من النويدرات: زوجان جامعيان… غابت عنهما الوظيفة فحضر النجاح

loc-3

العكر – محمد العلوي

من النويدرات، قرية المعلمين، كان القدر يخط للمواطن محمد موسى عمران وأسرته المكونة من 5 أفراد، حكاية أمل فإحباط، فأمل جديد.

حكاية زوجين، استدانا لإتمام دراستهما الجامعية فكان الأمل. سدت في وجهيهما أبواب الوظيفة فكان الإحباط. افتتحا مشروعهما الخاص، فعاد الأمل أضعافاً مضاعفة.

الحكاية التي تتقاطع بداياتها، مع عشرات الحكايات للباحثين عن عمل تحديداً فئة الجامعيين، اختارت لنفسها نهاية مختلفة، عبر عنها بطلها بالقول «أنا اليوم أعيش الأمل. لم أنتظر الفرصة ولم يهزمني الإحباط».

يبدأ عمران حديثه لـ «الوسط»، سارداً فصول الحكاية، ليقول «في العام 2002 قررت إكمال دراستي الجامعية، فكان الخيار دراسة تخصص علم النفس في جامعة بيروت العربية، فيما كانت زوجتي تتأهب مع حلول العام 2006 لإكمال دراستها، فكان خيارها تخصص خدمة اجتماعية من جامعة البحرين».

ويضيف عمران الذي ينحدر من عائلة متعلمة ويعمل في وظيفة حارس أمن في وزارة التربية والتعليم، «هذا الخيار كانت له كلفته، المادية والمعنوية، حيث بلغ إجمالي التكاليف 16 ألف دينار، تحصلنا عليها على هيئة قرض بنكي»، ويتابع «كان البنك يأكل أكثر من نصف راتبي، لكن الحافز للتغيير كان أقوى من كل شئ، وكان باب الأمل مشرعاً وكلانا يقترب من الحصول على مؤهل البكالوريوس».

ويستدرك «خلافاً للتوقعات، انقلب الأمل لإحباط، فلمدة عامين كنت بلا كلل أطرق جميع الأبواب، بما في ذلك أبواب المسئولين في وزارة التربية والتعليم، دون الحصول على أية استجابة، والأمر ذاته طال موضوع زوجتي التي توقفت بعد 3 سنوات من البحث عن عمل يتناسب ومؤهلها الجامعي».

هنا، كانت أسرة محمد موسى عمران تمر بما يشبه نقطة التحول، يعبر عنها بالقول «قررنا التوقف عن اللهث وراء السراب، فالعمر يمضي والمستوى المعيشي يزداد صعوبة، فيما الوظيفة تشيح بوجهها عنا»، ويضيف «هنا بدأ الأمل يعود من جديد، لكنه عاد مصحوباً بمغامرة مدروسة».

تفصيلاً، يوضح عمران «كان العزم على أن نبدأ في مشروعنا التجاري، وكنا أمام أكثر من سيناريو، بين أن أستقيل أو أن تتنازل زوجتي عن سعيها للعمل بمؤهلها الجامعي، فاخترنا الثاني. ضحت زوجتي بشهادتها وبوقتها وجهدها، ولولاها لما استعدنا الأمل مجددا».

بحديثه، يصل عمران لـ 2013، العام الذي شهد افتتاح مشروعه التجاري «كوين لاند»، وهو عبارة عن محل لألعاب الأطفال، يشتمل إلى جانب ذلك على كفتيريا لإعداد وجبات للأطفال وصالة لاستضافة أعياد الميلاد.

يتحدث عن مشروعه، والبريق لا يفارق عينيه، «بقيت لمدة عام كامل أمحص فكرة المشروع، وكنت خلالها حريصاً على زيارة المشاريع المشابهة لاستيعاب الفكرة وتطويرها، فكان القرار بعد الاقتراض عن طريق أخي».

يتوقف عمران للحظة، ليرد على سؤال «الوسط»: هل بدأت تشعر لحظتها بأن لا قيمة للشهادة الجامعية؟

يجيب «على العكس من ذلك، فالشهادة أو التخصص بمعنى أدق، كان له الدور البارز في إكسابي المهارات اللازمة للتعامل مع الأطفال من جانب، ومع الزبائن من جانب آخر، علاوةً على مهارات حياتية ونفسية أكبر من مساحة المشروع نفسه».

عطفاً على تجربته، يخاطب عمران أقرانه من الجامعيين، فيقول «عليكم بالعمل الحر، شريطة دراسة الجدوى. لا تنتظروا الفرص الوظيفية، فأبواب الرزق في العمل الحر لا تحصى ولا تعد»، ويضيف «بعد 3 سنوات فقط، مكنني المشروع من استعادة التوازن في أموري المالية، بما في ذلك تسديد القروض».

ويتابع «ما أود إضافته هنا، أن المشروع يحمل أبعاداً تتجاوز الزاوية التجارية، فأنا ابن هذا المجتمع، ومن حقه علي تعزيز حالة التكافل الاجتماعي، لذا قررنا تقديم خدماتنا بالمجان لبعض الفئات من بينها الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، فيما قررنا كذلك تكريم المتفوقين عبر فتح أبواب المحل لهم في يوم تسلمهم للشهادة».

ويفتخر عمران بالدعم المعنوي الذي تحصل عليه من قبل مؤسسات تعليمة، علقت شهاداتها في مدخل المحل. يعلق على ذلك بالقول «هذا الدعم لا يقدر بثمن، وما تراه ليس مجرد شهادات، إنها أكبر من ذلك بكثير».

وفي الوقت الذي يؤكد فيه عمران، أن ثمار المشروع المعنوية، تجاوزته لتمتد لأبنائه وعائلته، قال بضرس بدا قاطعا: «لو خيرت اليوم بين الوظيفة التي تتناسب مع مؤهلي ومؤهل زوجتي، وبين هذا المشروع، لما اخترت على هذا الأخير بديلا».

شارك برأيك: