بابُ الحَوَائِجِ .. حَاجَتِيْ وَسُؤالي
هي وسطَ سجنك .. فهو بابي العالي
وضريحُكَ البَهْوُ الذي مِنْ رَحْبِهِ
هو ذاتُ سِجنِ الضِيْقِ في الأَبدال
في عُتْمةٍ .. لا تعرفُ الجدرانُ مَنْ
يوماً تَحَسَّسَها بِسِجْنِ نِضَالِ
كَانَ الوَمِيضُ إلى ضريحٍ مُشرقٍ
سِجْنُ الظلامِ وَقَبوُ نُسكٍ خالي
الرَّحْبُ في الظُلَماتِ ألاَّ نُورَ قد
حَدَّ المَكانَ .. أَشِعَّةً بِظِلالِ
ولأنَّنا المَحدُودُ نَجْنَحُ دائماً
للنُّورِ أَضْرِحَةً وَلَثْمَ خَيَالِ
ولأنَّ مُوسى لَيسَ مَحْدُوداً .. له
“سِجْنٌ ضَرِيْحٌ” مِنْ دَلِيلِ وِصَالِ
هُوَ سَاكنٌ فِيْ الكَوْنِ يُومِضُ سَاعَةً
بِمَقامِ قُدسٍ بعد سِجْنِ نِزَالِ
أو دَاخِلَ الأَسْوَارِ يَرسِمُ قَلْعَةً
هِيَ مَعقلُ الزُّوارِ في اسْتِقبَالِ
الزائرُونَ لكَ الذين بِسِجْنِهِمْ
رَفَعُوا الرَّحَابةَ مِنْ يَدِ الأَغلالِ
قَالُوا هُوَ السِّجْنُ المضيقُ سِنِيْنُهُ
وَقُرُونُهُ البَحرُ اتِّسَاعُ مَجَالِ
قَالُوا مَقَامُ السِّجْنِ بالسنواتِ إذ
لِضَرِيْحِ دَهْرٍ سِنَّةُ التِّرْحَالِ
ولقد قضيتَ كما قَضَىْ وَطراً بِهِ
عرشٌ لِيُوسفَ كَانَ فِي إِمهالِ
صَارَ العزَيزَ وكَادَ يُوْهِمُ خَصْمَهُ
أَنَّ القُيُودَ قَرِيْنَةُ الإِذْلالِ
وَغَدَوْتَ للحَاجَاتِ بَاباً .. بَابُها
في السجنِ يبدأُ لحظةَ اسْتِكْمَالِ
يا بابَ حاجاتِ الأنامِ .. بِسِجْنِنَا
حاجاتُنا شَمَخَتْ بِأَنْفِ رِجَالِ
وَبِسِجْنِنَا رَحْبُ الدُّنَا ثَوْرِيَّةً
عُهِدَتْ لأقيادٍ عَلَىْ أَبْطَالِ
يَسوَّدُ مِنَّا مشهدٌ عن ظُلمةٍ
حَجَبَتْ .. وَنُورُ النَّصْرِ نُورُ جلالِ
وبوجهِ مَنْ حُجِبُوا .. فَمُوْسَىْ نَاسِخٌ
أقمارَهُم .. والقبوُ لاسْتِنْزَالِ
لَكِنْ بِذَاكَ القَبْوِ يُوْسُفُ قََدْ طَغَىْ
بِجَمَالِهِ وَغَدا جَمَالَ مُحَالِ
يَعْصَىْ عَلَىْ الرَّغَبَاتِ وَالأَحْقَادِ والـ
نَزَوَاتِ تَجْرِيْداً لِرُوْحِ جَمَالِ
* * * *
مُوسَى كِلِيْمَ الله رَاهِبَ سِجْنِهِ
في السِّجْنِ قَدْ حَدَّدْتُ كُلَّ مَآلِي
إمّا أُكَوِّنُ فِيْ القُيُودِ هَوِيَّتِي
وبمعصمي قَدَرٌ مِنَ الأَفْعَالِ؟!
أَوْ أَسْتَكِيْنُ وَبَعْضُ قَيْدِيَ زِيْنَةٌ
وَيَدِيْ الكَلِيْلَةُ مِنْ قَبِيْحِ خِصَالِيْ؟!
سَأَرَىْ بِكَ السِّجْنَ الذي قَدْ أَغْمَضَتْ
فِيْ قَبْوِهِ عَيْنِيْ فَكَيَّفَ حَالِيْ
وَأَرَىْ بِكَ السِّجْنُ المُشِعُّ مَقَامَهُ
فِيْ الكَاظِمِيَّةِ زَائِراً لِنَوالِ
وَأُحَدِّدُ اليَوْمَ المَصِيْرَ .. أَلا وَقَدْ
حَدَّدْتُ حَاجَاتِيْ قُبِيْلَ سُؤَالِيْ
فَقُبَيْلَ تَحْقِيْقِ المَصِيْرِ رَحَابَةً
فَالسِّجْنُ قَنْطَرَتِيْ وَقَدُّ مِثَالِيْ
يَا ذَا المَقَامِ إِذَا غَدا لِوَجَاهَةٍ
هُوَ خَالِعُ الهَالاتِ لِلأَسْمَالِ
أمَّا المقامُ بِلا تَنَازُعِ مُلْكِهِ
هُوَ مِنْ وَجَاهَةِ رَاكِبِ الأَهْوَالِ
وَتَظَلُّ يَا مُوْسَىْ وَحَالِيَ ضِيِّقٌ
عَنْ أَمْسِكَ المَسْجُونِ يَوْمَ سِجَالِيْ
وَأَنَا بِرَحْبِكَ فِيْ الضَّرِيْحِ مُكَاشِفاً
قَدِرِيْ المُخَبَّأُ .. كُنْتَ كُلَّ سُؤَالِيْ
بَابٌ إلى الحَاجَاتِ سُجْنُكَ سَيِّدِيْ
وَعَلَىْ الضَّرِيْحِ حَوَائِجُ الأَقْفَالِ
نَجْتَازُ فِيْكَ الضُّرَّ وَهْوَ مُقدَّرٌ
وَالضُّرُّ مِنَّا سِيِّدُ الإِهْمَالِ
لِنَجُوزَ مِنْكَ القُدسَ سَاحَةَ وَصْلِكُمْ
هِيَ سَاحَةٌ لِلْحَقِّ بِاسْتِرْسَالِ
فَعَلَيْكَ بِالحَاجَاتِ قَبْلَ أَوَانِهَا
خُذْهَا لِتَوْقِيْتٍ عَلَىْ اسْتِهْلالِ
وَلَنَا مِنَ الحَاجَاتِ نُضْجُ ذَبِيْحَةٌ
فِيْ النَّار .. أَكْلَةُ نَاضِجِ الأَوْصَالِ