اصهلي يا خيلَ أحزاني اصهلي
فالنَّدى جفَّ بكلِّ السُّبُلِ
وطوى كلَّ الشآبيبِ التي
تتباهى خِلسةً في زُحَلِ
اصهلي فالخطبُ مرٌّ هدَّنا
لا تبالي من لسانِ العُذَّلِ
وارثُ (الفضلِ) السجايا والتقى
وعظيمُ القدر عند المفضلِ
سيدُ الأمجادِ قُمْقَامُ النُّهى
جَدَّ سيراً في طريقِ الأُوَلِ
مَنْ إلى المحرابِ في ليلِ الكرى
ليس يجفوهُ بواهِ البدلِ
مَنْ إلى الدمعات يسلو وقتها
مسرعاً كالبرق نحو الأملِ
مَنْ إلى الأيتام حضنٌ دافئٌ
قد كساها من وثيرِ الحُللِ
يمسحُ الدربَ حناناً بعدما
صابها غمٌّ كطعنِ الأسَلِ
وجياعٍ بعدَهُ قد أُرِّقتْ
وبها الدهرُ مشى كالحَجَلِ
إنه الغيثُ إذا ما أعوزوا
أو تَراهم أقفروا من بللِ
كان يرعاهم كنجماتِ الدُّجى
فغدو يبكون رهنَ الخَجَلِ
كان مأواهم إذا ما هوَّموا
كان عُمراً آخَراً للأجلِ
ألبس الدهر عباءاتِ الولا
فخطاهُ دائماً في شُغُلِ
لم تغب عنه ليالي كربلا
فهي أنشودةُ خطبٍ جللِ
كان فيها ذائبَ القلب فلا
تهدأُ الدمعةُ بعد المقتلِ
كان في ذكرِ حسينٍ واعياً
ليس ينساه برغمِ العِللِ
كان يسلو بحسينٍ دأبُهُ
ذا أميرُ الحبِّ وابنُ المرسلِ
كان لحنَ ( الجودِ) حرفٌ عاتنٌ
ليس يقواه بناءُ الجُمَلِ
وارفَ البسمةِ في أهوالِها
طَيِّبَ الروحِ بدنيا الوجلِ
رائعاً كان على صدعٍ لنا
فغدا الرأبُ كهولِ الزَّلْزَلِ
عذبُهُ المجدُ الذي أسسه
ظل يرنوهُ بحالِ الثَّملِ
أسكرَ اللحظةَ في أيامِنا
وتهاوى الخطوُ نحو الشَّللِ
وانقضى الحُلمُ الذي سامرنا
برحيلِ الفذِّ كهفِ المُثُلِ
ورفعنا الكف يا رب السما
بالرضا بالصبر لا بالوَهَلِ
واقتسمنا الجرحَ حتى خلتُنا
نزفَ قلبينِ ببابِ المُقَلِ
ومشينا نطأُ الجمرَ الذي
ذوّب العمرَ بأعتى المِرْجَلِ
تارةً نسرحُ في همِّ العنا
تارةً نبكي بكاءَ المُعْوِلِ
وسوادُ الليلِ يجري كالحاً
فوق آفاقي كثقلِ الجبل
والدَ العلمِ وعاد العلم في
دمعِ عينيه بكاءٌ أزلي
أنتَ من أثكلتهُ يا سيدي
فإلى من كلته في الخَطَلِ
حين تعوي الريحُ في ألوانها
أَتُرى أمَّنتهُ في الزَّلَلِ
وحواريون هاهم بعدكم
نغمَ الوعيِّ ونورَ الشُّعَلِ
أَتُرى أَعْلَمتهم دربَ التقى
كيف يبقون بوجهِ الحِيَلِ
أَتُرى أَعْلمتهم دينَ الهدى
دافِعوا عنه شديدَ المُعْضِلِ
كونوا بنياناً وصفاً واحداً
لا تكونوا كشتاتِ الهَزلِ
سيدي يا لحن دهري سيدي
ليس يكفي الشعر أو بالزجلِ
قد فقدناك الحمى واويلتا
ومشت أفكارنا كالذُّبُلِ
نمْ قرير العينِ يا فخر الدنا
أنتَ في الخُلدِ بخيرِ النُّزُلِ
أنت أعطيت عطاءً واسعاً
وغداً تلقى الهنا كالعسلِ
عند أجدادكَ سادات الورى
أحمدِ المختارِ والفحلِ علي