دور الشعب في تفعيل الوحدة الإسلامية للأستاذ عبد الوهاب حسين

الأستاذ عبد الوهاب حسين
الأستاذ عبد الوهاب حسين

المحور الأول
السبيل إلى الوحدة الإسلامية الحقيقية والكاملة وفق الرؤية القرآنية

قول الله تعالى: { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون } (المؤمنون: 52 ـ 53).

للأمة مفهومان أساسيان:

أولا ـ المفهوم السياسي:
ويراد بالأمة فيه: مجموعة من الناس يجمعها وطن واحد ومصالح مشتركة، تتوصل إلى تحقيق مصالحها المشتركة من خلال نظام سياسي وقيادة سياسية موحدة.

ثانيا ـ المفهوم الثقافي:
ويراد بالأمة فيه: مجموعة من الناس يجمعها الإيمان بقيم مشتركة ومقصد واحد في الحياة، تجسدهما في اختيار نظامها العام الموحد والقيادة الموحدة، الذان يعبران عن القيم المشتركة والمقصد الواحد تعبيرا صادقا ودقيقا في تدبير شؤونها.

ولفظ الأمة في الآية الشريفة المباركة هو بالمفهوم الثاني، وهو الهدف الذي يسعى الأنبياء عليهم السلام جميعا إلى إيجاده في الحياة.

والخطاب في الآية الشريفة المباركة يشمل جميع الناس أو جميع أفراد النوع الإنساني المكلفين، وليس أبناء المسلمين فحسب ـ كما يظن البعض ـ وتدل الآية الشريفة المباركة على أمور عديدة، منها:

الأمر (1): أن للإنسانية حقيقة نوعية واحدة.

الأمر (2): أن النظام الجاري في تدبيرها نظام واقعي واحد منسجم تماما مع تلك الحقيقة النوعية ويرتبط بعضه ببعض، ويقوم بقيادة الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) على أساس عقيدة التوحيد.

وتتضمن الآية الشريفة المباركة مجموعة حقائق أساسية، منها:
الحقيقة (1): أن الإنسانية بجميع أعراقها أمة واحدة، لها رب واحد، ودين واحد، ولها غاية واحدة في الحياة.

الحقيقة (2): أن الطريق إلى الاستقامة في الدين وتحقيق الغاية من وجود الإنسان في الحياة هو إتباع الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وطاعتهم في كل شيء.

الحقيقة (3): أن الناس خالفوا الأنبياء والأوصياء، فاختلفوا في الدين، وتباينت غاياتهم في الحياة، وتفرقوا شيعا وأحزابا وأصحاب مذاهب، كل يتحدث بما تشتهي نفسه بعيدا عن الحق والحقيقة، ويصر على رأيه ظلما وعدوانا.

الحقيقة (4): أنهم سوف يحاسبون عن ذلك في يوم القيامة ويجزون كل بحسب عقيدته وعمله.

والخلاصة:
لا يمكن تحقيق الوحدة الإسلامية الحقيقة والكاملة بدون إجماع المسلمين على معرفة أئمة الحق الذين يحملون الرسالة بحق وحقيقة ويمثلون الامتداد الطبيعي للرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطاعتهم في كل شيء. فهم السبيل الوحيد لتوحيد معرفة المسلمين بالدين الحق على أساس العلم اللدني الموهوب إليهم من الله عز وجل، وتوحيد صفوف المسلمين ومواقفهم العامة في الحياة عليه، أي: تحقيق الوحدة الإسلامية الحقيقية والكاملة (الفكرية والاجتماعية) وهذا ما يحكم به العقل السليم أيضا، حيث أن كل اجتهاد في العلم المكتسب يمكن أن يقابل باجتهاد مثله، فيكون الاختلاف في الدين في هذه الحالة مشروعا.

ومن جهة ثانية فقد ثبت بالعقل والنص حرية الاختيار للأفراد، فيستطيع كل فرد باختياره أن يكون مسلما أو كافرا، طائعا أو عاصيا، وغير ذلك من الخيارات، ولكن على الصعيد المجتمعي: هناك حتميات تاريخية لابد أن تتحقق، ولا يستطيع الأفراد والجماعات والقوى السياسية والمجتمعية الأخرى أن يحولوا دون تحقيقها مهما وضعوا من استراتيجيات، ورسموا من خطط، واتخذوا من مواقف مضادة في الحياة، ومن تلك الحتميات: ظهور الدين الحق على كل دين.

قال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } (التوبة: 33) – (الصف: 9).

وقال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } (الفتح: 28).

وغير ذلك من الآيات التي تذكر مثل هذه الحتميات التاريخية.

ومن ذلك نتوصل إلى النتائج المهمة التالية:
النتيجة (1): أنه مع وجود الحرية الفردية في الاختيار، فإن السنن التي تسير وفقها الحركة الاجتماعية والتاريخية للإنسان، لابد أن تنتهي بالمسيرة التاريخية للإنسان إلى هذه الحتميات.

النتيجة (2): أن خيارات الأفراد والجماعات والقوى والشعوب والأمم، لها تأثيراتها في تقديم أو تأخير حدوث هذه الحتميات، ولكن ليس في إمكانها إلغاؤها.

قال الله تعالى: { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (الأعراف: 128).

وقال الله تعالى: { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } (الأنفال: 7).

النتيجة (3): أن حتمية الانتصار للدين الحق وظهوره على كل دين، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال وجود أئمة الحق الذين لديهم المعرفة التامة بالدين الحق والقدرة على تطبيقه بصورة صحيحة ودقيقة على أرض الواقع، ويتصدون لتحقيق هذه الغاية الربانية بشكل كامل بجهادهم المستميت وتضحياتهم العظيمة، مع وقوف المؤمنين إلى صفهم ونصرتهم بالنفس والنفيس.

قال الله تعالى: { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } (القصص: 5).

وقال الله تبارك وتعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } (الأنبياء: 105).

وخلاصة البحث:
لا يمكن تحقيق الوحدة الإسلامية الحقيقة والكاملة وتحقيق غاية الرسالة في الحياة بصورة كاملة ودقيقة، بدون إجماع المسلمين على معرفة أئمة الحق وطاعتهم، ولن تتحقق هذه الوحدة الحقيقة والكاملة بعد الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلا مع ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف حيث سيحصل الإجماع المطلوب بحول الله تعالى وقوته.

ولكن لا أحد من العلماء العارفون يقول: بأن الأمة الإسلامية تفقد وحدتها بالكامل في ظل غياب هذا الإجماع. وهو الخطأ الذي وقع فيه البعض بسبب اكتشافه لبعض الحقيقة ولم يكتشفها كاملة، فذهب إلى رفض الوحدة الإسلامية، وقام البعض بتكفير الذين يختلفون معهم من المسلمين في الرأي والمذهب، وهذه جريمة دينية وتاريخية كبرى. فقد أكدت أحاديث الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) على أن الأمة الإسلامية أمة واحدة رغم الاختلاف المذهبي الحاصل بين أتباعها، وسوف أكتفي بذكر أربع روايات اخترتها من بين عشرات الروايات: اثنتان عن مدرسة الخلفاء، واثنتان عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

قال الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان” (صحيح البخاري. كتاب الإيمان).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا شهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، واستقبلوا قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، وصلوا صلاتنا، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها” (نفس المصدر).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: “الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان” (الفصول المهمة. شرف الدين. ص 23).

وقال الإمام الباقر عليه السلام: “والإسلام ما ظهر من قول وفعل، وهو الذي عليه جماعة من الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك عن الكفر وأضيفوا إلى الإيمان” (نفس المصدر. ص 24).

فعلى كافة المسلمين الحذر من تكفير بعضهم البعض ومن قتالهم وظلمهم، وعليهم أن يقفوا صفا واحدا متراصا في الدعوة إلى دين الله عز وجل (كل بحسب اجتهاده) والدفاع عنه وعن بلاد المسلمين ومصالحهم ومقدراتهم، والحذر من التورط في التآمر مع الأجانب على بعضهم.


