«حَجُّ الحسين» قصائد الأربعين (١) الشاعر سلمان عبد الحسين سلمان

«حَجُّ الحسين» قصائد الأربعين (١)
الشاعر سلمان عبد الحسين سلمان

عـلـى هـبـوات الـجـرح تصحو عـذابـاتـي
يــهــيــج بــهــا أنّــي أقــرّع فــي ذاتــي

فـيـا مصلـت الذكرى فـلـقـتَ مـلامـحـي
فصار انشطاري في الهوى نزفُ أشتاتي

ســلام عــلــى كــلــي إذا جُــزِّئَــتْ لــه
مـواويـل عـمـري مـثـل إغـبـاش غـيمـاتِ

لـيـمـطـرن فـي دربـي بـوصـل وقــطـعـه
ويُـسـكِـرنَ أحـزانـي ويَـمْــلأنَ لَـــذَّاتِـــي

ويـجـدبـن فـي روحـي بـقـدر اخـضرارهـا
ويـكـشـفـن أفـراحـي وبـــئــرا لـعـلاتــي

أنـا مـسـتـحـيـل الـدهر في بدء خطوتي
وأسـرار عـجـزي عـلـمـتـنــي نـبــوءاتـي

أنــا رجـــحـــان الــمـوت حـــدَّ تــورمـــي
بـأفــيــاء عـمـر صـرن أكـبـر ثــفــنــاتـــي

إذا لـم أكــن فــي الأربــعـيـن مـسـافــرا
لــحــج حــســيـن حـج مـكـة إفــلاتـــي

وكــل مــواقـــيـــت بــمـكـة أســـســـت
عـلـى غـيـر ميقـات الحسين كـهـفــوات

إذا أنــا مــا عــبَّــقــتُ وجــهــي عــنــده
ظـفـرتُ بـحـج الـعـمـر مـلـيـون مـــكّـــاتِ

فــكــيــف ولـي تـعـفـيـرة عــنــد عــافــر
أنـا طـفـتُ عــرشَ الله فـي سـبـعِ مـراتِ

إذا كــان هـــذا الــدهــر حــج مــسـافــة
وأشــواطــه بــيــن الــوصــول وعــثـــراتِ

فــحــج حــســيــن ضــامــن لــوصـولـنــا
وإنْ كـان حــشــرا زاحـفــا بــالــمــروءاتِ

وبـالـركـن والـتـسـلـيـم بـــرد ســلامــنــا
عــلــيــه مــهــيــب دفــقــه بــالـحـراراتِ

بــكــاء وركــضــات الــجـمــوع لـــقــبـــره
كــخــفـقـة غــيــم قـبـل إمـطـار روضــاتِ

نـعـم إنَّ فـي الـغـيـم الـمـجـاور روضـــــه
صـدى ركـضـة مــنَّــا وإبـــراق دمــعــــاتِ

ومــا كــان هـــذا الـغـيــم يـطـلـب أجــره
كـمـا لـيـس نــبــكــي رزأه لــمــثــوبــاتِ

بـكـيـنــاك يــا ابــن الـطـاهــريــن لأنـــنــا
أردنــاك عــن أيــمــانــنــا حـــرز إثـــبـــات

أردنــاك حــر الــوعــي فـي صـنـع ذاتــنــا
ولـيـس شـفـيـع الـذات من بـعـد خـيـبـاتِ

بــكــيــنــاك إنَّ الأجـر مــنــك ســجــيــــة
فـإنْ نـحـن قــايـضـنـــاه ذا لــــؤم إقــــواتِ

عـلـى عـفـونـا نــبـكــي وأنـــت تــثـيـبـنـا
كـمـا شـئـت يـا أمـرا بـكـل الـمـشـيـئــاتِ

وكــيــف لــنــا أنْ نــطــلـبَ الـدمـعَ مِــنَّــةً
ورزؤُكَ مَـفْــطُــورٌ بِــهِ دَمْــعُــنَــا الــعَــاتِــيْ

إذا مــــا مــنـنــا حـيـن نـبـكـيـك طــلــبـــة
سـتـسـبـقـنـا فـي الـنـدب سـبع سماواتِ

وتـسـبــقــنــا أرض بــخــضــر دمـــوعـــهــا
مـواسـمـهـا فـي الـسـبــط زرع لـشـتــلاتِ

فـسـل نـيـنـوى عـن أي صـحـراء غـلــظـــة
لـنـا أنــجــبــت بـالــنــدب شُـمَّ الـنُّـخَـيْـلاتِ

فـمـنـذ هــوى فـيـهــا الـحـسـيـن مـعــفــرا
تـبـرعـم فـيـهـا الـنـدب فــي قــيــظ رمــلاتِ

فــأصــبــحــت الـخــضـراء روضـــة عـمــرنـــا
لـهـا ســفــر الــدنــيـــا لـمـسـكٍ بــتــربــاتِ

سـلام عـلـى نـجــع الـحـسـيـن وجـسـمـه
وبــعـثــرة الأشــلاء ســمــدُ الــمــنـــاحــاتِ

بــهـــا مـمـرع فــي الـطـف أنــدى وجـودنــا
لأنّـا بـكـيــنــا نــحـن أبــقـــى الـــوجـــوداتِ

وأنــــقـــــى كــــيــــان شـــرّف الله قـــــدره
ومـن طـيـنـة الأطـهــار أفـضــل طــيـــنــــاتِ

زكـونـــا كــتــرب الـطــف بـــعـــد تـــصــحـــر
وأنـفـاسـنـــا مــن صـــنَّـــعــتْ صـفـــو ذرات

فـلا عــدم الـقـلـب الـحـسـيــن وعــشــقــه
ولا ضـيَّــعــت مــنَّــا الــخــطــى حجـه الآتي

شارك برأيك: