مِنْ حَظَّنَا .. أَنَّ فِيْ شَعْبَانَ مِنْ نُورِ
مُعَادِلُ الدَّمِّ فِيْ صَحْرَاءِ عَاشُورِ
وأنَّ فَرْحَةَ هَذَا الشَّهْرِ غَامِرَةٌ
مَا فِيْهِ لِلْحُزْنِ دُكَّانٌ لِتَأْجِيْرِِ
حَتَّى تَكَادُ بِشَعْبَانٍ وَفَرْحَتِهِ
تَقُولُ عَاشورُ ذَا مِنْ كَعْبِ مَغْمُورِ
شَعْبَانُ فِيْ مَوْسِمِيَّاتِ الوَرَىْ نَسَقٌ
مِنَ الفَرائِحِ مَطْبُوعٌ عَلَىْ الحُورِ
ذا مُبْهِجٌ مِنْ جَمَالٍ لِلْحُسَيْنِ .. أَلا
قَدْ جَاء فِيْ مَوْلِدِ التَّقْبِيْلِ فِيْ الطُّورِ
لَمَّا تَراءى جَمَالُ الله خرَّ لَهُ
مُوْسَىْ .. وَوَجْهُ حُسَيْنٍ وَجْهُ تَبْشِيْرِ
فَقَبَّلَ المُصْطَفَىْ فِيْ الطُّورِ وَجْنَتَهُ
وَدَوَّنَ العَرْشُ قَابَ القُبْلَةِ الغَوْرِ
يَا قُبْلَةً هِيَ غُوْرُ الكَوْنِ جَنَّتُهُ
وَدَمْعَةً وَسْطَ خَدٍّ مِثْلَ تَعْزِيْرِ
فِيْ اللثم خُلِّقَ شَعْبَانٌ بِهَيْأَتِهِ
فَكَانَ فِيْ فَاهِ طَهَ سُؤْرَ تَطْهِيْرِ
وَالسُّؤْرُ خَلَّقَ نَهْرَ الكَوْثَرِ .. انْهَمَرَتْ
دَمْعَاتُ أَحْمَدَ مِنْ مَاءِ المَقَادِيْرِ
فَشَقَّ نَهْراً عَلَىْ خَدِّ الحُسَيْنُ دُعِيْ
بِالكَوْثَرِ العَذْبِ أَوْ نَحْرٍ لِمَنْحُوْرِ
فَالخَدُّ وَالنَّحْرُ وَالأشْلاءُ رَابِضَةٌ
لَكَوْثَرٍ مِنْ وَلاءٍ قَصْدَ تَذْخِيْرِ
وَدَمْعَةُ المُصْطَفَىْ شَعْبَانُ أَبْرَقَهَا
إِلَىْ مُحَرَّمَ مَاءٌ غَيْرُ مَكْرُورِ
مَا رَابَ فِيْ الكَوْثَرِ المُنْسَابِ حِيْنَ غَدا
دَمْعاً إِلَىْ فَرَحٍ أَوْ دَمْعَ تَكْدِيْرِ
بَلْ شَقَّ بَحْرَيْنِ .. عَذْبٌ ذَاكَ مِنْ فَرَحٍ
وَمَالِحُ الحُزْنِ لُجِيُّ الأَعَاصِيْرِ
لا يَبْغِيَانِ عَلَىْ بَعْضٍ وَقَدْ قَدِرَا
عَلَىْ التَّمَاشِيْ مَصِيْراً بِالمَعَاذِيْرِ
عَذْراً إِلَىْ فَرْحٍ وَالحُزْنُ حَوَّطَهُ
فَكَانَ فُسْحَةَ تَأجِيْلٍ وَتَمْرِيْرِ
وَعَذْرَ حُزْنٍ إذ الأَفْرَاحُ كَادِحَةٌ
فِيْ غَيْرِ مَوْسِمِهِ القَانِيْ بِتَهْجِيْرِ
مِنْ هِجْرَةِ الفَرَحِ المَنْسِيِّ نَحْنُ هُنَا
قَبْضاً عَلَيْهِ حُسَيْنِيَّ الأَسَارِيْرِ
قَبْضاً عَلَىْ لَحْظَةِ المِيْلادِ لَيْتَ لَهَا
دَمْعَ النَّبِيِّ بِلا رَبْطٍ وَتَفْسِيْرِِ
فَكَرْبَلاءُ مِنَ الدَّمْعِ الشَّفِيْفِ بَدَتْ
كَأَنَّهَا وَعْدُ تَقْدِيْمٍ بِتَأْخِيْرِ
لا فُسْحَةٌ أُعْطِيَتْ فِيْ يَثْرِبٍ وَأَرَىْ
بَيْتاً لِفَاطِمَ فِيْها غَيْرُ مَذْكُورِ
دَعْنَا وَإِكْسِيْرُ هَذَا البَيْتِ يَنْخَبُنَا
بِكَوْثَرٍ عَوَضٍ عَنْ شُرْبِ إِكْسِيْرِ
نَقُولُ: عَنْ كَوْثَرِ المِيْلادِ يَثْرِبُه
وَبَيْتُ حَيْدَرَ ذَا رَيٌّ لِمَضْرُوْرِ
وَنَحْنُ أَضْرَارُ حُزْنٍ لا نَفُارِقُهُ
فَكَرْبَلاءُ بِهَا حُزْنُ الأَسَاطِيْرِ
نَحْتَاجُ بَيْئَةَ صَحْرَاءٍ مُزَيَّنَةٍ
بِنُورِ أَشْبَاحِ أُنْسٍ فِيْ الدَّيَاجِيْرِ
نَحْتَاجُ أَطْوَالَ نَخْلٍ وَهْيَ عَالِقَةُ
السَّعْفَاتِ فَوْقَ بُيُوتِ الوَحْيِ فِيْ الدُّورِ
نَحْتَاجُ بَعْضَ قِيَاسٍ .. بَيْتُ حَيْدَرَةٍ
بِمَسْجِدٍ .. بَيْتُهُ الثَّانِيْ بِتَجْسِيرِ
حَتَى نَرَىْ جِسْرَ مِيْلادِ الحُسَيْنِ عَلَىْ
البَيْتَيْنِ .. وَالمُصْطَفَىْ مُقْيَاسُ تَقْدِيْرِ
هَلْ كَانُ يَذْهَبُ فِيْ شَوْقِ الصَّلاةِ هُدىً؟!
أَمْ كَانَ أَهْدَىْ انْتِظَاراً مَوْلِدُ النُّورِ؟!
أَظُنُّ أَنَّ شَبِيْراً فِيْ مُشَاغَلَةٍ
قَلْبَ النَّبِيِّ لَأَهْدَىْ مَيْلِ مَخْمُورِ
قَدْ جَاءَ خَمْراً طَهُورا لا مُعَاقَرَةً
بَلْ لَثْمَةً هِيْ أَنْهَارُ التَّصَاوِيْرِ
أَنْهَارُ مِنْ عَسَلٍ وَالسِّبْطُ صَيَّرَهَا
خَداًّ مِنَ اللَّعْقِ مَشْقُوْقُ التَّبَاشِيْرِ
كَنْ حَيْثُ بَيْتِ عَلِيٍّ .. حَيْثُ مَوْلِدُهُ
يِأْتِيْ بِجِبْرِيْلَ فِيْ أَقوَى التَّدَابِيْرِ
فَرُبَّمَا تُهْتَ عَنْ قَصْدٍ لِمَسْجِدِهِ
وَحُرْتَ أَيْنَ المُصَلَّىْ بَعْدَ تَقْصِيْرِ
اقْصُرْ هَوَاكَ عَلَىْ وَجْهِ الحُسَيْنِ .. وَقُمْ
صَلِّ الصَّلاةِ بِتَقْصِيْرٍ .. فَتَكْبِيْرِ
فَعِنْدَ بَيْتِ عَلِيٍّ نَسْخُ مَسْجِدِهِ
وَبَابُهُ القِفْلُ عَنْ وَهْمٍ وَتَبْرِيْرِ
وَعِنْدَ وَجْهٍ كَوَجْهِ السِّبْطِ تَشْرَبُهُ
مِنْ سُؤْرِ أَحْمَدَ مِنْ قُبْلاتِ تَكْرِيْرِ
مَا أَنْتَ فِيْ حَاجَةٍ لِلْمَاءِ وَهْوَ غَدَا
طِلاءَ فَرْحَةِ مُشْتَاقٍ بِتَشْفِيْرِ
اِفْتَحْ هَوَاكَ عَلَىْ عِشْقِ الحُسَيْنِ بِلا
حَمِيَّةِ المَاءِ .. نَهْرٌ غَيْرُ مَنْهُورِ
تَلْقَاُه يَكْتُبْ لِلدُّنْيَا قَصِيْدَتَهُ
مِنْ كَوْثَرٍ زَمَّها أَحَلَىْ التَّعَابِيْرِ
وَمَوْسِمْ الفَرَحَ المَنْسِيَّ شَعْبَنَةً
وَيَثْرِبْ السِّبْطَ لا تَثْرِيْبَ مَجْبُورِ
فَالحَزْنُ إِنْ كَانَ قَهْرِياًّ تُكَرْبِلُهُ
لا تَنْشُرْ الفَرَح َالقَهْرِيَّ عَنْ جَوْرِ
يَا فَرْحَةً بِاخْتِيَارٍ نَحْنُ فُسْحَتُهَا
وَنَحْنُ تَضْيِيْقُهَا الآتِيْ بِتَقْرِيْرِ
قَرَّرْتُ مَنْحَ حُسَيْنٍ كُلُّ فَرْحَتِنَا
وَمَنْعَ غُبْنٍ بِأَصْوَاتِ الشَّحَارِيْرِ
وَخَصْمَ حُزْنٍ مِنْ المُكْتَالِ حَيْنَ طَفَىْ
كَيْلُ الحَزَانَىْ .. فَمِيْزَانِيْ لِتَطْيِيْرِ
لِمَنْ يُغَرِّدُ فَوْقَ الغُصْنِ مُنْتَشِياً
لا مَنْ يُضَلِّعُهَا آهَاتِ مَكْسُورِ
لِمَنْ تَيَثْرَبَ لا مَنْ قَدْ تَكَرْبَلَهَا
لِمَنْ تَشَعْبَنَ قَفْزاً خَارِجَ السُّورِ
وَعِنْدَ بَيْتِ عَلِيٍّ كَانَ مَوْعِدُهُ
لا عِنْدَ قَبْرِ حُسَيْنٍ قَصْدَ تَحْوِيْرِ
فَالحُزْنُ يُعْجِبُهُ التَّحْوِيْرُ عَنْ فَرَحٍ
مِثْلَ اللِّثَامِ يُغَطِّيْ وَجْهَ مَقْمُورِ
وَالحُزْنُ يَقْضِمُ أَطْرَافُ المَوْاسِمِ مِنْ
أَفْرَاحِهَا بِانْتِقَاصٍ عَبْرَ تَغْرِيْرِ
عَاشُورُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الوِّلايَةِ فِيْ
شَعْبَانُ .. هَذَا التَوَلِّيْ أَمْرُ مَأْمُورِ
وَآمِرٌ عِصْبَةَ الاِثْنَيْنِ سَيِّدُهُمْ
أَعْنِيْ الحُسَيْنِ بِإجْلالِيْ وَتَوْقِيْرِي
بَحْرَانِ لا يَبْغِيَانِ المَطْلَبُ .. اشْتَغِلُوا
عَلَىْ افْتِرَاقٍ بِلا قَسْرٍ وَتَقْسِيْرِ
لَكِنْ كَمَنْ يَتَلافَىْ حَدَّ صَاحِبِهِ
قَصْدَ التَّمَازُجِ هَذَا مَزْجُ تَعْكِيرِ
يَكْفِيْهُ تَسْلِيْمُ مَوْجِ الضِّفَّتَيْنِ عَلَىْ
بَعْضَيْهِمَا دُوْنَ إِقْحَامٍ وَتَنْفِيْرِ
حَيْثُ الحُسَيْنُ إِمَامُ الضِّفَّتَيْنِ هَوىً
وَالحَزْنُ والفَرَحُ المِيْعَادُ ذُو الطُّورِ
مِنْ جَانِبِ الكَوْثَرِ اللُّجِيِّ أَمْتِعَةٌ
تَغْشَىْ الذِيْ جَاءَهَا يَسْعَىْ لِتَكْوِيْرِ
فَيَحْمِلُ الأَرْضَ مِنْ حَمْلِ الحُسَيْنِ لَهُ
وَيَحْمِلُ الفَرَحَ المَذْبُوحَ كَالطَّيْرِ
إِنْ قَالَ صِرْهُ عَلَىْ كُلِّ الجِهَاتِ أَلا
أَحْيَا الجِهَاتِ بِأَفْرَاحِ المَنَاقِيْرِ
مَا تَلْقُط الطَّيْرُ فِيْ الأَجْوَاءِ مِنْ فَرْحٍ
يَرْمِيْ بَهَا أَجْلَ يَحَيْا وَرْدَ تَنْثِيْرِ
إِنَّ الحُسَيْنَ حَيْاةٌ لا انْقِضَاءَ لَهَا
شَدَّ المَمَاتَ فَأَمْسَىْ قَطْرَ مَقْطُورِ
وَقَالَ لِلْفَرَحِ المَنْسِيِّ كُنْ قَدَراً
بِاسْمِيْ .. كَمَا كَانَ حُزْنٌ فِعْلُ مَأْجُورِ