العلاقات الأربع في أحاديث الإمام العسكري، ومشكلات السلوك الإنساني بقلم الأستاذ يوسف مدن

دراسَـة تحليلية في أحاديث الإمام الحسن بن علي العسكري،
ونصوصه التربوية المنقولة في كتاب تحف العقول
ورقة تربوية كتبها الأستاذ يوسف مدن

الأستاذ يوسف مدن
الأستاذ يوسف مدن

لا يجد الباحثون بأساليبهم المتاحة لديهم صعوبة كبيرة في التعرف على اهتمامات أئمة أهل البيت ومنهم الحسن العسكري بـ”العلاقات في حياة الإنسان” وبخاصة في مجتمع المؤمنين ودوائره الاجتماعية المتشابكة، فتراثهم الفكري والتربوي عليهم السلام مليء بكثير من الإشارات الواضحة لهذه المسألة الإنسانية، وهذا لحسن الحظ متناثر في مصادر ثقافتهم الروحية والمعرفية، وفي مصنفات فكرهم التربوي والإنساني، وشبكة أقوالهم، وتجاربهم المعرفية مع الآخرين بخاصة بعض أصحابهم المقربين كما سيأتي بيانه بنحو مختصر في صفحات هذه الورقة.

اعتمدت هذه الورقة في إعدادها على نصوص قليلة، وجملة أحاديث نقلناها مباشرة من أحد المصادر الإمامية المهمة، وهو (تحف العقول عن آل الرسول) للعلامة الكبير، والمحدث الشيخ الثقة الجليل أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرَّاني رحمه الله سبحانه، وهو من أعلام القرن الرابع الهجري، والمعاصر للشيخ الصدوق ابن بابويه المتوفي سنة ٣٨١هـ، وهو كما ذكرت بعض مصادر ترجمة حياته (من أعاظم علماء الإمامية، وفذَّا من أفذاذها، وعبقريًا من عباقرتها، وفقيهًا من فقهائها، فاضل جليل، ومحدث قدير، ومتبحر نبيه، رفيع المنزلة، واسع الفضل والاطِّلاع)، وأخذ عنه الشيخ المفيد (٣٣٦ – ٤١٣هـ)، وروى عن أبي علي محمد بن همام المتوفي سنة ٣٣٦هـ رضي الله عنهما، وشهد بحقه وفضله العلمي علماء أفاضل راسخون في علوم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

وكانت النسخة المعتمدة في البحث عن روايات الإمام العسكري وتجميع أحاديثه هي نسخة الطبعة الخامسة التي نشرتها مؤسسة الأعلمي للمطبوعات في بيروت سنة (١٣٩٤هـ – ١٩٧٤م)، أي قبل (٤٤) سنة ميلادية، وقدَّم لها الفاضل محمد حسين الأعلمي بتاريخ (١٥ من شهر يونيو سنة ١٩٦٩م)، بدراسة مختصرة لمؤلف الكتاب الشيخ أبي محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني ومخطوطات الكتاب وطبعاته السابقة بحدود قرن مضى من الزمان.

واختزن ابن شعبة في كتابه (تحف العقول) منذ القرن الهجري الرابع ثروة فكرية وعلمية وقيمية وأخلاقية ضخمة من أحاديث المعصومين من أهل البيت ونصوصهم الشريفة عليهم السلام بِـدْءً من أقوال النبي محمد صلى الله عليه وآله، فتراث أمير المؤمنين الإمام علي، ثم نصوص أبنائه من الأئمة الهداة بالتتابع الزمني المعروف حتى الوصول إلى أقوال الإمام الحسن العسكري عليه السلام وأحاديثه الكريمة، وتناول ابن شعبة فيه خطبهم وأحاديثهم، وبعض المناظرات، والتوجيهات، ووصاياهم، ومقدار كبير من حكمهم القصار التوجيهية للناس وعباد الله سبحانه، وقد توزعت في هذا المصدر المهم والحيوي أحاديث هائلة العدد تناولت موضوعات في الإلهيات بخاصة العقائد الدينية، والأخلاق، والسلوك، وعلم الحديث، والمنطق، وغير ذلك من قضايا الفكر الإنساني التي اهتم بها المشرع الإنساني في توجيه المؤمنين (أفرادهم وجماعاتهم) من أبناء الإسلام، وسائر عباد الله عـز وجل.

