الحكايات الشعبية (2) بقلم الأستاذ حسن كاظم

unknown(1)لعبت الحكايات الشعبية دورا كبيرا في الثقافة الشعبية، والحياة الاجتماعية، فأثرت تأثيرا مباشرا في المجتمع، وأخذت أبعادا مهمة في الوعي واللاوعي الاجتماعي. أبرز هذه الأبعاد:

البعد الأدبي:
حيث أفرزت هذه الحكايات الفن القصصي كموروث شعبي يتناقله الناس مشافهة غير مكتوب. وتجلت البنية السردية لهذه الحكايات فنا يتقنه راوي الحكاية بأن يجذب المتلقي المستمع من خلال الإثارة والتشويق، خاصة إذا كانت الحكاية تتعلق بالجن أو بشخصية بطل استطاع أن يهزم الجن أو أعدائه. فمكونات السرد من وضع البداية إلى الختام يصنع خيال الراوي في نسيجها الإثارة معتمدا على الوصف فيخلق صورة مهولة في نفس المتلقي.

البعد الثقافي:
يتضح الجانب الثقافي للمجتمع من خلال هذه الحكايات أنه مجتمع بسيط، وأن روافد الثقافة ومصادرها محدودة بل تكاد تكون معدومة، والمعتمد الأساسي هو السماع، فالثقافة السمعية هي التي تسيطر على المجتمع، من خلال الخطابة الحسينية، أو من الحكايات الشعبية. وذلك لقلة التعليم وعدم تطور الحياة آنذاك. كذلك لم تكن الثقافة متنوعة ومتعددة، بل كانت ثقافة الجن والشياطين هي السائدة، وبعض الثقافة الدينية المرتبطة بالفكر الغيبي والكرامات والمعاجز.

البعد الديني:
أخذت الحكايات الشعبية تكشف البعد الديني وبعض المعتقدات، خاصة حكايات الجن والكرامات، فمن ينكر حكاية عن الجن مباشرة يقال له الجن مذكور في القرآن، بينما أحيانا السائل ينكر القصة ولا ينكر الجن لكن يستشهد له بالقرآن، كذلك في قصص الكرامات، من ينكرها فكأنما ينكر مبدأ عقائديا، فكانت ترسخ بعض المفاهيم العقائدية، خاصة قصص المشاهدات التي يرويها الزائرون للعراق وبالأخص كرامات العباس فليس الكل يستطيع أن يدخل حرمه، أو قصة المخالف الذي استهزأ برأس الإمام الحسين ع ثم انقلب رأسه إلى رأس خروف بجسد آدمي. فهذه القصص والحكايات جعلت البعض يسكت ولا يناقش فيها خوفا من أن يتهم في عقيدته ويكفر.

البعد التربوي:
كانت تلك الحكايات غالبا ما تُحْكَى للأطفال خاصة قصص الجن وأم الخضر والليف(( النخلة))، وذلك لزرع الخوف في روعهم وبالتالي لا يخرج الأطفال ليلا.

فكانت أسلوبا تربويا له أثر إيجابي من حيث يكون الوازع ذاتيا، فلا يقدم الأطفال على الخروج ليلا أو الذهاب إلى أماكن يقال انها مرتع للجن. فهي أسلوب وعظ بعيد عن الضرب.

لكن رغم هذه الأبعاد لهذه الحكايات إلا أنه كانت هناك بعض الآثار السلبية لها أبرزها:

  1. كان بعض الأطفال ينعكس الخوف عنده بشكل رهاب إلى درجة التبول اللاإرادي خاصة في المنام.
  2. استغلال بعض فئات المجتمع لتحقيق مكاسب شخصية، نتيجة عدم الوعي لأغلب المجتمع. كأن يقوم البعض بالتواجد في أماكن معينة ويصدر أصواتا تلقي الرعب في نفس الذي يمر على ذلك المكان، أو يقوم البعض بادعاء البطولة أن تغلب على الجن ليخافه الناس، أو يدعي البعض أن عنده علم الأوراد والأذكار فيستطيع طرد الجن والشياطين فيتكسب من خلال ذلك. والكثير الكثير كانت مطبقة على المجتمع.

نهاية المطاف تبقى هذه الحكايات أدب جميل رائع يستحق الدراسة، لكشف المجتمع من نواحٍ كثيرة.

شارك برأيك: