ذو الخلق العظيم للشاعر عبد الحسين سلمان

الأستاذ عبد الحسين سلمان
الأستاذ عبد الحسين سلمان

شَذَى الذِّكْرَى يُجَلِّلُنا هِياما
وَمَنْ يَهْوَى شَذَى الذٍّكْرَى أَقاما

وَمَنْ يَهْوَى الرَّسولَ يَقولُ فيهِ:
هُوَ الخُلُقُ العَظيمُ بِهِ اسْتَقاما

بِهِ اكْتَمَلَتْ مَكارِمُهُ وَتَمَّتْ
بِسَلْسَلِهَا النَّبِيُّ رَوَى كِراما

وَآلُ البَيْتِ قَدْ سَبَقُوا الْبَرايا
بِجَنْبِ المُصْطَفَى نَصَبُوا الْخِياما

لِذا باعُوا النُّفوسَ وَأَرْخَصوها
وَما طَلَبوا مِنَ الدُّنْيا حُطاما

فَما عَطِشوا وَما سَلَكوا بِتيهٍ
وَفِي الظَّلْماءِ لَمْ يَشْكُوا ظَلاما

مَكارِمُهُمْ بِنورِ اللهِ شَعَّتْ
وَفَوْقَ صُدورِهِمْ صارَتْ وِساما

فَقيرُهُمو بِها يَحْيا غَنِياً
وَلَيْسً كَمَنْ عَلَى الدُّنيا تَرامَى

وَلَوْ كُنا كَما كانوا لَعِشْنا
وَلَمْ نَحْنِ لِغَيْرِ اللهِ هاما

يَكونُ لنا إخاءُ اللهِ دُرْعا
وَباقِي الْخَلْقِ نُهْديهِمْ غَماما

لِيَبْقَى الْمُصْطَفَى كَالْأَمْسِ نَهْجاً
يَراهُ المُنْصِفونَ لَهُمْ إماما

فَلًيْسَ بِهٍ وًبِالْإسْلامِ نَقْصُ
وَلَكِنْ مِنْ بَنيهِ شَكا سِقاما

تَبَرَّأَ سيِّدُ الأَكْوانِ مِنْهُمْ
فَلَمْ يرْعَوا حَلالاً أَوْ حَراما

* * * * *

فَيا لَهْفي عَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ
بَأنْيابٍ الوُحوشِ غَدا عِظاما

أَحُنُّ لِرَأْفَةٍ فيهِ أًصابَتْ
شَقِيَّا فيهِ لَمْ يَرْعَ الذِّماما

كَذاكَ تُواضُعاً لِلْكُلِّ حَتَّى
نَهَى صَحْباً لَهُ قامُوا احْتِراما

يَحارُ الزَّائِرونَ فَما رَأَوْهَ
بِعِزِّ الكِبْرِياءِ بِنَى مَقاما

كَذا مِثْلُ الفَقيرِ لَهُ نَصيبٌ
وَقَدْ يُعْطيهِ مَنْ فَقَدُوا الزِّماما

وَلِلْأَيْتامِ أَرْأَفُ مِنْ أَبيهِمْ
فَكَمْ طِفْلٌ بِدِفْءِ الحُضْنِ ناما؟

وَواسَى فِي الشَّدائِدِ دونَ شَكْوَىً
وِعَمَّا في أَكُفِّ النَّاسِ صاما

وَآثَرَ وَهْوَ في ضَنَكٍ شَديدٍ
كَأَنَّ النَّفس أَلْبَسها لِجاما

فَتِلْكَ النَّفْسُ أَطْهَرَ كُلِّ نَفْسٍ
وًأَسْمَى الصَّبْرِ أَوْصَلَهَا الْمُراما

لِيَنْبوعِ الرِّضا مِنْهُ تَرَوَّتَ
وًما قَبِلَتْ لَهُ يَوْماً فِطاما

وَمَنْ كَمُحَمَّدِ لِلْعَفْوِ وَفَّى
وَيَوْمُ الفَتْحِ شاهِقَهُ أَقاما

فَما لاقاهُ مِنْ كُرَبِ عِظامٍ
بِذاكَ اليَوْمِ قالِ لَها: سَلاما

عَفا وَالشَّأْنُ قَدْ بَلَغَ الثُّرَيَّا
وَهَذَا الْعَفْوُ قَدْ آخَى العِظاما

وَما لِلْفَتْكِ غَيْرُ أَخٍ ضَعيفٍ
بٍهِ اسْتَقْوَى وَهامَ بِهِ غَراما

فَهَلْ يَبْني بِهِ بَيتاً جَميلا
يَعيشُ السَّاكِنونِ بِهِ وِئاما؟

* * * * *

أَبا الزَّهْراءِ لَمْ أُوفيكَ حَقًّا
فَفيكَ الكَوْنُ أَبْعاداً تَرامى

أَنا حَمْلَقْتُ فيهِ فَبانَ ضَعْفي
فَقُلْتُ: كَفَى وَأَنْهَيْتُ الكَلاما

وَما أِلْهَمْتَنيهِ عَلَيًّ تاجٌ
فَعُذْراً سَيِّدى وَاقْبَلْ سَلاما

شارك برأيك: