مختارات في شهر رمضان – الجار قبل الدار

الجار قبل الدار

الاستاذ حسن المطوع
الاستاذ حسن المطوع

كان أبو الأسود الدؤلي واسع الحكمة والعلم وهو من نَقَّطَ حروفَ اللغة العربية.

 وقيل أنَّ لأبي الأسود دارًا باعها ورحل عنها ، فسأله سائلٌ: “بعت دارك ؟”
فأجاب أبو الأسود الدؤلي : “بعت جاري ولم أبع داري”.
أي أنَّه باع منزله لأن له جار سيء ينغص عليه مسكنه، فالبيوت كما يقال بجيرانها، وقد أصبحت مقولة أبي الأسود الدؤلي مثلاً يردده الناس في الظروف المماثلة فيقال: “بعت جاري ولم أبع داري”.

 يعتبر الجار السيء همّاً يومياً ينغص على العائلة حياتها سواء كان هذا الجار جار المنزل أو العمل .
وكثيراً ما يندم الإنسان على اختياره المكان السيّئ لسكناه، فعليه أن يتحرّى عن الجيران وتديّنهم وأخلاقهم، فقد قال لقمان الحكيم في وصيّته لولده: “يا بني، حملت الحجارة والحديد، فلم أر شيئا أثقل من جار السوء”.

 لكن الجار الصالح هو الذي يهتم براحة جيرانه ويجعلها من أولوياته، واهتماماته فذلك الجار نعمة عظيمة وكنز ثمين .
كيف لا وقد رسم القرآن الكريم منهجاً موضوعياً في العلاقات الاجتماعية، يجمعه الإحسان إلى أفراد المجتمع وخصوصاً المرتبطين برابطة الجوار .
وحقّ الجوار لا يُنظر فيه إلى الانتماء العقائدي والمذهبي، بل هو شامل لمطلق الإنسان، مسلماً كان أم غير مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الجيران ثلاثة، فمنهم من له ثلاثة حقوق: حقّ الجوار، وحقّ الإسلام، وحقّ القرابة، ومنهم من له حقّان: حقّ الإسلام، وحقّ الجوار، ومنهم من له حقّ واحد: الكافر له حقّ الجوار” .
وقد حث النبي صلى الله عليه وآله على الإهتمام بالجار حيث قال صلى الله عليه وآله :
هل تدرون ما حق الجار؟ ما تدرون من حق الجار إلا قليلا .
ألا لا يؤمن بالله واليوم الآخر، من لا يأمن جاره بوائقه، فإذا استقرضه أن يقرضه، وإذا أصابه خير هناه، وإذا أصابه شر عزاه، لا يستطيل عليه في البناء، يحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشترى فاكهة فليهد له، فإن لم يهد له فليدخلها سرا، ولا يعطي صبيانه منها شيئا يغايظون صبيانه .

آثار حسن الجوار

  • 
زيادة الرزق :
    حيث جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام: “حسن الجوار يزيد في الرزق” .
  • زيادة العمر :
    كما عنه عليه السلام: “حسن الجوار يعمّر الديار ويزيد في الأعمار” ، وكذلك يتضح من هذا الحديث أثر ثالث وهو:
  • عمران الديار .

حقوق الجار

  • حفظه غائباً.
  • إكرامه شاهداً.
  • نصرته إذا كان مظلوماً.
  • أن لا يتّبع عورته.
  • أن يستر عليه.
  • أن ينصحه .
  • إعانته عند الشّدة.
  • أن يعفو عنه .
  • أن يعوده إذا مرض.
    وهناك حقوق أخرى يضيق لها المكان

دعاء الإمام السجاد ( عليه السلام ) لجيرانه  …واجْعَلْنِي اللَّهُمَّ أَجْزِي بِالاحْسَانِ مُسِيْئَهُمْ، وَاعْرِضُ بِالتَّجَاوُزِ عَنْ ظَالِمِهِمْ، وَأَسْتَعْمِلْ حُسْنَ الظّنِّ فِي كَافَّتِهِمْ، وَأَتَوَلَّى بِالْبِرِّ عَامَّتَهُمْ، وَأَغُضُّ بَصَرِي عَنْهُمْ عِفَّةً، وَألِينُ جَانِبِيْ لَهُمْ تَوَاضُعاً، وَأَرِقُّ عَلَى أَهْلِ الْبَلاءِ مِنْهُمْ رَحْمَةً، وَأسِرُّ لَهُمْ بِالْغَيْبِ مَوَدَّةً، وَاُحِبُّ بَقَاءَ النِّعْمَةِ عِنْدَهُمْ نُصْحاً ..

كلامٌ لأحد الحكماء القدامى
*كونفو شيوس وهو فيلسوف صيني ولد و توفي قبل الميلاد له أثر كبير في حياة الصينيين وقد خلَّف لنا هذا القول :
{لم تُتْرك الفضيلة لتكون وحدها…. مَنْ يمارسُها سيكونُ له جيرانٌ }

شارك برأيك: