السعادة والحياة الاجتماعية بقلم الأستاذ حميد حسن حبيب

الأستاذ حميد حسن حبيب
الأستاذ حميد حسن حبيب

بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) (سورة الرعد –  آية 11)

في غمار الحياة، يبحث الإنسان فيها عن السعادة، هذا لمن توفرت سبلها وأسبابها الظاهرية لديه، فيكتشف أن السعادة أبعد ما تكون عن مجرد المأكل والملبس والمسكن والسيارة والأموال.
وقد يقول قائل إن هذا الكلام يحتاج إلى دليل، وإن الواحد منا قد لا تتاح له فرصة امتلاك كل هذه الأشياء، فيكون حكمه مبنيا على أساس التجربة الحسية اليقينية الوجدانية.
أقول: إننا في بواكير حياتنا كنا نربط سعادتنا بامتلاك هذه الأشياء فنحصل عليها ثم نكتشف أن حجم ربطنا لها بالسعادة لم يكن إلا وهماً لا علاقة له بالحقيقة. فإما أن يكتشف الواحد ذلك سريعاً، وإلا فإنه يكرر التجربة نفسها على أشياء أخرى، حتى يدرك حقيقة هذه الأشياء في طريقه للنهاية، ففراقها حاصل لا محالة.
إننا نعيش في عالم الكثرة وعالم المادة، ولنا تعلق طبيعي بها، تلح علينا في كل التفاصيل.
والحياة الاجتماعية كالحياة الفردية، لها طابع مادي وطابع روحي، بل هي انعكاس لأفراد المجتمع.
فالمجتمع مرآة لكل فرد فرد منا، والحكم على المجتمع الذي أنتمي إليه هو عينه حكم علَيَّ وعليك.
إن مشاركة الناس أحزانهم وأفراحهم، أمر تطلبه طبيعة الإنسان بفطرته، بل إنه من أهم مقومات السعادة الفردية، وتقاس به الصحة النفسية لكل فرد منا.
والآية المباركة ناظرة إلى هذا الجانب من الشخصية الإنسانية، وهو أن أفراد أي قوم لا بد وأن يكون لهم إحساس بالبعد الاجتماعي، إن الفرد منا له ما للناس من حوله، وعليه ما عليهم.
وإن أي إحساس بخلاف ذلك
– أي الرغبة في الانعزال عن الناس – هو مرض لا بد وأن يسعى الفرد لعلاجه والتخلص منه، لكي لا يكون كالخلية المريضة في جسد المجتمع.
ولا يعني ذلك أن يذوب الفرد في المجتمع ذوباناً يلغي فيه شخصيته، ويكون صفراً على الشمال، بل إن قوة المجتمع نابعة من قوة الفرد ولا يكون الفرد قوياً إلا إذا أحس أنه يملك إرادته وحريته واختياره.

شارك برأيك: