سوسن اسماعيل عبد الله
لم تعد الجماعة المعنيّة بالبحث تمارس عادات وطقوس الزواج بالشكل الذي كان متعارفاً عليه في تلك الفترة، فعادات الزواج والطقوس والممارسات المرتبطة بها ما تزال قائمة لنا وللأجيال القادمة. ولكن ما يميز كل جيل عن الآخر هو كيف يمارس هذه العادات بما يتناسب مع عاداته وتقاليده وإمكانياته التي تؤهله للقيام بطقوس الزواج. وهذا الذي يميز ثقافة كل شعب عن الآخر وكيفية تعاطيه مع عاداته و تقاليده فلكل زمن وجيل عادات وتقاليد وخصوصية وعوامل تؤثر فيه، ومن هذه التغيرات التي طرأت على عادات الزواج في قرية النويدرات والتي ترجع إلى أسباب كثيرة سوف أتطرق إليها بعد ذكر أبرز مظاهر التغيير في الزواج في الوقت الحالي.
مظاهر التغيير
مرحلة الاختيار:
قد تغير الوضع الآن بالنسبة لاختيار شريك الحياة فتقول أم عبدالله إن أبناء هذا الزمان “الله يستر منهم” لقد رأينا على أيديهم العجب. ولو كنا في ذاك الزمان نفعل نصف ما يفعلونه الآن لدفنونا في وسط المنزل. وهذا يعني أن شباب هذا الجيل يأتون أشياء ويقدمون على أمور قد لا تتفق مع مواقف آبائهم. فالبنت لا ترضى بالزواج وهي صغيرة وأهلها يشاطرونها الموقف، أي سن الزواج الآن يبدا في مجتمع البحث من (18-25). حيث يتم الزواج في مجتمع البحث في مرحلتين:
الأولى هي المعرفة المسبقة لكل من الطرفين: وهي أن يعرف كل واحد منهما عن الآخر ما يساعده على تحديد رأيه فيما اذا كان هو الشخص المناسب أو لا. ومن حقهما أن يرفضا أو يوافقا فلهما مطلق الحرية قبل أن يرتبطا ويتحملا مسؤولية اطفال وهما غير مؤهلين لذلك، حيث تعتبر من النقاط الأساسية التي يفكر بها الآن الكثير من المقبلين على الزواج فالقضية قضية أولاد وتربية ومسؤولية وهو ليس بالشيء الهين، فالآن الأبناء هم من يتخذ قرار الزواج. وعندما يقررون يرجعون لآبائهم لإبداء رأيهم تجاه هذا القرار و يكون ذلك مجرد شكليات. ونلاحظ أن الموازين انقلبت فبعدما كان أخذ رأي الأبناء من قبل الوالدين مجرد شكليات أصبح أخذ رأيهم الآن هو العكس وهو ما يعنيه المثل الشعبي “دوام الحال من المحال”، وهذه المرحلة بالنسبة للشخص الذي يكون على معرفة مسبقة بشريكة الحياة.
أما المرحلة الثانية وهي تكون بواسطة وسيط “خطابة” فهي اما أن تكون أخته أو عمته أو أي احد من أقربائه لكي يخطبوا له وتقول أم محمد “ الآن الخطابة أصبحت نساء بعكس وقتنا كانوا رجالا حيث أصبحت الخطبة لهؤلاء النساء تجارة يجنين من خلالها الربح وليس هدفها الأول التوفيق بين شخصين “ أو كما يقال “جمع رأسين بالحلال” واضح الآن أن الخطابة تأتي لرؤية الفتاة في بيتها لتقول لها عن شخص يريد نفس المواصفات التي تتحلى بها. وهي تبحث له عمّن تناسبه من خلال المواصفات التي طلبها. وإن أهم ما يتميز به الفتى هو ان يمتلك رصيدا في البنك وسيارة و شقة وهذا ما يسأل عنه في البداية. أما الفتاة فيجب أن تكون بيضاء وطويلة و جامعية، لذلك لا تكون لهذه الخطبة مصداقية في نظر أفراد مجتمع البحث لأنه اختيار شكلي. وليس للأخلاقيات والأصل والنسب دور أساسي في حين أنها كانت الشروط والمعايير المأخوذ بها في الماضي والأساس عند أفراد هذا المجتمع. وعندما يحصل الشاب والشابة على هذه المواصفات وتقول ”أم محمد” انه على الرغم من هذه الشروط المبالغ فيها الا انهم في نهاية المطاف يقنعون بما هو مكتوب لهم. وتكون بعد معاناة من الرفض، وتؤكد أم محمد أن المواصفات الحديثة قد تزول في ليلة وضحاها ولا تعوض بعكس ما كان يؤخذ به في تزويجنا. فهي في نظرها التي لا تزول لأنها ترجع للتربية والأخلاق الحسنة والأصل الطيب وإن كنا نذوق الأمرين إلا أنها أفضل بكثير من هذا الوقت.
مرحلة السؤال:
وعندما تنتهي مرحلة الاختيار يبدأ السؤال عن أصل ونسب العروس ومن ثم يتصل والد العريس بوالد العروس ليفاتحه في الموضوع ويعطيه اسم ابنه ليسألوا عنه. حيث أن الخبر يكون قد انتشر بين افراد القرية فهي نظراً لصغرها ينتشر فيها الخبر المفرح والسيء بسرعة2. وبعدها يتم تحديد الليلة التي سيذهبون فيها لخطبة ابنتهم بعد أن تم إيضاح الصورة لكلا الطرفين عمّا يتميزون به. حيث يذهب أهل العريس للتقدم للخطبة ويكون مع العريس والده ووالدته، لتتكلم النساء مع النساء والرجال مع الرجال. وهنا نلاحظ المساواة قياسا بما كان يحدث في السابق في هذه الخطوة. وعندما تحدث المقابلة بين الشاب والشابة يتحدثان عن أهم ما يميزهما وما يصبوان أن تكون عليه الحياة الزوجية في المستقبل، كما يوضح لها أهم ما تتميز به شريكة الحياة التي في فكره وهي كذلك. وبعدما تنتهي المقابلة يكونان قد كونا صورة عن بعضهما، وتحدد في هذه المقابلة رأيها إن كان بالموافقة أو الرفض، وعندما يكون بالموافقة تتم بقية الإجراءات بيسر وسهولة فالمهمة التي تستغرق وقتا وقد تستغرق سنين عند البعض هي مرحلة الاختيار.
فحص ما قبل الزواج:
وهو من الشروط الأساسية الآن لإبرام عقد الزواج فبدونه لا يتم العقد. وهو عبارة عن فحص لأمراض الدم الوراثية التي تسبب الكثير من المتاعب والأمراض، لأي زوجين مبتدئين حياتهما دون معرفة ما إذا كانا مصابين بهذا المرض أو حاملين أو سليمين منه ليتفاديا إصابة أبنائهما به. كذلك المعاناة التي ستلحق بهم وهذا شيء لم يكن يقوم به أجدادنا. ولكن تطور الطب بيّن أن زواج الأقارب يمكن أن تحصل منه للأبناء أمراض وعيوب خلقية يستحيل علاجها. فعامل الوراثة في ذلك على جانب مهم من الخطورة لأنهم في القديم يتزاوجون من العائلة القرابية، ونتيجة للوعي الآن وللتقليل من حدوثه لا بد من إجراء هذا الفحص الذي يلزم الزوجين القيام به لتجنب مضاره وان أصرا على الاستمرار وهما حاملان لهذا المرض فيكون الزواج على مسؤوليتهما.
ليلة المواساة:
يتفق في هذه الليلة أهل العروس والعريس على كل الأمور المتعلقة بالمهر وجدير بالذكر أن المهر ازداد أضعافا مضاعفة عما كان عليه في السابق حيث وصل إلى ألف دينار. وهو المتعارف عليه في مجتمع البحث. وقد لا يعطى بالكامل في نفس الوقت وانما قبل الزواج بمدة متفق عليها. وكذلك “الضيفة” وهي المال الذي يعطى للعروس لإقامة حفلة لها في الزواج ويكون بمقدار سبعمائة دينار أو خمسمائة دينار. ويؤجل تسليمها قبل الزواج نظرا لعدم مقدرة الشاب على دفع كل هذه الأموال دفعة واحدة. كما يأخذ في الاعتبار شروط الفتاة وهي في الغالب أن تقيم في سكن خاص بها وهنا يظهر لنا التغير في نوع الأسرة وهي الأسرة النووية “الزوجة والزوج” بعدما كانت الأسرة الممتدة هي الأساس. كما تحبذ أن تواصل دراستها. وبعضهم قد يحدد مدة الخطوبة والبعض لا لأنها مرتبطة بالحالة المادية للزوج، حيث أن الزوج من يدفع هذا كله. هذا بالنسبة للأمور الأساسية التي يحددها الرجال أما بالنسبة لإجراءات الحفلة فهي تكون بين النساء لخبرتهن بها أكثر حيث يحددن مكان الحفل والذي قد يكون بمأتم في القرية أو نادي أو صالة وهنا نلاحظ أهمية مكان الحفل لما له من انعكاس على المكانة الاجتماعية لهؤلاء الأشخاص وهي على اختلاف مستوياتهم فالبعض ينظر إلى قيمة المكان من قيمة أصحاب الحفل وذوقهم وإمكاناتهم المادية والتي تكون معظمها دين على العريس. وكذلك يعطى للعروس مبلغ من المال لتجهز به نفسها للحفلة وهو مبلغ مخصص لشراء الأغراض والحاجيات التي تحتاج إليها.
شراء الذهب:
ويكون هناك يوم مخصص لشراء الذهب وهو عبارة عن طقم أو شبكة ودبلتين يهديها العريس لعروسته في ليلة العقد، حيث يذهب في هذا اليوم العريس وأمه أو أخته والعروس وأمها أو أختها لاختيار الذهب. وهنا من خلال مقابلة بائع الذهب يتضح لنا التغير في الاختيار حيث ان العروس تختار لها الطقم الناعم والخفيف والعملي لأن فتاة اليوم لا تلبس الذهب في كل وقت نظرا لعملها أو أنها تدرس فهي تختار ما يعجبها ويكون عمليا بالنسبة لها. و يكون سعر الطقم الذي يناسب مجتمع البحث هو من خمسمائة دينار إلى ثلاثمائة دينار فقط وذلك نظرا لإمكانياتهم المادية.
الذهاب للسوق:
والآن الوضع اختلف فالعروس هي من تذهب لتختار ما تريده مع عريسها أو أهلها فلم يعد للقيود والأعراف الاجتماعية تأثير كبير حيث يشتري العريس العباية وهي من نوع الحرير وهو الصنف الذي تميل إليه النساء في مجتمع البحث سواء كن متزوجات أو عزباوات كما يقول بائع العبايات أن بعد ستة أشهر يتوقع أن كل الفتيات يلبسن العباية الحرير لما تعطيه لهن من هيبة ومكانة. وكذلك تشتري الفتاة الملابس الجاهزة وقطعة قماش لفستان ليلة العقد إن لم تحصل على إيجار من صديقاتها فهي تقوم بتفصيل الفستان لها وتقوم بحجز الصالون والأستوديو وكذلك “سفرة العجم” وهي عبارة عن سفرة توجد عليها التحف والحلاوة والفاكهة والفطائر والمناظر لتجلس فيها العروس ليلة العقد و قد تكون إيجارا أو أنها تشتري أغراضها وتقوم هي وأهلها وصديقاتها بتنسيقها. وبعد أن تجهز كل شيء لليلة العقد التي يحددها رجل الدين الذي سيقوم بعقد الزواج تأتي الخطوة التالية.
ليلة العقد:
حيث يجهز العريس نفسه لهذه الليلة وهي في الغالب تكون فيها حفلة للرجال وتكون في مأتم العائلة التي ينتمي إليها العريس وتكون إما بتناول وجبة العشاء وهو الشائع حاليا نظرا لقلة تكاليفه ويقتنى من المطعم أو تناول المرطبات وهو قليلا ما يحدث نظرا لكثرة تكاليفه. وكما أن العريس يشتري أيضا قدوعاً لبيت العروس لهذه الليلة. ويتمثل ذلك في المكسرات وجميع أنواع الفواكه والحلوى والعصير ولأنه سيكون إبرام عقد الزواج في بيت العروس حيث يحضر في العقد والد العروس وإخوتها وخالها أو عمها ووالد العريس والشهود والملّاك والعروس لأخذ موافقتها أمام الملاج والشهود وقراءة الشروط أمامها لتبدي رأيها الأخير لتوقع على العقد ويكون وقت إجراء العقد إما في الصباح أو في العصر لكي لا يتأخر الملّاك نتيجة لذهاب العروس للصالون وهي بالضرورة ستتأخر ولكي لا يتعرض والدها للإحراج أمام الملّاك فهو يعقد قبل ذهابها إلى الصالون وكذلك يفعل للعريس وبعد العقد يتناول الملاج والحضور القدوع.
وتذهب العروس للصالون وعندما تنتهي يأخذها عريسها إلى الأستوديو للتصوير ثم يذهبان إلى منزل العروس للتصوير في السفرة ولتهنئ الناس العريسين ويستمع الحضور إلى قراءة سيرة المولد من آلة التسجيل، وبعدها يتم توزيع الأكل على الحضور وتنتهي هذه الليلة حيث يحضرها الأهل والأصدقاء فقط.
أما بالنسبة لحفلة النساء التي يتم فيها دعوة جميع أفراد القرية وكل من يعز على أهل العروس والعريس وتكون بممارسة بعض الطقوس التي تتشابه في الشكل العام لكن تختلف في التطبيق نظرا لاختلاف الممارسة في العادات والتقاليد التي تناسب العصر والتغيرات التي طرأت عليه.
ليلة الحناء:
وهي في الغالب تكون في الصالون أو في منزل العروس و لكن دون أن يتم دعوة أحد فيها. وتقوم امرأة متخصصة في عمل الحناء لتحني العروس ويكون أهلها قد وضعوا الحناء قبلها بيوم دون أن يكون هناك أي جانب من الحركة والغناء في هذه الليلة. وإذا لم تقم لها العروس حفلة ليلة العقد فهي تقوم بعمل حفلة ليلة الحناء كتعويض لها وتذهب فيها إلى الصالون والأستوديو، وبعدها تأتي للبيت لتحني رجليها ويديها حيث تحنيها امرأة فنانة في عمل النقوش قد اتفقت معها منذ فترة لهذه الليلة. وتدعو إلى حفلها من تريد من الأهل والأصدقاء والجيران. ويوزع أثناءه على الضيوف المعكرونة والسمبوسة والفطائر والبسكويت والعصير. وهي أشياء خفيفة لا تكلف الكثير من الجهد والوقت نظرا لضيق الوقت خصوصا إذا كان أهل العروس يذهبون للصالون وقد يكون في الحفل قارية تقوم بقراءة موالد أهل البيت أو تشغيل المسجل ووضع شريط لمدح أهل البيت عليهم السلام.
ليلة الحفلة:
أصبح الآن هناك انتشار للأعمال الفردية التي يتخصص فيها شخص أو اثنان وهي تمثل مصدر رزق لهم. لذلك فهم يضعون في الحسبان عند وضع الأسعار الجهد الذي بذلوه وتكاليف المكان والإيجار والكهرباء. والملاحظ عدم وجود البركة في أموالهم كما يقول أفراد مجتمع البحث نظرا لكثرة الناس التي تقوم بمهام الزواج مقابل مبلغ من المال ولا يمكن انجاز عمل في هذه المناسبة من دون دفع المال. لذلك لا يستطيع بعد ذلك الزوجان أن يقيما حفل الزواج نظراً لكثرة التكاليف الباهظة التي لا يستطيع الزوجان تحملها لوحدهما وهما في بداية الطريق ومن هذه الأعمال المتخصصة الصالون، والمخابز، محل تأجير الفساتين، ومكان إقامة الحفل، والحناية، والقارية.
الصالون:
استبدلت الداية بالصالون الذي يتولى كل المهام التي كانت تقوم بها الداية ويقوم بكل الخدمات التي تحتاج إليها العروس. ولكن بشكل يناسب الموضة وهو الذي جعل فتيات هذا العصر يُدْمِنّ على الذهاب إليه سواء كان بمناسبة أو بدون مناسبة. فالمرء لا يستطيع أن يميّز المتزوجة من العزباء نظرا لذهاب الكل إلى هذا المكان الذي لا يحدد أو يخصص الأشخاص. ولكن يفرق فقط في الأسعار فيما إذا كانت عروساً يكون أغلى من الفتاة العادية حتى لو كانت العناية بهذه لا تختلف عن العناية بتلك. ويكون حجز الصالون قبل فترة طويلة من الزواج خصوصا ليالي الإجازات التي تكثر فيها الخطوبات والزواج و يكون الصالون مزدحما بالحجوزات حيث لا يوجد فيه مجال. فمن الضروري الحجز المسبق ودفع المقدم لتثبيت الحجز.
الأستوديو:
وهو المكان الذي تذهب فيه العروس وعريسها لالتقاط الصور بهذه المناسبة التي لا تتكرر إلا مرة في العمر. ولكي يراها أبناؤهما ويكون أيضا بحجز مسبق لكي لا يتأخر العروسان عن موعد التصوير وتظهر صورهم جيدة حيث أن هذه العادة لم يقم بها أفراد البحث قديما في زواجهم نتيجة لعدم وجودها في زمانهم.
المخابز:
حيث يتم اختيار الطبق الذي سيقدم للضيوف في الحفل و يختاره العروسان أو احد من أهل العريس و يكون مغلفا نتيجة لانتشار الأمراض والخوف من أكل الطعام المكشوف، وكذلك يتم حجز العصير والكعكة التي سيصور بها العروسان3.
لم يعد يقام الحفل في أي مكان وإنما هناك اختيار أيضا للمكان الذي سيقام فيه فهو يعكس مستوى ومكانة وذوق أصحاب الحفل والآن بعض أفراد مجتمع البحث يقوم بعمل حفلة في مأتم لأهالي القرية. واليوم الثاني حفلة في نادي أو صالة وتكون خاصة لأفراد معينين. وتتم دعوتهم ببطاقات الدعوة وليس عن طريق الدعوة التقليدية بالذهاب إلى المنازل والدعوة شفوياً ويظهر أن مجتمع البحث أصبح يميز بين من يقدر مجيئه للحفل وبين من لا يقدر ذلك فهم لا يذهبون لمن يستنقص من شأنهم وقدرهم.
الفستان:
وهو ما ستلبسه العروس ليلة الحفل و يكون مميزا لا يلبسه احد غير العروس وأصبح لهذه المهمة أناس متخصصون في تفصيل فساتين الزواج و الخطوبة ويكون فستان الخطوبة متعدد الألوان وهو راجع لاختيار العروس فقد يكون الوردي و هو الشائع في هذا الوقت أو بنفسجي أو احمر أو اخضر أو بحري أو أي لون تطلبه العروس حتى لو لم يكن موجودا فيتم تفصيله لها ولكن يكون سعره أغلى من الفستان المعروض والذي لبس عدة مرات. وهنا اختلفت ملابس العروس عن السابق فلم يعد لها وجود الآن بين أفراد مجتمع البحث والسبب في ذلك النظرة الدونية لهذه الملابس على أنها لا تناسب هذا العصر ولا تجاري الموضة وهي تراث قديم. فشباب اليوم يريد أن يلبس آخر ما صدر من دار الأزياء العالمية أو المحلية أو الوطنية وإن كان لا يستطيع شراءها فهو يتابعها وذلك لمجرد تحقيق الإشباع لثقافته الاستهلاكية ليس أكثر. أو انه يستدين من أجل أن يقتني ما يريده حتى لو كان ثمنه باهظاً. المهم أن يشتريه ويتفاخر به أمام الناس. هذا بالنسبة للنظرة للملابس التي كانت تلبس في مناسبات الزواج والتي لا تليق بهذا الوقت.
ويكون فستان العروس مع الحذاء والطرحة والباقة وهي عكس ما كان يستخدم من المشموم والرازجي والياسمين والباقة الآن التي تحملها العروس قد تكون طبيعية أو صناعية. وهي ما تختاره والمفضل الآن الطبيعية وتكون في محل خاص بالزهور ويتم اختيار وحجز الباقة التي تناسب الفستان لتأخذها يوم الحفلة بعد الخروج من الصالون لتكون ماثلة أثناء التصوير.
القارية:
وهنا مازال عند البعض تمسك بالقارية المتعارف عليها بين النساء الكبيرات في السن وإصرارهن على أن تحيي الحفلة عند البعض منهن. أما البعض الآخر فلا يهتم بتلك العادات ويتفق مع قارية من خارج القرية. وهنا تقول أم حسين وهي القارية في تلك الفترة أن احترام القارية لم يعد مثلما كان. كانت تبجل وتحترم والكل يضع لها هيبة ومكانة. أما الآن فالوضع تغير نتيجة لتغيّر عقلية الشباب الآن و لعدم اهتمامهم بعادات مبالغ فيها من وجهة نظرهم. ويتم اختيار هذه المرأة بناء على طلب العروس وليس أمها. وهي المرأة التي ستحيي الحفل بقراءة المواليد إذا كان أصحاب الحفل يريدون أغاني لذكر أهل البيت. أو أنهم يريدون أغاني التلفاز. فهم يحددون عند اختيار القارية. والبعض الآن يستأجر الدي جي ويكون هو أيضا على حسب اختيار أصحاب الحفل أما إسلاميّا وهو القائم على مدح آل البيت عليهم السلام أو أغاني التلفاز وهي المنتشرة. ولذلك النساء الكبيرات في السن يقلن إنه بسبب هذه الأغاني لا يكون في حفلاتهم بركة وخير لعدم ذكر أهل البيت عليهم السلام وفي نظرهن أن أغاني التلفاز تجلب الفقر والنحس وتحضر الشياطين.
وتذهب العروس منذ الصباح الباكر للصالون ولا تفرغ من زينتها إلا في المغرب وتقضي معظم وقتها بين الانزعاج والقلق من أن تتأخر أو تظهر بشكل غير لائق. وبعدما تنتهي تذهب لتصور. ثم تذهب لمكان الحفل هي وعريسها حتى يراهما الجميع ولكي يصوّروا معها في المسرح الذي تم حجزه مسبقاُ لهذه الليلة وهو عكس الفرشة التي تكون الخلفية التي يجلس فيها العريسان ويأتي الضيوف لتهنئتهم بهذه المناسبة. كما يتم رمي النقود أثناء دخولهما والمشموم. وكذلك تعمل لهما زفة من الأطفال يحملون القرآن والطقم والحلاوة إلى المسرح. ويكون فيه تبخير للناس بالعود والبخور المجهز لهم والبعض يقوم بتعطير الحضور ببعض العطورات وماء الورد. وبعدما ينتهي الحفل تذهب العروس مع عريسها إلى أقرب مطعم لتناول وجبة العشاء.
صباح الصبحة في حفلة الخطوبة:
حيث تذهب العروس في اليوم التالي من الحفلة لتناول وجبة الغداء في بيت أهل عريسها ويتم غسل رجلها عند باب بيتهم بماء الورد والمشموم وبعض النقود التي تعطى للفقراء. والبعض يقوم بهذه العادة والبعض لا يعطيها أي اهتمام وهنا أيضا لا يوجد تمسك بالغناء. مما لا يعطي للفرح طعما وبعد تناول الغداء يأخذها عريسها ويخرج معها.
الزواج:
الآن ليس مهما أن يقام حفل للزواج عند كثير من أفراد مجتمع البحث نظرا لكثرة تكاليف الزواج فهي تكتفي بعمل حفلة في الخطوبة فقط. وتفضل أن تعدّ السكن “الشقة” التي ستعيش فيها على أن تقوم بحفله تكلفها الكثير وخصوصا أن حفلة الزواج تكون على العروس لأن العريس قد دفع مبلغ الضيفة وهي تكاليف حفلة الزواج وقد تكتفي بعمل جلوة فقط وتدعو فيها من تريد وان كان البعض من ميسوري الحال يقيمون حفلة وتكون مثل حفلة الخطوبة وتختلف في الجلوة ولون فستان الزفاف الذي يكون في العادة اللون الأبيض4 أو أنها تذهب مع زوجها لقضاء شهر العسل في أي بلدة يختارانها ومعظم البلدان التي يذهب إليها أفراد مجتمع البحث هي الأماكن المقدسة عندهم وهي أماكن الأئمة الاثني عشر ( سوريا وإيران ولبنان عند البعض أو تركيا). وقد يكون على أم العروس أو العريس نذر بإقامة جلوه للعروس. فهم يقومون بتأدية هذا النذر. فالنذر ما زال يلتزم بأدائه من قبل أفراد مجتمع البحث وذلك لاعتقادهم بخطورة التغاضي عن تأدية النذر الذي يلحق الضرر بمن نذر سواء العريس أو العروس.
الزواج الجماعي:
وهو مشروع جديد على مجتمع البحث حيث تم العمل به منذ أربع سنوات وأثبت نجاحه. وهو عبارة عن إقامة حفلة للرجال المقبلين على الزواج والخطوبة فقط وذلك بسبب توافر الأعضاء الرجال بكثرة، و لعدم توفر الأعضاء النساء في الصندوق بسبب عدم رغبتهن في الانضمام إليه لكن مع ازدياد الوعي بين النساء فهن منذ وقت قصير اشتركن في عضوية الصندوق. حيث يساعدهن الصندوق في إقامة هذا الحفل بدفع مبلغ رمزي لمساعدة الشباب في خفض تكاليف الزواج وكذلك لتشجيعهم على هذه الخطوة. أما في هذه السنة 2006 م فقد أصبح الاشتراك مجاناً دون أن يدفع الخاطب والمتزوج أي مبلغ من المال. مع إعطائهم هدايا ويكون على نفقة الصندوق الخيري في القرية. حيث يتكفل بكل شيء من بطاقات الدعوة والضيافة والمكان الذي سوف يتم فيه استقبال الضيوف وكذلك تهنئة العرسان. كما يكون للنساء مكان لتناول وجبة العشاء في هذه الليلة وكما تم طرح فكرة زواج نسائي جماعي في السنة المقبلة وذلك بسبب الحضور القوي للنساء في الصندوق وهي فكرة قيد الدراسة.
عوامل و أسباب التغيير
وهنا سوف أتعرض لبعض من العوامل والأسباب التي أدت إلى حدوث تغيرات في عادات الزواج في مجتمع البحث بشكل خاص ومجتمع البحرين بشكل عام لعل أغلبها يرتبط بظهور النفط الذي كان عاملا مهما في تغيير هذه العادات ومن هذه الأسباب والعوامل:
التعليم:
من أهم الأسباب التي أدت إلى التغير في عادات الزواج، هو انتشار التعليم في البحرين حيث أصبح التعليم الحكومي متوفراً لكل الأفراد سواء في المدن أو القرى إلى جانب وجود المعاهد والجامعات والكليات التي تتيح الفرصة لكل فرد ليواصل دراسته، سواء الجامعية أو الثانوية بحسب ما يريده.
ومن أهم الأفكار التي غيرها التعليم لدى الأفراد تغيير وجهة نظرهم تجاه المرأة واحترامها واحترام آرائها. وأنه بمواصلة التعليم يحقق الفرد كل طموحاته وخصوصاً المرأة التي هي الضحية في هذه العادات التي أرغمت من قبل الرجال على أن تكون عنصرا فعالا فيها على الرغم من جهلها وصغر سنها اللذين لم يؤهلاها لخوض مثل هذه التجارب. حيث كان من التعليم سلاحا تدافع به المرأة عن حقوقها غبنها المجتمع إياها.
ونتيجة لانتشار التعليم فقد تغير سن زواج الفتاة وفق ما يجعلها أقدر على المسؤولية التي ستكون لها في حياتها الزوجية فالعمر المناسب للزواج تغير حيث أصبحت المرأة هي من تحدد الوقت الذي تكون فيه قادرة على تحمل هذه المسؤولية. وغالباً ما يكون بعد أن تنهي دراستها الثانوية، كما أنها تشترط أحيانا مواصلة دراستها الجامعية. وكذلك في الاختيار فلم يعد الزواج من العائلة هو الخيار الوحيد أمامها. بل تعددت الخيارات بفضل التعليم خصوصاً في الجامعة حيث المجال مفتوح للتعارف بين الجنسين، فالفتاة الآن لم تعد مقيدة بالعادات والتقاليد التي فرضت على المرأة في السابق، فهي الآن من تقرر أو تحدد مصيرها. والتعليم جعلها تتساوى مع الرجل في جميع المناصب الإدارية والسياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
الخدمات الطبية:
لقد ازدادت الخدمات الطبية المقدمة للأفراد بازدياد المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة التي استطاعت أن تنشر الوعي بين الأفراد بخصوص الأمراض الوراثية التي يكون سببها الأساسي هو الزواج من داخل العائلة دون أن ينتبه المقبلون على الزواج إلى ذلك. ولكن بفضل الفحص الطبي قبل الزواج استطاعت وزارة الصحة أن تقلل من وقوع إصابات مرضى السكلر الذي عانى منه الكثير في حياتهم نتيجة لخطأ لا دخل لهم فيه.
التغير الذي ظهر في الخدمات الطبية: هو أنه أصبح من الشروط الأساسية لإبرام عقد الزواج أن يظهر العريس للمَلّاك بطاقة الفحص والتي تكون فيها النتيجة إيجابية أم سلبية فإن كانت العكس فالزوجان يوقعان على تحمل مسؤولية قرارهما مع توضيح الأخطار التي سيتعرضان لها في المستقبل.
وسائل الإعلام:
حيث تنوعت وسائل الاستزادة من المعلومات عن الحياة والمجتمع والمشكلات والخبرات سواء من التلفاز أو الراديو أو الإنترنت أو الهاتف فكثرة هذه الوسائل جعلت الفرد والجماعة في موقع اختيار متعدد للمعلومة التي يريدونها في أي جانب من جوانب الحياة. ومن خلال هذه الوسائل استطاع كل من الجنسين أن يطور من عاداته وتقاليده ويضيف ويحذف منها ما يناسب هذا العصر. فالانفتاح على العالم الخارجي جعل من الفرد يعجز ويتعب في اختيار ما يناسبه وما يناسب ثقافته وهويته ودينه ليمتلك خصوصية يتفرد فيها عن الغير.
وأبرز التغيرات في وسائل الإعلام: في مسألة الممارسات التي تقام في الزواج، الملابس، الأغاني، الأكلات، السوق، مواصفات الشريك المناسب.
وسائل الاتصال و الاتصالات:
استطاعت هذه الوسيلة أن تقرب البعيد خصوصاً في الزواج، حيث كان يحسب ألف حساب لزواج الفتاة من مكان بعيد نظراً لبعد التواصل بينها وبين أهلها. كما يقول المثل الشعبي” عرسوني هلي من المالجية عرسوني هلي غصبن علي، إذا كليت السمج قالوا حرقتها وإذا حرت العين قالوا بطيتين وإذا صاح الولد قالوا ضربته والله يموت الولد أهون علي” والذي كان يعكس مدى معاناة المرأة التي تزوج بعيدا عن أهلها نظرا لقلة وسائل الاتصال. وبتطور هذه الوسائل استطاع الأفراد أن يتعرفوا على عادات شعوب أخرى وثقافات مما أدى إلى احتكاكهم بها وأخذ ما يعجبهم منها في كل مجالات الحياة ولا سيما العادات والتقاليد المتبعة في الزواج خصوصا في اختيار شريك الحياة إما عن طريق الهاتف أو الإنترنت. وكذلك التواصل مع هذه الوسائل بنشر تراثنا والتعريف به من خلال المهرجانات والسياحة وكذلك من خلال اعتزازنا بلهجتنا وملابسنا وبعض الأغاني الفولكلورية للزواج القديم لبعض المغنين الشعبيين الجدد في الساحة الفنية.
ومن أبرز التغيرات في هذا المجال: هو التعارف بين الشباب على الهاتف قبل الخطوبة وكذلك رؤية الشباب لبعضهم في السفر والذي قد يكون فرصة للتعارف ومن ثم تكوين علاقات للزواج.
خروج المرأة للعمل:
وفي اعتقادي فإن خروج المرأة للعمل والحاجة إليها من قبل الرجل جعلت المجتمع يتجاوز بعض العادات والمعتقدات الخاطئة تجاه المرأة ومن أن مكانها المنزل. ولكن بجدارتها استطاعت أن توفق بين العمل والمنزل. كما أن خروج المرأة للعمل جعلها تحتاج إلى تقنيات تساعدها في عمل المنزل مثل الغسالة الكهربائية والمكروويف كما فرض عليها مساعدة الرجل ومشاركته في إقامة حفلة الزواج والخطوبة وكذلك في بناء المنزل الذي سيعيشان فيه الأمر الذي جعل الحياة مشتركة بينهما في كل شيء ولا فضل لأحد على الآخر.
الاستعمار:
بفضل النفط والموقع الإستراتيجي للبحرين جاء الاستعمار الذي استطاع البلد من خلاله أن يكون علاقات خارجية مع بقية البلدان مما سهل التعامل التجاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي الذي عزز من الحصول على المنتجات التي وصلتنا من هذه البلدان والتي بفضلها استطاع البلد أن يطور من العمران والتجارة والثقافة فالاستعمار كان سلاحا ذا حدين فالحد الثاني استفدنا منه بشكل كبير في تنمية هذا المجتمع وتغيير أنماط السلوك المختلفة التي كانت مسيطرة على أفراد هذا المجتمع وعلى تفكيره سواء في الزواج أو في كل ما يتعلق به من ممارسات أو في غيره من العادات والتقاليد.
تطور التكنولوجيا:
فمن خلال تطور التكنولوجيا تنوعت الوسائل أو الطرق عند البعض في كيفية عمل حفل الزواج أو الخطوبة. فمن خلال الكمبيوتر أستطاع الإنسان أن يستخدمه في عروض الزواج وفي التصوير والأغاني وكذلك في صياغة الذهب والأقمشة وجميع حاجيات العريسين التي توفرها التكنولوجيا بسرعة دون عناء السفر كطلب قماش من بلد آخر.
وإن التطور في العادات و التقاليد لا يعني أن ينظر لها الشباب على أنها شيء أكل عليه الدهر وشرب. بالعكس فهي تشكل ثقافة آبائنا وأجدادنا وكيف حافظوا على تراثهم وكونوا خصوصية وهوية لهم من هذا التراث الذي ظلوا محافظين عليه. والذي يجب بدورنا نحن أن نواصل الاهتمام به والمحافظة عليه وذلك بالتعريف به لأبنائنا ولكل من يحب أن يتزود من هذا التراث الغزير الذي يعكس فكرا وثقافة وعلما ومهارة وإبداعا تلك الفئة التي يجب أن تحترم من قبل الجميع فلولاهم لما كنا نحن الآن موجودين فوجودهم ارتبط بوجودنا ووجودنا ترتبط بوجوده الأجيال القادمة وهكذا تستمر الحياة.
الخاتمة
أردت في هذه الدراسة أن ألفت الأنظار الى وجود تراث غني لدى كثير من القرى التي لم تحظ بجانب من الاهتمام والدراسة، ومن هذه القرى قرية النويدرات التي ركزت فيها على دراسة جزء من عادات وتقاليد هذا المجتمع وهو “الزواج” وترجع أهمية الزواج في هذه القرية الى قديم الزمان في محاولة من أفراد مجتمع البحث إلى جعلها مناسبة تتميز عن غيرها من المناسبات.
وعادات الزواج في هذه القرية تشمل الخطبة وما يرتبط بها من ممارسات وطقوس للتوفيق في إكمال نصف الدين. وثم المراحل التي يتم الاستعداد فيها للزواج من تجهيز لمتطلبات الزواج من ملابس وأكلات وحلي تحتاج إليها العروس والعريس لدخولهما مرحلة انتقالية تغيرت فيها مسيرة حياتهما. ولكي يتفاءلوا بها لأنها تعني عندهم الخصب والنماء كما أنها من المراحل التي تدخل على النفس البهجة والسرور لما تتميز به كل مرحلة من المراحل التي تحدث في الزواج بدءا من يوم الاغتسال إلى النذر إلى الحناء إلى المولد إلى الجلوة إلى الزفاف إلى صباح الصبحة ومن ثم الحوال، وكل ما يرتبط بهذه المراحل من ممارسات وطقوس تشكل خصوصية لمجتمع البحث وتعبر عن هوية وثقافة هذا المجتمع التي تميزه عن بقية المجتمعات.
ومن هنا ارتأيت أن كثيرا من هذه العادات اندثرت أو أهملت كما تأثرت بكثير من الأمور التي جعلت منها تراثاً يعتز به دون أن يكون له تطبيق على أرض الواقع.
ومن هذه الأمور الحداثة التي جعلت من أفراد المجتمع يتنازلون عن كثير من عاداتهم لينخرطوا في هذه الحداثة، اعتبارا إلى أن المتمسك بهذه العادات ينظر إليه على أنه متمسك بتراث عفا عليه الزمن. وكذلك الثقافة التي امتزجت بثقافات فرعية نتيجة للتطور مما جعلهم يحذفون ويضيفون مما يمتلكون من عادات وتقاليد، والدين الذي أصبح شماعة تعلق عليها الكثير من المبررات لما هم فيه الآن، حيث أن الدين لم يعد كما كان قبل خمسين سنة، فالموازين انقلبت وأصبح البقاء للأقوى.
وهنا بشكل عام أود أن أذكر بعض الممارسات والطقوس التي ما زال هناك بعض من الناس على صلة وثيقة بها لما تشكله لهم من قوة اعتزاز لهويتهم وثقافتهم مثل الحناء والنذر والجلوة، وإن أدخلت بعض عوامل الحداثة عليها إلا أنها ما زالت ترجع لجذور قديمة تشكل تراث آباء وأجداد هؤلاء الأفراد.
والصعوبات التي صاحبتني من بداية البحث إلى يوم تسليمه كثيرة ولا تعد، ومنها صعوبة التواصل بين الطالب والمشرف نظرا لعدم وجود محاضرات يلتزم فيها الطرفان بالحضور، وعدم توفير الإمكانيات والمستلزمات التي يحتاج إليها الطالب في مشروع التخرج من تقنيات كالكاميرا (الفيديو) وتوفير شخص مخصص لمونتاج الأعمال التي نقوم بها والتي يضيع الوقت فيها. وما لاحظته هو أن التعاون مع افراد الجامعة أصعب بكثير من التعاون خارجها. وكان تعاملي مع أفراد البحث “الإخباريات” في أخذ المعلومات منهم أسهل بكثير. على الأقل كان الوقت الذي قضيته معهن بفائدة أكثر من الوقت الذي أذهب فيه للجامعة لمعاناة من سيقرأ لي البحث والذي قد يكلفني الكثير من الوقت دون استفادة.
وختاما أتمنى من الله العلي القدير أن يوفقني لأن أكون قد قدمت البحث على أكمل وجه، وهذا يرجع إلى كرم العزيزة الذي لولاها لما كان عندي أمل في المواصلة.
وأخيرا أتمنى أن أكون قد ملأت بعض الثغرات الماثلة في هذا المجال والتي لم يتطرق لها الباحثون والشكر إلى كل من بذل مجهودا معي في إيصال هذا البحث إلى غايته.