أثر الدعاء في قلب الموازين
[ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ ] البقرة – ٢٥١
لما أن أُرسِلَ النبيُّ ( اشموئيل ) إلى بني إسرائيل وذلك بعد أن تشتتوا بعد النبي موسى عليه السلام .
طلب بنو اسرائيل من نبيهم اشموئيل أن يجعل عليهم قائدا أو ملكا ، لكي يتوحدوا تحت رايته ويدافعوا عن وجودهم وأنفسهم بقيادته .
فقال لهم اشموئيل أن الله قد اختار لكم طالوت ملكا .
كان طالوت شابٌ ذو جسم قوي وصاحب بنية متسقة وجميلة ، ومن أهل الصلاح والعقل ، لكنه لم يكن معروفا ، بل كان يعيش في قرية يعمل مع أبيه في بستان ، فاعترض بنو اسرائيل على هذا الإختيار ، فلا بد أن يكون الملك من أهل الثراء والوجاهة .
فأخبرهم اشموئيل بأن صفات الكمال والقوة والعقل والقيادة متوفرة في طالوت .
وبعد كلام طويل وافق بنو اسرائيل على جعله ملكا وقائدا عليهم .
استطاع طالوت أن يثبت قدرته بجدارة في هذا المنصب ، وطلب منهم أن يستعدوا لملاقات جيش جالوت عدوهم .
نعم … فتجهزوا للخروج مع ملكهم طالوت ، وسار بهم يقطع الطرق الطويلة ، فأراد أن يختبرهم بأمر من الله .
فقال لهم أننا سنلاقي نهر ماء فمن شرب منه وارتوى فليس مني إلا من اغترف غرفة صغيرة بيده فهو مني .
وما كاد أن يصل بنو اسرائيل النهر حتى تكالبوا على الماء يشربون ويرتوون منه إلا فئة صغيرة منهم .
فاختار طالوت هذه الفئة الصغيرة المؤمنة التي نجحت في الإمتحان ، وكان عددهم عدد أصحاب بدر ٣١٣ رجلا وسار بها لملاقات جيش جالوت .
وعند اللقاء اصطف جيش جالوت بعدد كبير مقابل هذه الفئة الصغيرة في حجمها الكبيرة في معنوياتها .
هذه الفئة رفعت يديها إلى الله وطلبت منه ثلاثة أمور وهي :
1- الصبر والإستقامة إلى آخر حد .
2- وأن يثبت أقدامهم .
3- النصر على القوم الكافرين .
رغم قلة عددهم مقابل العدد الكبير لعدوهِم .
وقالوا كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله .
فتقدم جالوت يصول ويجول ويطلب من أصحاب طالوت المبارزة ، فبرز له فتًى صغير اسمه داوود كان قد جاء مصاحبا لإخوانه الكبار بأمر من أبيه ، ولكنه كان خفيف الحركة ، وكان لديه مقلاع فرمى بقوة حجرين صوب جالوت بواسطة مقلاعه فأرداه صريعا يخور في دمه وانهزم جيشه بسرعة لما رأوه مقتولا.
قال تعالى :
[ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ ] سورة البقرة – الآية ٢٥١ ( ١ )
( ومن خلال قرائن متعددة تدل على أن داوود هذا هو النبي داوود والد النبي سليمان عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام .)
——————-
راجع التفسير الأمثل – ج ٢ -ص ٢١٤