ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة الدكتور جعفر الهدي، الذي رحل عن عالمنا مؤخراً، تاركاً وراءه فراغاً لا يمكن ملؤه بسهولة في قلوب محبيه وعارفيه، الدكتور الهدي لم يكن مجرد رجل عادي، بل كان مثقفاً، قارئاً، كاتباً ومؤلفاً، أضاء بعلمه واهتمامه دروب الكثيرين، وكان له أثرٌ عميق في حياة كل من تشرف بمعرفته والعمل تحت إشرافه.
كان الدكتور جعفر الهدي يتسم بحضورٍ مميز، يجمع بين الحكمة والوداعة، ويمنح من حوله شعوراً بالطمأنينة والثقة، لقد كان قادراً على إلهام الشباب وتشجيعهم على المضي قدماً نحو تحقيق أحلامهم وطموحاتهم، وكان يرى في كل طالب وطالبة مشروعاً ناجحاً بانتظار أن يتحقق.
كان، يجول بين الكتب كما يجول الفارس بين أرجاء مملكته، يبحث عن كل ما هو جديد ومفيد، ويحرص على نقل هذه المعرفة إلى من حوله، لم يكن يبخل بوقته أو جهده في سبيل خدمة العلم والتعليم، وكان له من الشغف والإخلاص ما جعله مثلاً يُحتذى به في مجاله.
لقد عرفته شخصياً منذ أن تولى الإشراف على بعض الأنشطة والأعمال لابنتنا زينب الحوراء السعيد في مراحل متعددة، في مسابقاتها الداخلية والخارجية، وتأثرت به بشكل كبير بتوجيهاته، فقد كان دائماً يشجعها على التفكير والإبداع وسبر أغوار الثقافة ومجالاتها، وكان يؤمن بقدراتها ويسعى جاهداً لتطويرها. لقد كانت لقاءاتهما مليئة بالنقاشات المثمرة والتوجيهات السديدة، التي ساهمت في تشكيل مسارها الأكاديمي والثقافي بشكل إيجابي.
إن رحيل الدكتور جعفر الهدي يعد خسارة فادحة ليس فقط لعائلته وأصدقائه، بل لكل من عرفه وتعلم منه. لقد كان نبراساً ينير دروب الآخرين، وكانت كلماته وأفعاله تترك أثراً لا يمحى في نفوس الجميع.
نرجو من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، ولا يسعنا إلا أن نعبر عن خالص تعازينا ومواساتنا لعائلة الدكتور الهدي، وأن نؤكد أن ذكراه ستظل خالدة في قلوبنا جميعاً، وستبقى إسهاماته الثقافية والإنسانية نبراساً نسترشد بها في حياتنا.
رحم الله الدكتور جعفر الهدي، وأسكنه فسيح جناته، وحشره مع من كانه يتولاهم محمد وآل محمد.