مختارات في شهر رمضان – تبت يدا أبى لهب وتب – الاستاذ حسن المطوع

تبت يدا أبى لهب وتب

قال تعالى في كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)  وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (٥) 

سبب النزول
🔸عن ابن عباس قال: عندما نزلت وانذر عشيرتك الأقربين أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينذر عشيرته ويدعوهم إلى الإسلام ( أي أن يعلن دعوته).
صعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على جبل الصفا ونادى: ” يا صباحاه “! (وهو نداء يطلقه العرب حين يهاجمون بغتة كي يتأهبوا للمواجهة، وإنما اختاروا هذه الكلمة لأن الهجوم المباغت كان يحدث في أول الصبح غالبا).
عندما سمع أهل مكة هذا النداء قالوا: من المنادي؟ قيل: محمد. فاقبلوا نحوه، وبدأ ينادي قبائل العرب بأسمائها، ثم قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم، أما كنتم تصدقوني.
قالوا: بلى. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب: تبا لك. لهذا دعوتنا جميعا ؟
فأنزل الله هذه السورة.
وقيل: إن امرأة أبي لهب ( واسمها أم جميل ) علمت أن هذه السورة نزلت فيها وفي زوجها. جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنبي لا يراها، حملت حجرا وقالت :
سمعتُ أن محمدا هجاني، قسما لو وجدته لألقمن فمه هذا الحجر. أنا شاعرة أيضا. ثم أنشدت اشعارا في ذم النبي والإسلام
🔸هذه السورة ترد على بذاءات أبي لهب عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عبد المطلب. وكان من ألد أعداء الإسلام، كما أن القرآن يرد على هذا الإنسان البذئ ويقول له:
تبت يدا أبي لهب وتب.

معنى التبّ
” التب …. يعني الخسران المستمر كما يقول الراغب في مفرداته أو هو الخسران المنتهي بالهلاك كما يقول الطبرسي في مجمع البيان.
🔸ابا لهب كان يتتبع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غالبا كالظل ، وما كان يرى سبيلا لإيذائه إلا سلكه. وكان يقذعه بأفظع الألفاظ. ومن هنا كان أشد أعداء الرسول والرسالة. ولذلك جاءت هذه السورة لترد على أبي لهب وامرأته .

موقفٌ بين أبي لهب وأبي سفيان
( كان )أبو لهب لم يشترك في بدر، بل ارسل من ينوب عنه. وبعد اندحار المشركين وعودتهم إلى مكة، هرع أبو لهب ليسأل أبا سفيان عن الخبر. فأخبره أبو سفيان بالهزيمة وقال:
” وأيم الله ما لمتُ الناس. لقينا رجالا بِيضًا على خيل بلق بين السماء والأرض… ” ( فقال ) أبو رافع (مولى العباس) وقد كان جالسا معهما قال : تلك الملائكة . فرفع أبو لهب يده فضرب وجهه ضربة شديدة،
ثم حمله وضرب به الأرض، ثم برك عليه يضربه وكان رجلا ضعيفا .
وما أن شهدت أم الفضل (زوجة العباس) ذلك ، وكانت جالسة أيضا، حتى أخذت عمودا وضربت
أبا لهب على رأسه وقالت :
تستضعفه إن غاب عنه سيده؟!
فقام موليا ذليلا.
قال أبو رافع : فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (مرض يشبه الطاعون) فمات. وقد تركه أبناه ليلتين أو ثلاثة ( لم ) يدفنانه حتى أنتن في بيته. فلما عيَّرهما الناس بذلك ، أُخِذ وغْسِّل بالماء قذفًا عليه من بعيد، ثم أخذوه فدفنوه بأعلى مكة وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه .
———————
راجع الأمثل تفسير كتاب الله المنزل
جزء ٢٠ ص ٥٣٥

شارك برأيك: