العبد الطائع لله مَلِكٌ لو استطاع أن يُطوع السنن ويستفيد منها (عبدي أطعني تكون مثلي)، أنت أيها العبد إن أطعت الله كنت الممثل عن إرادة الله، وكلما زاد تقواك وإيمانك وورعك زادت صلاحياتك ومهماتك وأُعطيت ما تحب وترغب من دعوةٍ مستجابة، ومن توفيقٍ للإصلاح، ومن مقاومةٍ للشيطان، ومن إصلاحٍ في أمورك، ومن إفاضةٍ ورحمةٍ ربانية، ومن قوةٍ في مقاومة شر النفس وشر الشيطان والأنس.
الإنسان الذي يجد نفسه شيء فلن يتحرك لبناء نفسه، لأن ذلك الشيء الذي وجده في نفسه منعه من أن يتقدم، ومن أن يتطور، ومن أن يفهم الحياة بصورةٍ أكبر وبشكلٍ أوسع.
تعالوا معاً أيها الأحبة لنقف مع الإمام العالم التقي الورع المُنّصب من الله خليفةً، نرتوي من علمه ومن إيمانه ومن تقواه ما يساعدنا على فهم الحياة، ونعي ونفهم سبب تواجدنا فيها وما أعده الله لنا من الخير والرحمة.
الله لم يخلقنا عبثاً، ولم يخلقنا من أجل أن يعذبنا، ولا من أجل أن يدخلنا النار، ولو كنا مذنبين عاصين مستحقين للنار بأفعالنا، ولأنه الرحيم الودود أراد لنا ولغيرنا الرحمة والدرجة الكبيرة، ولأنه يُحبنا أراد لنا أن نكون مؤمنين متقين عالمين به متقربين إليه على الدوام.
من الظلم أن نفهم الله كما نفهم الناس، ومن الظلم أن نفهم الله بعقلٍ امتلىء بالذنوب والمعاصي والموبقات، وأصبح له حواجب وحواجز تمنعه من الوصول للرب المعبود.
لهذا تجد الرب عندك يختلف عن الرب عندي أو عند فلان من الناس، لأنك تنظر إليه من خلال ما تملك من إيمان، ومن قُربٍ وعلم، وأنا وغيري ننظر إليه بحسب ما نملك من إيمانٍ وعلمٍ وقُرب.
ربك الذي تعرفه يعتمد على مدى إيمانك ومعرفتك وإرتباطك به، ولهذا يتعدد المعبود في نظر الناس بحسب ما يعتقدون وبحسب ما يملكون من علمٍ ورؤيةٍ واضحةٍ لله.
أحبتي: الإمام الجواد عليه السلام كان من صغره موضع احترام وتقدير الناس، ليس لأنه ابن الرضا عليه السلام بل لأنه العارف بالله الدالُ عليه، والقناة التي منها نصلُ إلى الله والباب الذي منه يؤتى لمعرفة الله.
الإمام الجواد نموذجٌ حيٌ ينتفع المجتمع بأفكاره الإصلاحية وبأخلاقه الروحية والخُلقية التي تحفظ المجتمع وبإيمانه وإرتباطه بالله نصل إلى الله.
كم خسر الذين ظلموه، وكم ظلموا أنفسهم عندما ابعدوه عن حقه، وكم خسرت الناس بإبعاد الإمام عن مركزه الذي يستحقه والذي استحقه بقربه من الله وبقرابته من رسول الله وبإيمانه المُتقدم على جميع أفراد مجتمعه.
تريدون الله، اقلعوا عن المعاصي، وتزينوا بالتقوى، فالله أقرب إليكم من حبل الوريد، لا تقل أريد الله وأنت تجد في نفسك عكس ما يريده الله منك، لا تقل أريد الله وأنت تفعل ما يكره الله منك.
الإنسان عندما يكون نتن الرائحة يبتعد عنه الآخرون، وعندما يكون نتن الإيمان تبتعد عنه ملائكة السماء فلا تملك وسيلة تواصل مع الله، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الذي لا يحتاج لأحدٍ منا، الأعمار تنتهي والأيام تنصرف وتتلاشى فكونوا على حذرٍ منها.
والحمدلله رب العالمين..