيوم البحرين، وشمالي موقع قرية رأس زويد، حيث تطل على الشارع الذي يطل عليه مقر شركة ألبا، وهي تقع خلف مصنع التكرير لشركة نفط البحرين (بابكو).
ما أشتهرت به
عرفت أراضيها بالأراضي الزراعية الخضراء، وجل أهاليها يعملون بالزراعة، وقد كتب ج.ج لوريمر عام 1904م في دليل الخليج حول ذلك يقول: إن الفارسية كانت أرضا خضراء تضم حوالي 1900 نخلة، وجميع أهلها يعملون في الزراعة ولديهم خمسة حمير، وخمس مواشي (أبقار)، وقال محمد علي التاجر في كتابه (عقد اللآل في تاريخ أوال): أنها ذات بساتين كبيرة ومياه غزيرة وأهلها فلاحون وغواصون.
ويذكر الحاج جاسم بن حسن بن عبد الله بن عتيق وأسرته من نفس القرية البائدة، أن الفارسية مشهورة بكثرة النخيل، التي تقترب من بعضها البعض، وكانت نخيلها كثيفة، ويذكر أن الشمس لا تصل للأرض بسبب كثافة النخيل، فمن يقف بين النخيل لا يرى الشمس لقرب النخل من بعضه البعض،وقال الحاج جعفر بن عبد الله بن حسين بن عتيق: إن والده وعائلة عتيق كانوا يملكون بعض المزارع في الفارسية وكان بينها إحدى المزارع الكبيرة والتي تسمى (أم الكلاب)، وهناك مزرعة ثانية بقرب البحر تقع في القسم الشرقي في الفارسية تسمى المنقولة تقع بقرب أحد شياب (عمود التلفريك) والذي كان يمر بقربها ويذكر انه قد أكل رطبا منها، إذ كان يتردد عليها مع كبار رحالات الفارسية، حيث كانوا يذهبون لنخليهم خلال فترات متباعدة، ثم انقطعوا عن زيارتها لبعدها وتكرار سرقة ثمرها وما تقع فيه من تخريب متعمد.
لقد كان أهالي الفارسية يملكون مزارع ونخيل وبعضهم كان يملك أكثر من مزرعة.
أسماء بعض مزارع ودواليب الفارسية
ومازال الأهالي الباقون على الحياة وأحفادهم يتناقلون من خلال الذاكرة بعض أسماء تلك المزارع والبساتين التي كانت عامرة بالحياة ثم أصبحت الآن خبرا بعد عين ومنها:
- صودق المتايقة وهي نخيل كانت ملك آل عتيق.
- نخيل عيال حرز.
- نخيل يحي بن إبراهيم.
- نخيل البرغوثة لصالحها المرحوم الحاج عباس بن علي بن حرز.
- نخيل السطر.
- نخيل وريدة.
- نخيل الحجري لعائلة بن حرز.
- نخيل أبو حميدة.
- نخيل المغصوبة وكانت في الأصل مغتصبة من أصحابها.
- الشرعيين.
- نخيل السيد.
- نخيل أم الكلاب لعائلة عتيق.
- نخيل المنقولة لعائلة عتيق.
- نخيل أم المسلمين لعائلة حرز.
- نخيل القطفة لصاحبها يحي بن إبراهيم.
- نخيل صرمة الحسين الموقوفة لخدمة مأتم الإمام الحسين عليه السلام.
- نخيل أم حميد للمرحوم جد الحاج حرز.
- نخيل سابق للمرحوم علي بن إبراهيم العقش.
- نخيل الدواليب وهما مزرعتين متجاورتين ملك الحاج علي بن حرز.
- نخيل جرجورة.
- ونخيل الرفض وهو ملك عائلة حرز وتحديدا هي ملك الحاج علي بن حرز.
- نخيل مكية.
- نخيل رفض الغيب.
- نخيل دالية بن عيسى.
- نخيل الكواكب نخيل العجمي.
- نخيل أم الحلاو.
- نخيل مانو لعائلة قمبر.
- نخيل الحجة لعائلة قمبر أيضا.
- نخيل القفول وهي ملك عائلة القنابرة.
- نخيل نهر ثابت ملك عائلة القنابرة أيضا.
- نخيل صرمة.
- ملك عائلة قمبر.
- دولاب القفل الصغير.
- صرمية أحمد بن عبدالله الغتم.
- نخيل القفل لأحمد وحمد أبناء عبد الله بن أحمد الغتم.
- نخيل أم الشذا وتعود ملكيتها لعائلة الغتم أيضا.
- نخيل الحاج ناصر بن عيسى.
- نخيل الضبخة وهي ملك حسن بن رضي وشركاه.
- ونخيل القفل الوسطي لأبناء الغتم.
- نخيل الجب.
- نخيل صريرة ملك عبدالله بن حمد.
- نخيل اسمان وهي ملك عبدالله بن أحمد ايضا.
- نخيل علي بن أحمد.
- نخيل الغرة وهي موقوفة لخدمة الأمام الحسين عليه السلام.
- صرمة ناصر بن سعيد.
- وأخيرا مزرعة علي بن أحمد.
عيون مياه الفارسية
اشتهرت قرية الفارسية بعيون المياه الطبيعية، وقد أشار إلى هذه الشهرة الشيخ محمد عليي التاجر في كتابه عقد اللآل في تاريخ أوال حيث قال: (إن قرية الفارسية كانت ذات بساتين كبيرة ومياه غزيرة)، ومن أشهر هذه العيون الأربع هي:عيون الفارسية الكبيرة ذات المياه العذبة تستخدم للشرب وري المزارع وكانت تروي القرى الأخرى مما فيها أهالي قرية عسكر الذين يأتوا لجذب الماء منها، ومن العيون عون الخضرة التي حفرها الحاج عبد العزيز العازمي بجوار عيون الفارسية، كما حفرت شركة بابكو عين كبيرة وعميقة أثرت على مياه العيون الأخرى، كما كانت مياه عين الفارسية تجري في جداول وقنوات حتى تصل إلى المزارع والنخيل فترويها من ذلك مزرعة زويد ومزرعة السابية الواقعة غرب وشمال الفارسية.
تعاريف ريفية
حرفة الزراعة وبيئة الريف انعكست من خلال ثقافة ريفية أصيلة غنية بمفردات ذات دلالة وخصوصيية، من ذلك عبارة:
إحياء الأموات: وتعني عمارة الأراض الخربة التي لا مالك لها ولا ينتفع بها أحد، أرض خالية هي الأرض غير المبنية وغير المزروعة وليس عليها حيازة من أحد أرض رحمانية وهي الأرض الخالية وغير مملوكة للغير فهي ملك للرحمن والآن أصبحت كل أرض رحمانية ملك للدولة، الإستيلاء على الشيء هو وضع اليد عليه والتمكن منه والغلبة عليه.
إعارة: وهي تمليك شيء لمنفعة للغير بغير عوض.
إقطاع: هو تمليك الأرض بإذن من الحاكم للغير بغية زرع أو بناء أو إعمار.
إنجاز: وهو تمليك المنافع بعوض، براحة هي الأرض المفتوحة غير المبنية وسط البيوت، البرية وهي قطعة أرض غير مروية منها الرفض إلا أنها واسعة وأشجارها متفرقة.
تثمين: وتعني تسعير العقار كالبيت والدولات.
التحجير: هو الإعلام بوضع اليد والحيازة.
التعمير: وتعني البناء، الجوبار هي أرض زراعية مستطيلة الشكل أصغر من الدولاب وأكبر من الدالية.
الحظرة: إحدى مصائد الأسماك التقليدية.
الحوطة: وهي الأرض الخالية المسورة.
خرابة: وهي إطلال البيت القديم المتهدم.
الخريس: هي الأرض التي يقرب البحر ولا تصلح للزراعة ولأن مياه البحر تكتسحها أحيانا، الخيس وهي النخيل التي تسقى عن طريق السيح أي سيحات الماء.
داعوس: وهي الممر الضيق بين البيوت.
الدالية: وهي أرض زراعية صغيرة نسبيا.
الدولاب: وتعني البستان أو النخل أو المزرعة.
متى بدأت قرية الفارسية تندثر؟
بدأ أهالي الفارسية يهجرون قريتهم على دفعات فرادي وجماعات ويتجهون إلى المعامير ليسكنوا فيها بدءا من عام 1925م، وخلال ذلك كانوا يترددون على قريتهم وأملاكهم ومزارعهم بدءا من فترة أكتشاف النفط عام 1932م، ولم تحل فترة السبعينات إلا وقد هجرها أهلها مع بقاء المزارع والعيون والمساجد والمقابر، ثم أنقطعت الصلة بين أهالي القرية عن قريتهم وأصبحت من الذكريات الحزينة، ومن يقم بزيارة موقع القرية الآن سوف يحد المقبرة وشواهد القبور وكذلك آثار لمسجد القرية وعين الفارسية وبعض قطع الفخار وهي بقايا الأواني وكذلك بعض آثار المزارع ولكن يغلب على الأرض الشكل الصحراوي الآن.
أسماء بعض عائلات الفارسية
ومن هذه العائلات الفارسية التي اضطرت إلى هجر قريتهم:
- عائلة قمبر وعميدها حجي أحمد قمبر.
- عائلة القصاص وعميدها حجي عيسى القصاص.
- عائلة الحرم وعميدها حجي عبد الحرم.
- عائلة عتيق وعميدها ملا محمد جعفر.
- عائلة العكش وعميدها حجي حسن حجي إبراهيم.
وأكثر هذه الأسر تسكن الآن النويدرات والمعامير، وهذه الأسر أنشأت مأتما في قرية المعامير يحمل أسمهم (مأتم الفارسية) ويطلق عليه البعض مأتم الحناريش أو الفوارس، أما أسمه الرسمي الآن فهو (مأتم سيد الشهداء).