وسنكتفي بإذنه تعالى في هذه الورقة بمعالجة وتناول موضوع خصب وحيوي بنصوص محدودة من فكر الإمام الحسن العسكري وأقواله وأحاديثه المباركة عليه السلام، وهو (العلاقات في حياة الإنسان)، وما اشتملت عليه من إشارات صريحة أو متضمنة من مشكلات السلوك الإنساني، فوجد الباحث ومعد هذه الورقة فرصة لمعالجة هذا الموضوع وبحثه بالكيفية التي ربط فيها بين (إشارات أحاديث الإمام العسكري للعلاقات وما ارتبط بها من إشارات متفرقة عن عدد من المشكلات الإنسانية)، وقد تناولها بنحو موجز وغير تفصيلي، وأمله أن تتاح له فرصة توسع لهذا المبحث وكتابة تفاصيل أفضل عن خيوطه المجملة، ومع أن خيوط هذا الموضوع متفرقة في المصدر المذكور، ونعني كتاب (تحف العقول) إلاَّ أن مهمة الباحث كانت في تجميع نصوص هذا الموضوع والأحاديث الواردة بشأنه في المصدر المذكور، ثم تصنيفها بحسب عناوين الموضوعات المجملة والفرعية، وفهمها وتفسيرها لتكوِّن في خاتمة الأمر (وجهة نظر معرفية موحدة) تشكل دراسة شبه متكاملة في موضوع واحد هو (العلاقات في حياة الإنسان ومشكلاته السلوكية والعقائدية والنفسية) منقولة عن أحاديث الإمام الحسن العسكري عليه السلام، مع أن بعض النصوص والأحاديث قد توزعت في مصادر  أخرى (إمامية وغيرها) كأعلام الدين للديلمي من أعلام القرن الثامن الهجري، وبحار الأنوار للمجلسي، ومسند الإمام العسكري للشيخ عزيز الله عطاردي.

مصادر دراسة موضوع البحث:
يعتبر هذا المبحث جزء مهم من تاريخ الفكر التربوي عند الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام، بل يعتقد الباحث أن المحتوى المعرفي لهذا المبحث يقف على وجود نصوص تربوية ومعرفية في أحاديث معتبرة للإمام العسكري عليه السلام، ومع أننا اعتمدنا فيه على مصدر مهم من مصادر الشيعة الإمامية هو كتاب (تحف العقول)، بيد أن هذا الاعتماد تم على استخدام نصوص موثقة وأحاديث مدونة في هذا المصدر الحيوي المذكور الآنف الذكر، وعلى الثقة بمصنفه العالم الجليل أبو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني رحمه الله تبارك وتعالى، من أعلام القرن الرابع الهجري، وقد عاش قريبًا من زمن الإمام الحسن العسكري في القرن الثالث الهجري، كما أن معاني كثير من نصوصه التي اعتمدنا توظيفها في البحث كانت متداولة كأفكار معرفية وتربوية متداولة في نصوص سابقة من تراث الأئمة السابقين من أهل البيت عليهم السلام.

وتمركزت مصادر دراسة موضوع هذا البحث حول توافر نوعين من نصوص الإمام الحسن العسكري وأحاديثه وتوجيهاته المهمة التي شكلت مرجعية في الثقافة التربوية لديه عليه السلام كما لاحظ الباحث، وأفرغ فيهما الإمام العسكري علمه وخبراته الذاتية بتوجيه الإنسان، واستخدم في تعزيز مضامينها جملة من الآيات والنصوص القرآنية، وصياغاته اللغوية الذاتية لشبكة المعاني التي أراد عليه السلام استخدامها في برنامج توعيته للناس، بالإضافة إلى ذكر أشكال من العلاقات بين الإنسان وغيره، وبعض مشكلات السلوك، وبالطبع لم يتحدث الإمام العسكري عن العلاقات والمشكلات بعناوين بارزة، بل كان هذا التصنيف لهما من نظر الباحث واجتهاداته الذاتية.

والنوعان من نصوصه وأحاديثه التربوية.. هُمَا:

  1. الرسائل والكتب والمكاتبات المتبادلة:
    وهي مراسلات متبادلة وموجهة من أصحاب الإمام العسكري وردوده عليهم، أي من المقربين إليه، ومنهم إليه،وتحمل هذه الرسائل أو المكاتبات أو الكتب في تركيبتها اللفظية والمعرفية، وبحسب تسمية مصنف كتاب (تحف العقول) خطوط عامة (للمحتوى المعرفي– التربوي) الذي أشرنا إليه في معالجتنا لموضوعات هذا المبحث وعناوينه الأساسية والفرعية، وبلغ عدد هذه الكتب والرسائل (ثلاث رسائل) متفاوتة الحجم في طولها، وموضوعها، ومادتها الثقافية، وقد نشرها ابن شعبة الحراني، ولا يستبعد غيره كذلك بعنوانين (كتبه ذات المعاني الطوال نسبيًّا، وما روي عنه في قصار المعاني، أي مجموعة.. الحكم والجمل القصار).
  2. الأحاديث الصغيرة والجمل القصار:
    وهي التي أسماها ابن شعبة الحراني (قصار المعاني) أي ذات الكلمات القليلة بمعاني قصيرة ومحددة، وقد تراوح طولها بين جمل قصار ومقاطع لفظية مكونة من عدة جمل صغيرة، وتبدو متفاوتة في مساحتها بين سطرين وثلاثة وأربعة حتى عشرة أسطر، متفاوتة في موضوعاتها بنحو تشكل نسيج رؤية معرفية وتربوية تهتم بالإنسان وتكوينه الثقافي والروحي والاجتماعي، ومعالجة مشكلاته المتفرقة التي تواجهه في نموه، وحركة حياته اليومية.

مفهوم العلاقات في بحثنا:
تعني العلاقات مجمل الروابط المشتركة، وكل تواصل بأشكال مختلفة من السلوك الاجتماعي والروحي والنفسي مع أطراف أخرى في دوائر متعددة  من النشاط، سواء اتسمت هذه العلاقات بالتوتر أو المودة ـ أو بأي مجال من مجالات الحياة كالحياة العائلية، والدينية والمعيشية، والمهنية وغير ذلك من مجالات السلوك الإنساني، وقد أكد علماء اللغة وعلماء الاجتماع الوضعي على المفهوم العام للعلاقات مع تفاصيل فرعية متنوعة.

أنواع العلاقات وتقسيماتها الأساسية:
يتم تقسيمها بخبرتنا الذاتية، وبمعرفتنا القاصرة، واعتمادًا على روايات، وأحاديث للإمام الحسن العسكري قد قرأنا نصوصها في كتاب (تحف العقول)، وجمعناها، وتم تصنيفها ضمن أشكال العلاقات ودوائرها الأربع التي فهمنا الإشارة إليها في مصادر وتراث أهل البيت عليهم السلام ونصوص أحاديثهم الكريمة، حيث تتشكل العلاقات الإنسانية مع أطراف في حركة الوجود الإنساني، وجهات سواء في عالمه الشخصي الخاص، ومع جهات في عالم خارج وجوده الخارجي والاجتماعي بأنماط توصف بإيجابية، وسلبية على نحو يمكن توصيفها في النهاية بـ”علاقات الود، وعلاقات التوتر الاجتماعي والنفسي”، وهما بوجه عام (النوعان الرئيسيان للعلاقات) بين الإنسان ونفسه، ومع الإنسان الآخر، وعوالم أخرى، وبهذا تتشكل خريطة (العلاقات) المنصوص عليها في أحاديث الإمام العسكري بين المؤمن، والجهات التي يتعامل معها في حياته.

ويمكن ملاحظة هذه الأشكال في باطن المحتوى المعرفي لعدد من نصوص الإمام العسكري وأحاديثه المباركة عليه السلام، وسنأخذ من محتويات نصوصه إشارات لتشكيلة (العلاقات بين الإنسان وجهات أخرى) على النحو التالي:

الشكل الأول
علاقات الإنسان مع الله

يبدو نمط هذه العلاقات في عدد من أقواله وأحاديثه، ويشدد فيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام على بناء وتوطيد علاقات الإنسان المؤمن بخالقه عز وجل، وكل ما ارتبط به من آثار عظيمة كالارتباط بدينه، ومخلوقاته، فهي العلاقات الأساسية التي تنتظم عليها حركة وجود الذات البشرية ونشاطها، وصلاتها، وتمتين أي نوع من العلاقات الثلاث المرتبطة بها سواء باتجاه إيجابي أو بنزعة ضعف سلبية لا تخلو من عداء وتوتر وسوء تكيف ومشاحنات سيئة.

ويلحظ هذا النوع من العلاقات في جملة من وصاياه وتوجيهاته المعرفية والأخلاقية والسيكولوجية، وكذلك في عدد واضح من حكمه القصار، ونصوصه المتفرقة التي نقلها ابن شعبه في كتابه (تحف العقول) في قضايا كثيرة، وننقل الآن مشاهد من نصوصه في إشاراتها للعلاقة بين الإنسان وربه العظيم، وخالقه الكريم، ومن ذلك قوله عليه السلام لإسحاق بن إسماعيل النيسابوري رحمه الله في رسالة مكتوبة، وذات نص طويل، وأدرجها ابن شعبة فيما أسماه بـ (طوال المعاني)، أي أنها نصوص ذات معاني مطولة، وتحتمل في تركيبتها اللفظية والمعرفية ثروة لفظية وعلمية كبيرة نسبيًا تمكِّن العلماء والباحثين من الاستفادة منها في بناء دراسات جديدة مستخلصة من فكره الذاتي، وهي، أي رسائله المطولة بخلاف (الحكم القصار) في حجمها، وهي التي ذكرتهامصادر معرفية عن الإمام العسكري، ونقل بعضها ابن شعبة عنه في كتابه المذكور.

