قصة البقرة مع بني إسرائي
قُتِلَ شخص من بني إسرائيل بشكل غامض، ولم يعرف القاتل.
حدث بين قبائل بني إسرائيل نزاع بشأن هذه الحادثة، كل قبيلة تتهم الأخرى بالقتل. توجهوا إلى موسى ليقضي بينهم. فما كانت الأساليب الاعتيادية ممكنة في هذا القضاء. وما كان بالإمكان إهمال هذه المسألة لما سيترتب عليها من فتنة بين بني إسرائيل. لجأ موسى – بإذن الله – إلى طريقة إعجازية لحل هذه المسألة كما ستوضحها الآيات الكريمة
يقوله سبحانه في هذه الآيات: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا؟!
قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
أي إن الاستهزاء من عمل الجاهلين، وأنبياء الله مبرأون من ذلك.
بعد أن أيقنوا جدية المسألة، قالوا أدع لنا ربك يبين لنا ما هي ؟
موسى (عليه السلام) أجابهم: قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك أي إنها لا كبيرة هرمة ولا صغيرة، بل متوسطة بين الحالتين ، فافعلوا ما تؤمرون.
لكن بني إسرائيل لم يكفوا عن لجاجتهم: قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ؟
أجابهم موسى: قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين أي إنها حسنة الصفرة لا يشوبها لون آخر.
ولم يكتف بنو إسرائيل بهذا، بل أصروا على لجاجهم، وضيقوا دائرة انتخاب البقرة على أنفسهم.
عادوا وقالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما هي طالبين بذلك مزيدا من التوضيح، متذرعين بالقول: إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون.
أجابهم موسى قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث أي ليست من النوع المذلل لحرث الأرض وسقيها. مسلمة من العيوب كلها. لاشية فيها أي لا لون فيها من غيرها.
حينئذ: قالوا الآن جئت بالحق.
فذبحوها وما كادوا يفعلون أي أنهم بعد أن وجدوا بقرة بهذه السمات ذبحوها بالرغم من عدم رغبتهم بذلك …
فقلنا اضربوه ببعضها أي اضربوا المقتول ببعض أجزاء البقرة، كي يحيى ويخبركم بقاتله. كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون.
*دلالات هذه القصة *
١- تدل على قدرة الله اللامتناهية، وكذلك على مسألة المعاد.
٢- أن الأمة تستوجب غضب الله حين تصر على عنادها ولجاجها واستهتارها بكل شئ.
٣- تدل على أن بني إسرائيل أساءوا الأدب مع نبيهم حيث قالوا لنبيهم: أتتخذنا هزوا ؟ وبذلك اتهموا نبيهم بارتكاب ذنب الاستهزاء بالآخرين.
٤- ومن سوء أدبهم مع نبيهم خاطبوه بعبارة ادع لنا ربك، وكأن رب موسى غير ربهم .
٥- وهذه القصة من جهة أخرى تعلمنا أننا ينبغي أن لا نتزمت ولا نتشدد في الأمور كي لا يتشدد الله معنا . حيث أن بني إسرائيل أُمِروا أن يذبحوا بقرة. وكان بإمكانهم أن يذبحوا أية بقرة شاؤوا، لكن هؤلاء المعاندين أبوا إلا أن يطرحوا أسئلة متكررة
لذا فإن لجاجهم ضيق عليهم الدائرة وغير عليهم حكم التكليف .
——————-
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – الشيخ ناصر مكارم الشيرازي – ج 1 – الصفحة 265