رحلة إلى مساجد البحرين (3) – قرية شهركان
شمالا من داركليب ، تتخذ طريقك نحو شهركان، على الشارع الفاصل بين القريتين ترى مسجدا سمي باسم مسجد الامام الهادي (عليه السلام)، وقبل ان تدخل المسجد لن تتمالك نفسك الا ان تقف على المقابر المجاورة للمسجد، مقابر دلمون ، هنا اناس ماتوا ودفنوا قبل اربعة الاف سنة تقريبا ، فهل تجوز عليهم الرحمة؟ تتجاهل الأفكار وتدخل المسجد، مسجد جميل كبير فيه مركز ديني ايضا.
كانت شهركان في الماضي واحة غناء كثيرة العيون وعظيمة الزرع اذ ذكر لوريمر قبل مئة عام انها كانت تحوي خمسين بيتا منالسعف للبحارنة وثلاثة الاف نخلة،واهلها مكونون من السباسبة المهاجرين من قرية سبسب والزراريع الذين هم اكثر قدما، وقد امتهنوا الزراعة وصناعة الاشرعة والملاحة، وحين ترى القرية الآن تبدو كأنها قريتان فصلت بينهما حوائط رفيعة من المزارع، احداهما اصل قرية شهركان وفيها الماتم والمساجد والبيوت القديمة، اما الحي الاخر فامتداد للقرية بني قبل جيل او جيلين، واليوم تبنى احياء كثيرة حول القرية وتعمر الفلل على نطاق واسع.
وعندما تتجول بارض شهركان ستجد اهاليها قد جلسوا في شوارعهم يتبادلون الاحاديث ، وستجد مدرستين ابتدائيتين، وساحتين للعب الاطفال والكبار، ولكنك لن تجد الا دكاكين بسيطة، ولكن المساجد هناك متعددة فاذهب وصل في اكثر من مسجد، في وسط القرية مسجد الشيخ ليث .. قديم بطرازه المعماري الاصيل الذي يذكرك بمساجد البحرين سابقا، وعندما تخرج منه فولي وجهك شرقا حيث برية من الرمال الممتدة ، ستلوح لك مقابر اهل شهركان ووراءها مقابر الدلمونيين ، فاقرأ الفاتحة للمسلمين.
تذهب الى مسجد الزهراء عليها السلام، تصل مع وصول شيخ المسجد وتسلم عليه، يأخذك البهو الداخلي بجماله على بساطته وقدمه، يرتفع الاذان ويقوم الناس للصلاة جماعة فتقوم معهم وتقام الصلاة في جو روحاني هادئ ، تحس وانت في المسجد العامر كيف انها قرية اهلها وادعون طيبون، لا يختلفون عن غيرهم في شيء من العادات والمظاهر ، وصبيتها واطفالها حريصون على حضور المسجد قد اوقفوا دراجاتهم عند الباب ودخلوا يتشاكس بعضهم في فضاء المسجد، وان كان يبدو التأدب في زيارة المساجد فضلا فإن وجود الاطفال في المسجد لبركة كبيرة، فربما شاء الحق سبحانه ان يغفر لك بسبب ان طفلا لم يرتكب ما ارتكبت من اثام، قد جاء وصلى مع الجماعة.
وهكذا تغادر قرية الطيبين وانت تقول لنفسك، لو ان نخيل شهركان قد اندرست وبادت فالخير في ابناءها الذين يزرعون الامل والخير والعطاء على الدوام، وارجو ان يوفقهم الله لكل خير ويعيشوا حاضرا و مستقبلا افضل وافضل.