أضواء (٥): الولاية لمن؟ بقلم أحمد عباس هلال

أحمد عباس هلال
أحمد عباس هلال

في ظهرِ ذلك اليوم المشمس الحار، وتحت لهيب أشعة شمس صحراء الحجاز الحارقة، وبغديرٍ يقالُ لهُ خم، باليوم الثامن عشر من شهرِ ذي الحجة من ذلك العام، وبأمرٍ إلهيٍ عظيمٍ ومهِمٍ لرسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قبلها “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”، هناك تحقّق الوعد الإلهي الحق، المذكور بالزبور من بعد الذكر بـ”أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ”، فلقد بلغ الرسول ما أنزل إليه من ربه، وصدح مجلجلاً بالحق، وامام مائةِ ألفٍ أو يزيدون، فقال: “فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه”.

بالرجوع للآية الكريمة حيثُ استُهلَّت بنداء التشريف والتكليف معاً: “يَا أَيُّهَا الرَّسُول” المبعوث إلى العالمين “بَلِّغ”؛ أي أوصل “مَا أُنزِلَ إلَيْكَ” ما فيه الهداية؛ لأنه “مِن رَّبِّكَ” المالك أمرك والحافظ لشأنك، فلا تخشَ في الدعوة إليه أحداً، ولا تخف من مكرهم لإيقافها أبداً، فإن الله متكفل بالهداية وأنت مكلَّف بالبلاغ.

“وَإن لَّمْ تَفْعَل” بأن لو امتنعت عن البلاغ أو كتمت بعضه “فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ”؛ أي: فما أديت واجب الرسالة ومقتضاها؛ لأن كتمان بعضها إغفالاً لها ككتمها كلها، ولأن بعضها ليس أولى بالبلاغ من بعض، فجميع الرسالة يكمل بعضه بعضاً، ويوصل بعضه إلى بعض.

وإن فعلتها ونطقت بما أُنزل إليك “وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ” الذين هم أعداؤك من الكافرين، فلن ينالوك بضر – من قتل أو أسر – يمنعك من استكمال إبلاغ الرسالة، فما عليك أنت إلا البلاغ المبين.

وبعيداً عن الطروحات والإشكالات العقائِدية لهذه الآيه الكريمة، أقف هنا أمام البلاغ والرسالة التي أراد الله لها أن تتم، فما هي هذه الرسالة؟، ولماذا هذا التشديد والتأكيد على مسألة إبلاغ الناس بها؟، وما هو هذا البلاغ الذي لو لم ينطق به لما تمت رسالة محمد؟.

انها الولاية..نعم انها الولاية، والولاية والولاء لو بحثت عنهما في أغلبِ المعاجم العربية ستجد ان تعريف المصطلحين يكون بمعنى الإخلاصِ والطاعه، فلمن نخلص ولمن يكون الولاء والطاعه؟.

فالولاية لله “اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النور”، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهو ينطقُ عن الله “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ()إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ”، فلقد بلغ ما أُرسلِ إليه من ربه وصدح بالولاية لعلي عليهِ السلام “اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه”، وبدورهِ عليٌ عليهِ السلام بلغ للحسنِ المجتبى عليه السلام، للحُسينِ شهيدِ كربلاء عليه السلام، إلى أن وصلت لصاحِبِ الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف، والآن هو غائِبٌ حاضر فإلى من آلت الولاية؟.

سؤالٌ أجاب عليهِ صاحب الأمر عند غيبته الكبرى فقال: “وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حُجّتي عليكم وأنا حُجّة الله عليهم”، فمن هم أيضاً رواة حديثهم؟.

فلقد أجاب السيد الخوئي قدس سره الشريف على هذه المسألةِ فقال: في رواية إسحاق بن يعقوب : وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا وذلك لأن الحوادث الواقعة قد لا تكون منصوصة فلا يمكن أن يجاب فيها إلا بالاجتهاد وإعمال النظر . وأما التعبير فيها برواة الحديث دون العلماء أو الفقهاء فلعل السر فيه أن علماء الشيعة ليس لهم رأي من عند أنفسهم في قبال الأئمة عليهم السلام ، فإنهم لا يستندون إلى القياس والاستحسان والاستقراء الناقص وغير ذلك مما يعتمد عليه المخالفون ، وإنما يفتون بالروايات المأثورة عنهم عليهم السلام فهم – في الحقيقة – ليسوا إلا رواة حديثهم، اذن فالمراد برواةِ حديثهم؛ هم العلماء المجتهدون العدول اللذين افنوا حياتهم في الدرس والتدريس واقامه الدين.

لذلك نقف اليوم أمام هجمةٍ شرسة ضد هذه الخط الرباني، يقودها الصهاينة وإعلامهم الخبيث ضد العلماء الأجلاء الذين أوصانا بهم صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه، عن آبائه عليهم السلام، عن عليٍ عليهِ السلام، عن رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن الله سبحانه وتعالى، والذي من واجبنا اتباع وصيته الاساس بالإلتزام بخط الولاية وخط الفقهاء، حتى لا يجرفنا التيار في أحضان الصهاينة وأقرانهم.

لذلك عزيز القارئ؛ إفتح عقلك بعيداً وحلق بقلبك في سماء الولاء والإلتزام بخط الولاية، وكن ولائياً بيوم الولاية بإلتزامك بخط الولاية، خط الفقهاء الأجلاء، تكن مع الله.

2 تعليقات

  1. الله يعطيك العافية على هذا الموضوع واعجبني الموضوع يوضح الولاية الى الامام علي عليه السلام فقط

  2. 👍جميل و رائع

شارك برأيك: