«حشر الأربعين» قصائد الأربعين (٢)
الشاعر سلمان عبد الحسين سلمان
هَـبَـطْـتِ عـلـى حـزنـي كـجـنَّـةِ أوجـاعِ
فـكـنـتِ على وصـفـي كما أبدعَ الناعي
أيـــا كـــربــلا يــرتــاحُ قـلـبـي إذا بـكـى
وتُـعـشِـبُ فـي خُلدِ المُعانـاةِ أضـلاعـي
ولــســتُ أرى نـفـسـي بـكـيـاًّ بِـحُـرقَـةٍ
لأنَّ البكا في العِشقِ ذا نَهْرِيَ السَّاعِيْ
أنـا نـسـخـةٌ فـي كـربـلا مـن طـبـاعـهـا
تَـشَـكَّـلْـتُ في ذاتـي وكـيَّفْـتُ أوضاعي
ألـمْ تًـكُ صَــحــراءً وَقَــلْــبِــيْ مُــصـحَّــرٌ
وقـد أمـرعـتْ إذ حَـانَ مَـوعِـدُ إِمْــرَاعِـيْ
ألـمْ تَـحْــوِ نَـهـْـراً مِــثْــلَ بِــئْـرٍ مُـعَـطَّــلٍ
فُــرَاتـــاً بِـــهِ الإِرْوَاءُ مَــهْــنَــةُ إِخْــضَــاعِ
وقد كــانَ دمـعـي بِـئـرُ نَفسٍ شَـحِيْحَـةٍ
فُـرَاتِـيَّـةُ الـمَـسْـعَــىْ بِــأَسْـوَأ أَطْــبَــاعِ
فَـفَـجَّـرَتْ الــبِـئْــرَ الــمُــعَـطَّــلَ بَـعْـدَمَـا
تَـــصَــدَّعَــتْ الأَحْـــزَانُ جُــدْرَانَ إِقْـــلَاعِ
وفـي أربـعـيـنِ الـحَـشْــرِ بِــدْءُ قِــيَـامَـةٍ
بـهـا يـتـوالـى الـنـاسُ مـن قـبـرِ إِهْطَاعِ
ويُـنْـشَـرُ هَـذَا الـحَـشْـرُ في الطَّفِّ بَاكِياً
وَرَكْـضَـتُـهُ لِـلْـقَــبْــرِ ذَهْــلَـــةُ مَــطْـــوَاعِ
يَـسِـيـرُ بِـقَـصْــدٍ والـحُـسَـيْـنُ مَـصِـيْــرُةُ
وفـي ذاتِ خَـطِّ الـسَّـيْـرِ قِــصَّــةُ إِبْـــدَاعِ
فَلَمْ يـنـفـصلْ يـومـاً عن السبطِ لَـحْظَـةً
بِرُغْمِ ذُهُولِ الحَشْرِ في مَـشْيِـهِ وَاعِـيْ
ألا اقْـصِـدْ حُـسيـنـاً إِنَّ أقـدامَ سَعْيِـكُـمْ
بـهـا مِـنْ ثَـبَـاتِ الـحُـرِّ خَـبْـطَـةَ إِمْــتَــاعِ
غُــبُــارُكَ مِـسْـكٌ والـخُـطـَىْ رُوحُ خِـفَّـةٍ
وَخَـطْـوَكَ نَـحْـوَ الــقَـبْـرِ رَمْــيَـةُ مِــقْــلاعِ
فَـذَلِـكَ فِـيْ حَـشْـرِ الـحُسَيْـنِ لَـمُـعْجِـزٌ
وَحِـيـنَ لَــهُ تَــمْـشِـيْ دُفُــوعٌ بِـإِقْــنَــاعُ
ألا حَـــفِّــزْ الــخَــطْــوَ الــذِيْ بِــكَ زَائِـــرٌ
إذا اغْـبَـرَّ فَـاعْـلَـمْ ذاكَ مَـشهدُ إِقْـشَـاعِ
فَـبَـانَــتْ قِــبَــابُ الــغَــاضِـرِيَّــةِ إِنَّـــهَـــا
مَـنَـارَاتُ لِـلُّـقْـيَـا بَـهَـا قَـدْ دَعَـا الـدَّاعِـيْ
فَـعِـنْـدَ ضَـرِيـْحِ السِّبطِ فِي عَفْوِ دَمْعَتِيْ
أُهَـاطِـلُ رُوحِـيْ مِـثْـلَ جَـثْـمَـــةِ إِرْبَـــاعِ
وَلَـسْـتُ إِذَا نَــدَّتْ عُــيُــونِــيْ مُـقَـاوِمـاً
تَـصَـارِيْـفَـهَـا كَـانَـتْ مَـشِيْئَـةَ إِشْبَاعِـيْ
وَفِـيْ حُـبِّ هـذا الـهَـاشِـمِـيِّ فَدَمْعُهَـا
إذا مَـا تَـبَـدّىْ فَـهْـوَ مِنْ بَعْضِ أطْمَاعِيْ
أنا مُـصْـلَـتُ الدَّمْعَاتِ لا مُـسْـتَـخِـيْـرُهـا
وإنْ كَـانَ عَـفْـوُ الـدَّمْــعِ لَــمْـعَــةُ إِيْـدَاعِ
بِـهَـا يَـخْـزِنُ الـمَـحْـرُومُ حَـرْمُـانَ قَـلْـبِـهِ
وَيُــبْــرِمُ بِــالـحُـرْمَــانِ حَــالِــبَ إِضْــرَاعِ