لقد بعث إسحاق بن إسماعيل النيسابوري برسالة، فرد الإمام العسكري عليه، وجاء في مدخلهذهالرسالة الموجهة لابن إسحاق النيسابري قوله عليه السلام:

(سترنا الله وإيَّاك بستره، وتولاك في جميع أمورك بصنعه، فهمت كتابك يرحمك الله، ونحن بحمد الله ونعمته أهل بيت نرق على أوليائنا، ونسر بتتابع إحسان الله إليهم وفضله لديهم، ونعتد بكل نعمة ينعمها الله تبارك وتعالى عليهم، فأتم الله عليك يا إسحاق وعلى من كان مثلك، ممن قد رحمه الله وبصّره بصيرتك نعمته، وقدَّر تمام نعمته دخول الجنة، وليس من نعمة، وإنْ جلَّ أمرها وعظم خطرها إلاَّ والحمد لله تقدست أسماؤه عليها، مؤد شكرها، وأنا أقول الحمد لله أفضل ما حمده حامده إلى أبد الأبد بما منَّ الله عليك من رحمته، ونجاك من الهلكة، وسهل سبيلك على العقبة، وأيم والله إنها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها…. إلخ).

وذكر الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام ربه (الله الكريم) عز وجل في أقوال كثيرة كتأكيد على علاقته به وتقويتها لدى المؤمنين، فأوصى عليه السلام في وصيته شيعته لهم، حين قال مبتدئًا في مدخل نص وصيته: (أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار)، وكذلك إرشاده المعرفي والمعرفي بقوله عليه السلام في توجيه تربوي مباشر لتنمية التفكير عند الإنسان المؤمن، وتصحيح سلوكه، وبعض مفاهيمه، فقال: (ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنَّما العبادة كثرة التفكر في أمر الله).

الشكل الثاني
العلاقات مع الإنسان الآخر

أوضحت بعض النصوص أنواعًامن العلاقات بينه والمقربين، المحيطين به في أدواره المعرفية، وتأتي علاقاته العبادية والثقافية في الصدارة، فهو لن يتمكن من أنجاز مهمته العبادية والإرشادية والتوجيهية وأدائها للناس إلاَّ بالتعامل معهم مباشرة، وبطرق غير مباشرة بحسب متطلبات الحاجة ومقتضيات العلاقة وظروفها، وقد أشارت لها نصوص الإمام العسكري وبعض رسائله كما ذكرنا، فكتب عليه السلام رسالة لأبي إسحاقالنيسابوري فيما قدمنا، وخاطبه باسمه وهو يوجه لهم بعض مواعظه الارشادية، ويسدي لهم نصائحه الثمينة.

ويقابل إشارات روايات الإمام العسكري وأحاديثه المباركة في كتاب (تحف العقول) لابن شعبة الحراني إشارات روائية أخرى لحالات تصور الظواهر الطبيعية والإيجابية التي تجسد العلاقات الاجتماعية بين الفرد والآخرين، وسنذكر منها ما تيَسَر للباحث في ضوء ظروف كتابة هذا البحث، وقد تبين ذلك في بعض رسائل الإمام العسكري، ونصوص من أحاديثه لشيعته والمقربين منه كالنيسابوري اسحاق بن إسماعيل، ومحمد بن موسى النيسابوري، وأقوام من شيعته، ورجالات من عامة الناس، ويمكننا الآن ذكر نماذج من أقواله في تصوير مظاهر العلاقة الإيجابية مع الذات.

ومن أمثلة نصوص العلاقة الثقافية بينه ومؤيديه وشيعته، مَـاكتبهالإمام الحسن العسكري عليه السلام إلى بعض شيعته من بعض مكاتباته الهادفة كما أشرنا سابقًا، وما خرج عليه السلام في بعض توقيعاتهعنه عند اختلاف قوم من شيعته وهو يخاطبهم، وهم يمثلون معه علاقاته بالإنسان الآخر، وجميعهم يشكلون في تعاملاتهم معه جسد العلاقات مَـع الآدمي الآخِر، ومبناها الاجتماعي والعقائدي والأخلاقي، وثمة نصوص لبعض كتبه، وعدد من رسائله لهم نشرها ابن شعبة الحراني رحمه الله في كتاب العلامة ابن شعبة الحراني (تحف العقول عن آل الرسول)،وتناولتها كذلك مصادر أخرى كانت (إمامية وغير إمامية).

ومن كلامه في رسم أنماط مختلفة من العلاقات الاجتماعية القائمة بين الناس، وتطبيقاتهااللفظية والعملية ما جاء في كتاب (تحف العقول) لابن شعبة عليه الرحمة، حيث قال وهو يصور أنواعًا من العلاقات الناشئة عن حركة التفاعل الاجتماعي في مجتمعه عليه السلام، ومجتمعات قبله وبعده، إذ قال في صور مختلفة لأنماط هذه العلاقة وتأثيراتها.. ما يأتي:

  1. (حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار)، ص ٣٦٢.
  2. وقوله في النص نفسه: (وحب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار) ص ٣٦٢.
  3. وجاء في الجملة الثالثة قوله: (وبغض الفجار للأبرار زين للأبرار) ص ٣٦٢.
  4. وحالة رابعة لهذه العلاقة بين الأبرار والفجار ما رسمته جملته الأخيرة من نصه الكريم، حين قال: (وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجَّـار) ص ٣٦٢.

وجاء كذلك في كتاب (تحف العقول عن آل الرسول) لابن شعبة الحراني بعض أقواله نذكر منها مَـا يأتي.. مثل:

  • (من التواضع السلام على كل من تمر به، والجلوس دون شرف المجلس) ص ٣٦٢.
  • وتأكيده على التواضع بقوله: (من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم) ص ٣٦١.
  • وكلامه أنَّ (المؤمن بركة على المؤمن، وحجة على الكافر) ص ٣٦٣.
  • وقال عليه السلام: (خصلتان ليس فوقهما شيء، الإيمان بالله ونفع الإخوان) ص ٣٦٣.
    • وما نصح به المؤمنين بخاصة دعاتهم والآمرين بالمعروف: (من وعظ أخاه سرًّا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه)، ص ٣٦٤.

الشكل الثالث
علاقات المرء مع نفسه وذاته

وهو نوع من العلاقات لم يهمله حديث أهل البيت عليهم السلام، ومنهم سيدنا الإمام العسكري، حيث وجد الباحث في نصوص الإمام الحسن العسكري إشاراته لبعضها، فمحور هذه العلاقات حول اهتمامات الفرد كإنسان له عالمه الخاص، وكينونة تجسد شؤون شخصيته، من أكل وشرب واستحمام، وأفعال سلوكية خاصة بذاته، ومرتبطة بالعلاقة الأم (صلة الإنسان المؤمن بربه، وبتواصله مع الناس في محيط العلاقات الاجتماعية الأوسع)، وقد تصدر عن الإنسان أعمال حسنة، وقد يقابلها معاصي وذنوب وغيرها، فاقتضى هذا توجيهاته الارشادية لضبط هذه العلاقة وتوجيه مساراتها على قواعد العلاقة الكبرى مع ربه عز وجل، وتحت سقف العلاقات الاجتماعية مع الناس، ومع أفراد المجتمع الذي يعيشه الأفراد.

إن (الذات) عالم الفرد، ومخزن أسراره، ولكنها لا تنفصل في حركتها عن نوعي العلاقة مع الله، ومع الناس، لهذا السبب كانت تأتي توجيهات الإمام العسكري مراعية للتناغم بين المرء وعلاقاته مع الله ومجتمعه، وقيم ذاته كالتواضع، والرضا بالجلوس دون شرف المجلس، وعلو المنزلة، ومحبة الأبرار، وقيم الأمانة، وصدق الحديث والورع وتقوى الله، وضبط الممازحة، والتفكر في أمر الله ومخلوقاته، المحافظة على بهاء الشخصية وهيبتها، وترك الذنوب ومغالبة كل قبيح وشين مما أمر الله بتركها، ويقابل ذلك صدور ممارسات محرَّمة من الشخص في علاقاته مع نفسه كالاستجابات التي تبين جهله، وسهولة صدور الغضب وسهولته، والبغض، والنفاق والظهور بوجهين ولسانين، والحقْـد والعقوق والحماقة عن الشخص، وإظْـهار الفَـرح عند شخص محزون بما يشبه الشماتة وإنْ لم يقصدها، والتقاعس في أداء العبادات، والوعظ العلني بنحو يشين للمرء المنصوح ويؤذيه ولا يستر عليه عمله، واستسلام المرء  لرغبة محرمة وشهوية مذمومة تضره وتذله.

فنصوص الإمام الحسن العسكري عليه السلام وبعض أحاديثه القصار عالجت في مجملها مظاهر العلاقة الشخصية التي بين الفرد ونفسه بجوانبها المتقابلة (الإيجابية والسلبية، الحسنة والسيئة)، ونذكر للتمثيل فقط أحاديث عن الصورة السيئة من علاقات المرء مع نفسه، وأحاديث أخرى تكشف عن اهتماماته بمظاهر تعبر عن الصورة الإيجابية لعلاقات الشخص مع نفسه، وفي دوائر عالمه الشخصي الخاص، أي بينه وبين نفسه.

أولاً: نماذج من أحاديث الصورة السيئة لعلاقات المرء مع نفسه:

وهي ما تسمي في أدبيات علم النفس المرضي ومصادره بـ”مشكلات السلوك غير التوافقي” التي تواجه الناس في حياتهم، وهي متنوعة في نصوص الإمام الحسن العسكري، وفي أحاديثه الشريفة، ومن أقواله في هذا التصوير الشخصي للعلاقة السيئة مع الذات ما يلي:

١. المشكلات العقائدية والدينية: ومن هذه المشكلات الواضحة في نصوصه:

  1. مشكلة الكفر بالله كما في قوله: (وبنعمة الله تكفرون، أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إلا خزي في الحياة الدنيا وطول عذاب في الآخرة الباقية) ص ٣٦٠.
  2. مشكلة الحيرة العقائدية، وذكرها الإمام العسكري حين قال: (لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضاً من الفرائض) ص ٣٦٠.
  3. مشكلة الغفلة عن الله، وقد أشارات لها نصوص الإمام العسكري في أكثر من موضع، ومن ذلك قوله: (وأنتم في غفلة مما إليه معادكم) ص ٣٦٠، وقوله كذلك: ( وإياكم أن تفرطوا في جنب الله فتكونوا من الخاسرين، فبعدًا وسحقًا لمن رغب عن طاعة الله، ولم يقبل مواعظ أوليائه، فقد أمركم الله بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، رحم الله ضعفكم وغفلتكم وصبركم على أمركم، فما أغر الإنسان بربه الكريم، ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما هو  في هذا الكتاب لتصدعت فلقًا، وخوفاً من خشية الله ورجوعًا إلى طاعة الله، اعملوا ما شئتم فسيرى الله عملهم ورسوله والمؤمنون) ص ٣٦٠ – ٣٦١.
  4. مشكلة التفريط في جنب الله، وذكرنا ذلك في المقطع السابق بقوله عليه السلام: (وإياكم أن تفرطوا في جنب الله فتكونوا من الخاسرين، فبعدًا وسحقًا لمن رغب عن طاعة الله، ولم يقبل مواعظ أوليائه، فقد أمركم الله بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر) ص ٣٦٠.
  5. مشكلة عدم أداء الفرائض، وقد تضمنت النصوص السابقة إشارات مباشرة لهذه المشكلة الدينية في حياة كثير من الناس كقوله: لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضًا من الفرائض) ص ٣٦٠.
  6. مشكلة الذنوب ومعصية الله عز وجل، وفي النصوص المتقدمة إشارات لها، وفي إشارته لعمى القلوب، ومن ذلك أيضًا الإشراك في الناس، وتصويره لذلك بأنه أخفى من دبيب النمل ص ٣٦١، وترك أداء الفرائض، والتفريط في جنب الله سبحانه، وترك حقوق أولياء الله، أنظر ص ٣٦٠ – ٣٦٢.

٢. المشكلات النفسية والاجتماعية: وتبدو  جملة من هذه المشكلات في عدد من نصوصه الكريمة وأحاديثه المقدسة، وسنعرض نماذج منها باجتهادنا الشخصي، والله العالم، ومنها:

  1. مشكلة النفاق، وهذه مشكلة المشاكل الكبرى حيث قال عليه السلام: (بئس العبد عبد يكون ذا وجهين، وذا لسانين، يطري أخاه شاهدًا، ويأكله غائبًا، إنْ أُعْطيَ حسده، وإنْ ابتلى خانه) ص ٣٦٢.
  2. مشكلة الغضب كقوله: (الغضب مفتاح كل شر) ص ٣٦٢.
  3. الحقد والغل القلبي، ذكره الإمام في توجيه شريف: (أقل الناس راحة.. الحقود) ص ٣٦٣.
  4. مشكلة الحماقة: جاء في قوله: (قلب الأحمق في فمه، وفم الحكيم في قلبه) ص ٣٦٣.
  5. مشكلة الشماتة وإظهار الفرح عند المحزون، كما في قوله عليه السلام: ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون) ص ٣٦٣.
  6. مشكلة المراء والمزاح، كما في كلامه: لا تمار (الجدل الكثير الفاضي بلا معنى)، فيذهب بهاؤك، ولا تمازح فيجترأ عليك) ص ٣٦١.
  7. مشكلة إطفاء السلوك الحسن وإظهار المشين منه، أي إظهار السلوك السيء من جاره للناس وإفشاء أخطائه لهم، ونلحظ ذلك في قوله عليه السلام: من الفواقر (الدواهي العظيمة) التي تقصم الظهر.. جار إنْ رأى حسنة أطفأها، وإنْ رأى سيئة أفشاها)، ص ٣٦٢.
  8. مشكلة الجهل بخاصة جهل الصديق، ولحظنا إشاراته لها في أكثر من نص صغير، من ذلك قوله عليه السلام: (صديق الجاهل تعب)، ص ٣٦٣، وقوله (من الجهل الضحك من غير عجب) ص ٣٦٢.
  9. ومشكلة ترويض الجاهل وصعوبتها كما في قوله عليه السلام: (رياضة الجاهل، ورد المعتاد عن عادته كالمعجز)، ص٣٦٣.
  10. مشكلة تسلط الرغبات المحرمة وإذلال النفس، قال عليه السلام كمثال على ذلك: (ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة فتذله) ص ٣٦٤.
  11. مشكلة الوعظ المشين، هكذا نلحظ ذلك في سلوك بعض الناس مما يؤثر على علاقاتهم مع بعضهم، كما في قوله عليه السلام: (من وعظ أخاه سرَّا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه)، ص ٣٦٤، وقوله كذلك: (قلب الأحمق في فمه) ص ٣٦٣ ويواجهه قوله، وهو علاج له:) وفم الحكيم في قلبه) ص ٣٦٣.
  12. مشكلة عقوق الوالدين، كانت بارزة في نص قصير قال فيه عليه السلام: (جرأة الولد على والده في صغره، تدعو إلى العقوق في كبره) ص ٣٦٣.
  13. مشكلة التدين الزائد عن حده (أي المبالغة في تدينه بلا علم) كقول الإمام العسكري في هذا الشأن: (من تعدَّى في طهوره كان كناقضه) سواء كان ذلك في الصلاة أو الغسل أو نظافة الجسد بوجه عام.
  14. مشكلة قلَّة التفكر في أمر الله ومخلوقاته.
    أمر أحد أحاديث الإمام العسكري عليه السلام كما سنبين بتصحيح المفهوم الشائع للعبادة آنذاك، فقد تعوَّد بعض المؤمنين في زمـانه على النظر للعبادة في كثرة الصيام والصلاة، إذ  اعتقد جمع منهم أن العبادة هي الإكثار من صيام النهار والتهجد ليلاً، ومع أن الصيام والصلاة تمثل أخد الخيوط الأساسية التي تداخلت مع غيرها في نسج مفهوم العبادة، فهو مفهوم ناقص لم يبلغ معناه الحقيقي كما أكدت جملة من نصوص أهل البيت ومنهم الإمام العسكري، فالمفهوم الصحيح للعبادة لا يبلغ فيه المرء المؤمن حقيقة التعبد بدون تعويد العقل على التفكر والتفكير، ويراد بذلك النظر في ملكوت السماوات والأرض، وسنن خلق الله عز وجل، والتأمل في داخل الإنسان لمعرفة ذاته، ثم توظيف الفهم الذهني ونتاجات عملية التفكير في توطيد العلاقة مع الله عز وجل، وتقوية صلات العبد بالخالق الكامل، فوظيفة العبادة ليست حصرًا في أداء الأعمال العبادية اليومية المألوفة على أهميتها، وإنَّما تنمية قدرات العقل وتسخيرها لخدمة الأهداف العبادية، ولهذا في حديث للإمام الحسن العسكري قوله عليه السلام: (ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنَّما العبادة كثرة التفكر في أمْـر الله)، ص ٣٦٢، أي كثرة النظر والتأمل العقلي في مخلوقات الله (العالم الطبيعي الخارجي، والتأمل الذهني في عالم النفس الداخلي)، فكلاهما يقودان لمعرفة الله، وزيادة الارتباط به.
  15. ومشكلة انقسام الناس حول ولايته، وإمامته، وهي عقائدية قد تكون أسبابها سياسية وانحرافات فكرية، وقد أوضح حدود هذه المشكلة واختلاف الناس فيها إلى طبقات حين كتب له بعض شيعته (يعرفه اختلاف الشيعة)، فكتب عليه السلام: إنما خاطب الله العاقل، والناس فيَّ على طبقات:
    1. المستبصر على سبيل نجاة، متمسك بالحق، متعلق بفرع الأصل، غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عني ملجأً.
    2. وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه.
    3. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان، شأنهم الرد على أهل الحق، ودفع بالباطل حسدَا، فدع من ذهب يمينًا وشمالاً، فإن الراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي، وإيَّاك والإذاعة، وطلب الرئاسة، فإنهما يدعوان إلى الهلكة) ص 361.

٣. المشكلات المعيشية: نلحظ في هذا المجال (مثالاً لها) في أحد نصوصه، حيث قال إمامنا العسكري عليه السلام في النص التالي: (لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض) ص٣٦٣.

ثانياً: نماذج من أحاديث الصورة الإيجابية لعلاقات المرء مع نفسه:

وكالمعتاد يقابل المشكلات حالات إيجابية تمثل صور التوافق النفسي بين المرء وذاته كالتواضع، والسلام على من يمر به، والرضا بدخول المجالس والجلوس أينما كان، ودون شرف المجلس، وحب الأبرار، والنعم وتقديرها، وأداء الفرائض بالتزام وانضباط واستقامة، ورضا ذاتي، والقبول الذاتي بأداء فروض حقوق الولاية لله وأوليائه، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي، والاستبصار طلباً للنجاة، والتمسك بالحق، وترك الشك والارتياب، وإظهار حسنات الناس وستر معايبهم، وتقوى الله والورع عن محارمه، والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الجوار، وحسن الخلق مع الناس، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، وصلة العشائر، ودفع كل قبيح، وكثرة التفكر في أمر الله وخلقه، وإقامة الفرائض، والاجتهاد في ترك الذنوب، والوعظ الطيب بلا إهانة، وقهر الرغبات التي تذل النفس وتستعبدها بالشهوات، وغير ذلك من الأعمال والفضائل الحسنة، فهذا يسر الإمام العسكري ويفرح قلبه (أنظر أقواله المتفرقة من ص ٣٥٩ – ٣٦٤)، وأن كل ذلك حسنات يثاب عليها المرء والعبد من ربه.

الشكل الرابع
علاقات الإنسان مع عالم الأشياء

لعل العلاقة مع عالم الأشياء كما لحظنا في المحتوى المعرفي لنصوص الإمام العسكري وأحاديثه التي نقلها المحدث ابن شعبه في كتابه (تحف العقول) هي أقل أنواع العلاقات في حياة الإنسان، فعلى الرغم من بروز وجود كثير من الظواهر في فضاء العالم الخارجي الذي اتصل به الإنسان، فالإشارات في كتاب (التحف ورواياته) قليلة،  ومع ذلك يمكن للباحث، حتى على عجل أن يلحظ ثمة إشارات في باطن رواياته وجمله وحكمه القصار، تذكر مظاهر للأشياء المحيطة بالإنسان، والتي يتفاعل معها كالأموال، والمنازل (المكان)، والمجالس، والمآكل والمشارب والكتب، والبهائم مثل الغنم ودبيب النمل، وسائر الأنعام وكل النعم الإلهية، وجميعها أشياء ملحوظة في عالم الإنسان ومحيطه الطبيعي بحواسه الخاصة وأدوات إدراكه.

وتستوقفنا في أحاديث الإمام العسكري كما نقلها ابن شعبة مفردات معبرة عن علاقة الإنسان بعالم الأشياء المادية بوجه خاص، وكلها تقع تحت إدراك الفرد وحواسه، ونذكر منها الإشارات اللفظية الدالة على ذلك في جمل قصار، أو مقاطع لفظية كما يأتي:

قال ابن شعبه الحراني نقلاً لكلام الإمام العسكري عليه السلام، وهو يوضح وجود نماذج وأمثلة واقعية وصادقة على وجود علاقة بين الإنسان والأشياء المحدقة به:

  • “ما من بليَّة إلاَّ ولله فيها نعمة تحيط بها” / التحف ص ٣٦٤.
  • “ولا ما يحب الله من تمام النعمة من الله عليكم.. لما رأيتم لي خطًا، ولا سمعتم مني حرفًا من بعد مضي الماضي، وأنتم في غفلة مما إليه معادكم” ص ٣٦٠.
  • تساءل الإمام لقوم من شيعته: “وأين تذهبون كالأنعام على وجوهكم” ص ٣٦٠.
  • وقوله عن وصف بعض الناس التائهين: “لولا محمد صلى الله عليه وآله والأوصياء من ولده، لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضَا من الفرائض” ص ٣٦٠.
  • ومن البهائم والحيوانات التي ذكرتها أحاديثه الغنم والنمل فقال: (الإشراك في الناس أخفى من دبيب النمل) ص ٣٦١، وقال عن ذكر الغنم كمخلوقات تدخل في الأشياء ونعمه تعالى: (إن الراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي) ص ٣٦١.
  • وذكر منازل المؤمنين في الجنة، وهي مكان من عالم الأشياء المادية، فقال: “إن الله بمنه ورحمته لما فرض عليكم من الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم، بل برحمة منه (لا إله إلا هو) عليكم ليميز الخبيث من الطيب، ولبتلي ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، لتسابقوا إلى رحمة الله، ولتتفاضلوا منازلكم في جنَّته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والصوم، والولاية، وجعل لكم باباً تستفتحون به أبواب الفرائض، ومفتاحاً إلى سبيله” ص ٣٦٠.
  • وعن المآكل والمشارب، والأموال، والنظر لها كأشياء مادية ملحوظة في حياة الإنسان وعالمه القريب، قال عليه السلام في مقطع من بعض الروايات المخصوصة قوله: “ففرض عليكم لأوليائه حقوقًا أمركم بأدائها، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم، وأموالكم، ومآكلكم ومشاربكم” ص ٣٦٠.
  • وأشار العسكري عليه السلام للكتاب في قول نقدي للناس: “أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض” ص ٣٦٠.
  • وقال الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام كذلك في رسالة له: “وكتابي الذي حمله إليكم محمد بن موسى النيسابوري، والله المستعان على كل حال” ص ٣٦٠.
  • وقال أيضاً: “ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما هو في هذا الكتاب لتصدعت فلقًا، وخوفاً من خشية الله ورجوعًا إلى طاعته” ص ٣٦٠، ويعني الصم الصلاب (الإعراض عن سماع الغير، وعدم الرغبة في سماع كلامهم حتى لو كان كلام الله سبحانه).
  • وأشار للمجلس كمكان من عالم الأشياء، وكشيء مادي ملحوظ في أكثر من حديث مثل قوله: (من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله، وملائكته يصلون عليه حتى يقوم)، ص ٣٦١، وذكر المجلس في نص آخر: “من التواضع السلام على كل من تمر به، والجلوس دون شرف المجلس” ص ٣٦٢، وذكر المكان كمظهر من عالم الأشياء المادية عندما ذكر (طول السجود) ص ٣٦١.

شارك برأيك: