نادى الرضيعُ أباه وهو مزنِّرٌ
نحراً ..
ألستُ بكربلا جُندِيَّا؟!
..
إنْ كان شربُ الماء عن جُندٍيَّتِي
يُقصِي
فلا عشتُ الرواءَ قَصِيَّا
..
لكنْ أجِبْني .. لستُ جُنْدِياًّ؟!
أنا
عشتُ ادِّراعَ قِماطيَ العلويَّا
..
والنحرُ يا مولايَ مكمنُ وثبتي
نحو العدا
قد صرتُ منه كَمِيَّا
..
أو لستُ جُندياًّ .. ونحريَ من رمى
والسهمُ فالتُهم .. يكونُ رَمِيَّا؟!
..
نادى الحسينُ
.. نعم ..
فمشمولُ العدا
مِنْ كُلِّ ذي نَفَسٍ نَمَاهُ إليَّا
..
ولأنت يا ابن أبيك تملك منحراً
رابَ البياض به .. وكانَ زكيَّا
..
أغرى العدا بالذبح ..
قالوا عنه
إذ راموه
عطرَ البوحِ
كان عَلِيَّا
..
ما كان ذلك مَنحَراً لِمُصوِّبٍ
لعليِّ يرقصُ سَهْمُهُمْ وتريَّا
..
ولذاك ..
أنت مجنَّدٌ في كربلا
وغدوتَ فيها الثائر الأُمَمِيَّا
..
جنّدتُ فيكَ رضيعَ منقطعِ الوتين
ولستَ منقطعاً بنا سببيّا
..
قالوا تجنَّدَ عن أبيهِ غرامةً
قد كان تجنيداً لهُ قهريّا
..
فأجبتَهم ..
والسهمُ يخرقُ منحراً
لا .. بل
تجنّدْتُ الفدا طوعِيَّا
..
بل زدتُ ..
عربونُ المناحر إنْ غدا
قطعاً بقطع
قد غدا حُبِّيَّا
..
بيني وبين أبي ..
التواردُ في الظما
والمنحرين ..
توارداً قطعيّا
..
أفلا أكونُ مقامً جنديٍّ ..
وما
قبل الحمامِ .. إليه كنتُ نجيَّا
..
عيسى يناجي مريماً
يعطى النبوة
في مُهُودِ الفاتحينَ
صَبِيَّا
..
وأنا تركتُ لمهدِ أميَّ
خاضبا نحري ..
أأصبحُ بالخِضَابِ نبيَّا؟!
..
نبَّأتُ قومي عن نُبُوَّةِ منحري
وكتاب نحري قد أخذتُ قويّا
..
أفلا أكون مقام جنديٍّ نبيٍّ
ثائرٍ .. بلغَ الذرا قُدسيَّا؟!
**
مولاي ..
لا أدري أناسخني العدا
في كلِّ طِفلٍ كان قبلُ نَسِيَّا؟!
..
أم أنَّنِي صنَّعتُ أشباهي
على نحري
وما قد أخطأت عينيّا؟!
..
وظماهم المصنوع من شفتي
يقول
جميعهم قد لاك لي شفتيّا
..
وحسيني المجبول في آبائهم
أعطى للهفتهم صدى أبويَّا
..
وإذا بِهِمْ أشلاءُ مذكورِينَ
من شوهاتِهِمْ ذُكِرُوا
كتاباً طيَّا
..
حُسِبُوا جُنُوداً رُضَّعاً
إنْ قُتِّلُوا
فسلاحُهُمْ .. قد
كانَ لَحْماً حيَّا
..
من منحري لنحورهم
خيطٌ رفيعٌ
كان ذاك شعاعنا الضوئيا
..
ورمى أبي من منحري دمَّ الفدى
لم يلقفوه ..
وما هوى مغشيَّا
..
هو زاجلُ الأشباه
طار رسالة منِّي
وأبلغهم دماً زجليَّا
..
نادى بهم ..
لن يقلفوا لدمائكم
مذ صار دمِّي في السماءِ
حفيّا
..
لكن ستخنق أرضهم وسماءهم
طيرا أبابيلا رمت حبشيا
..
إنَّ الدماءَ ..
تجنَّدتْ يا إخوتي الرضعانِ
صارتْ
جيشنا القدريَّا
..
مذ جنَّدُونا في الحروبِ
غوايةً منهم
بلغنا هدينا الأبديا
..
الماءُ أغمادٌ مشقنَ بمنحرٍ
والسهمُ أبدلها دماً خمريّا
..
وأنا خضاب النحر أولُّ صولةٍ
لم ندرِ آخرها مدىً قُزحيّا
..
حيث الطفوف بحربها لم تنتهِ
رضعانها جعلوا النحور صِليّا
..
وبكتْ عليهم أمَّةٌ
مخروقةٌ من سمعها
جلبت لذاكَ دويّا
..
ودموعها بحر بحالة جزرِهِ
هو قاحلٌ
إنْ قيلَ كان بَكِيَّا
..
يكفي الحسين على مجنَّدِهِ الرضيع
إذا
ورمى الدماء عِصِيَّا
..
هي فالقُ الإجرام قبل أوانها
بحراً تمهَّلَ ثم أغرق غيَّا
..
فالبحرُ يَيْبَسُ من يباس ضمائرٍ
يمشي الجنود عليه سهماً ليّا
..
حتى إذا بلغ الرضيعِ بمنحر
ضربَ العصا متفجِّراً لُجيَّا
..
غرقوا .. وعبدالله جنَّدَ نحرُهُ
موسى .. ونادى لا تخفْ حنشيّا
..
ألقِ العصا .. والنحر يلقفُ سحرُهم
مُتجنِّداً .. متدفِّقا .. وروِيّا