المحور الثاني
دور الشعب في تفعيل الوحدة الإسلامية

تمثل الفتنة الطائفية خطرا جديا على كافة المسلمين، محليا وإقليما ودوليا، ولم تعد المسألة مسألة اختلاف فكري بين المسلمين ولا شأنا محليا، فقد أصبحت اليوم جزء من المخطط الصهيوأمريكي الذي يستهدف وجود المسلمين ومصالحهم الحيوية، وتتحمل الشعوب الإسلامية مسؤولية ضخمة ولها دور أساسي يسبق دور الحكومات ويؤسس له في مواجهة الفتنة الطائفية التي تخطط لها أمريكا والكيان الصهيوني ويشارك فيها العملاء والجهال من التكفيريين وغيرهم.

وأوجز هذا الدور في النقاط التالية:
النقطة (1): اعتماد الواقعية التي تقوم على المكاشفة والمصارحة، وهذا يحتاج إلى خلق التوازن بين الحرص على معرفة الحقائق الدينية والتمسك بها والدعوة إليها، حيث لا يعبد الله عز وجل إلا بالحق، وبين المحافظة على وحدة الصف، وهذا يتطلب الكفاءة في إدارة الاختلاف التي تحفظ هذا التوازن. وأرى بأن الرموز والقيادات العلمائية والمؤسسات الدينية هي التي تتحمل هذه المسؤولية بالدرجة الأولى أمام الله عز وجل والناس والتاريخ، وتعتبر صمام الأمان في الأمة إذا أحسنت القيام بهذا الدور المهم والحساس جدا.

النقطة (2): يجب على أفراد الأمة / الشعب أن يتحملوا المسؤولية في اختيار مرجعياتهم الدينية والسياسية استنادا إلى معرفة الحق والقبول به على أساس الصدق والإخلاص لله عز وجل في النية.

قال الإمام الحسين عليه السلام: “فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق”.

فيجب على الإنسان ـ بحكم العقل والدين ـ أن يعرف الحق ويقبل به، ثم يقبل بناء عليه بالمرجعيات والقيادات والمناهج والمشاريع التي تمثله بحسب ما يعلم، ويكون هذا موقفه من كافة المرجعيات والمناهج والمشاريع المطروحة على الساحة الإسلامية منذ وفاة الرسول الأعظم الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى الآن، فإن هذا ما تفرضه عقيدة التوحيد، وليس العكس: بأن ينحاز إلى مرجعية فكرية أو سياسية ويقبل بمنهجها ومشاريعها ويجعلها معيارا للحق، فإن من شأن هذا أن يضل الإنسان عن الحق ويصرفه عن العدل، ويرسخ الاختلاف ويجعله أزليا وغير قابل للحل، حيث يتخذ كل واحد لنفسه سبيلا خاصا يتخندق فيه، ويصدر أحكاما مسبقة على الغير بدون علم، فيصبح في قوقعة مغلقة لا تسمح بدخول النور إلى قلبه.

قال الله تعالى: { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ. تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ. وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ. فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ } (الملك: 6 ـ 11).

مع التنبيه إلى أن القبول بالحق ثم القبول بالمرجعيات والمناهج والمشاريع التي تمثله بحسب ما يعلم المكلف ويستيقن، يحتاج إلى الصدق والإخلاص لله عز وجل في النية، لأن ذلك قد يتطلب منه تغيير انتمائه وولائه الديني أو المذهبي أو الحزبي أو تغيير مواقفه، وهو ليس بالأمر الهين، فهو لا يتوقف على مجرد معرفة الحق، وإنما القبول به، وبين معرفة الحق والقبول به فرق كبير.

قال الله تعالى: { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } (النمل: 14).

فالقبول بالحق، ثم القبول بالمرجعيات والمناهج والمشاريع التي تمثله بحسب ما يعلم المكلف، يتطلب التغلب على الأنا والأنانية (المطامع والمنافع والامتيازات والمخاوف) والمروث الشعبي الاجتماعي والتاريخي الضخم والروابط النفسية، مما يضعف أمامه الكثير من الناس، ولا يقدر عليه إلا الأقوياء الصادقون المخلصون لله عز وجل في النية الذين يشملهم الله عز وجل برحمته الواسعة ولطفه.

النقطة (3): يجب على الرموز والقيادات والمؤسسات الدينية الذين يؤمنوا بالوحدة الإسلامية ولهم رؤية مخالفة للفتنة الطائفية، أن يقوموا بدور معاكس لرد هجوم دعاة الفتنة رسميا وشعبيا والقضاء عليها، وهذا يتطلب منهم التحرك بجدية والأخذ بزمام المبادرة وعدم التأخر أو التسويف، وعدم الاكتفاء بالطرح النظري ثم التسليم عمليا لأجندة دعاة الفتنة الطائفية والقائمين عليها، بل السعي الحثيث لأن تكون لهم أجندتهم وبرامجهم الوحدوية المناهضة للفتنة وتطبيقها من أجل إبطال مفعولها.

وهذا يتطلب منهم أمور عديدة، منها:
الأمر (1): الحرص على نشر ثقافة الوحدة وروحها وتعزيز المحبة والتآخي والتآزر بالأقوال والأفعال. ونبذ دعاة الفتنة والطائفية وعدم السماح لهم بنشر ثقافة السم والموت والخراب والتناحر بين أخوة الإيمان والدين الواحد.

الأمر (2): التواصل المستمر على المستوى الشعبي بين أبناء الطائفتين الكريمتين برعاية أبوية من الرموز والقيادات والمؤسسات الدينية والسياسية المؤمنة بالوحدة الإسلامية، فإن من شأن القطيعة خلق الأرضية الخصبة لسوء الفهم وسوء الظن، ومن شأن التواصل خلق الأرضية الصالحة للفهم الصحيح والتفهم وتعميق حسن الظن بين المسلمين.

الأمر (3): السعي لتحصيل الفهم الواقعي والمحايد للواقع ولكافة المشكلات والقضايا المطروحة على الساحة الوطنية أو الإقليمية أو الدولية، والتعامل معها بموضوعية وحيادية على أساس العدل، بعيدا عن العناد والحس الطائفي البغيض والأنانية والتعسف في إصدار الأحكام من أجل الحصول على المكاسب والامتيازات والانتصارات الطائفية العدوانية التي تأتي على حساب الغير ـ كما يحدث غالبا في بلادنا ـ وذلك بالنظر إلى أن الجميع أبناء أمة واحدة وشركاء في الوطن، مما من شأنه أن يحقق العدل والإنصاف بين كافة المسلمين والمواطنين، ويحفظ حقوقهم جميعا والمصالح المشتركة بينهم، ويحفظ السلم الأهلي والأمن الوطني، وهو السلوك الصحيح الذي ينبع من صلب الإيمان وعقيدة التوحيد وتفرضه التقوى على المؤمنين في أطروحاتهم ومواقفهم، وليس العكس: فالمؤمن لا يظلم ولا يسعى في انتقاص حقوق حتى أعدائه، بل يعطيهم النصف حتى من نفسه.

قال الله تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (المائدة: 8).

الأمر (4): السعي لإبراز المشتركات الفكرية التي تكشف عن الوحدة الحقيقية بين المسلمين وتقوم عليها. والاهتمام بالقضايا المشتركة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، التي تكشف عن وحدة المسيرة والمصير، مثل: الشراكة الشعبية في صناعة القرار، واحترام حقوق الإنسان، والقضية الفلسطينية، وبلورة عمل وحدوي مشترك من خلال برامج عمل محددة تشارك فيها المؤسسات والرموز والقيادات من الطائفتين الكريمتين.

شارك برأيك: