رحلتَ فخلَّفتَ البياض لكم حبرا
به من بياض القلب ما يكتب الذكرى
رحلتَ مرايا مؤمن حين عكسه
على كل مهموم سيجري له نهرا
وأنت لهذا الشعب إن قال مؤمناً
صبوراً كظيمَ الغيظ في المحنة المجرى
أيا وتدا ما ثبَّت الله نوره
سوى وغشيُّ النور من فوره خرّا
مهابة إيمانٍ بها قد غشيتنا
فأكثرت هيَّابين من نوركم سبرا
لمحتجب بالنور وهو قريبنا
يبشُّ وفي البسمات ما يحمل البشرى
لمحتجب بالنور والوصل عادة
ومن نوره يمشي على أرضنا طهرا
وادعيُّ هل كان الوداع مقامكم
وما بيننا قد عشت منتظرا أمرا؟!
أم أنَّ على روح الوداعة رُكبِّتْ
مواقيت توديع ولم نبلغْ السِّفْرا؟!
سنينك فينا قد تخطَّت عديدنا
بهمساتها فاستأذنت تطلب الحشرا
ولا ما حشرنا غير يوم وفاتكم
ويوم بصمنا أنَّ موتك ما قرَّا
فأنت وداعيٌّ بهمس لطائف
فكيف لهذا الهمس يختمُ في المسرى
بلى إنَّ موتاً كالسريِّ صحبتَه
فكنت تجاري الموت وهو بكم فرَّا
لتترك روحا عندنا وهي حرزنا
تقول لهذا الشعب روح أبت دثرا
على عمد عن لوح عرش عروجكم
وفي تربة البحرين قد أتقن الحفرا
أيا صلة بين السماء وبيننا
حياة وموتا أنت فرعتنا جذرا
وقلت تراب العلم في كل أهله
إذا عالم قد مات ضمَّخه عطرّا
وعتَّق فيه الجذر من بعد موته
كأن الذي قد مات قد عتَّق الخمرا
سكرنا على أمجادنا أيَّ سكرة
وكان انتباه الموت يفجؤنا خُبْرا
وداعيُّ من عمر النخيلات عمركم
جذوع كست تاريخنا حينما تعرى
وإنك كاس بعض كسوة فاطم
على فدك الشعب الذي غصبوا قهرا
وإنك كاس بعض كسوة فاطم
على حلو تاريخ قد استطعم المُرّا
أيا سيرة الأوتاد بعد رسوخكم
رحلتَ فلن تحتاج في الرحلة الهجرا
لأنك فينا قمة رغم نحتها
أبانت لنور الله إذ يقشع الضرّا
رحلتَ على أحلامنا إذ تأجَّلتْ
فكنت لها سبقا إلى الضفة الأخرى
رحلتَ وهذا الشعب ركن انتقاصه
بما أنت قد أسندت ينتظر النصرا
أيا غيمة من غيب موت مشبَّعٍ
بوعد انتصار بالغياب وما أجرى
جرى قدرُ الرحمن أنت مشيئة
له حين كان الموت مأذونكم نذرا
يوفِّيكَ من نذر اللقاء طوافه
وحجٌّ إلى مسعاك كي نسقط الوزرا
فخلف سقوط الوزر حج متابة
وفيه جواد الطهر قد فرش القبرا
وهيأ للجنات سر خلودها
إذا ما استضافت من جواد لها مهرا