.
أبا صادق … تعجَّلت الرحيل
بقلم: الأستاذ حسن الهدي
سكونٌ ما بعده سكون، لحظاتٌ قاسية جثمت على صدور الجميع، ليست هناك إلا نظرات تنتقل بين ذلك وذاك، وكأنهم يسألون بعضهم البعض: أرحل أبو صادق؟ تراهم غير مصدقين ذلك النبأ الحزين الذي داهمهم، وأراهم في ذلك محقين، فهل سمعتم يومًا أن الابتسامة ترحل؟ وهل سمعتم أو تناهى إلى أسماعكم أنَّ الإنسانية بأدبها وعطائها وكل ما فيها ترحل؟
رحل العزيز الدكتور جعفر محمد الهدي إلى بارئه نقيا، فقد أوفى عهده مع الله سبحانه وتعالى في جميع محطات حياته، فمنذ أن بدأ حياته المهنية معلما لمادة اللغة العربية في مدرسة اليرموك الابتدائية للبنين أخذ على عاتقه أمانة تربية النشء وتعليمه، فما من طالب إلا وذكره بكل خير، وأذكر مرارًا وتكرارًا زملاء تلك الحقبة حينما نذكر بعض تفاصيلها فنسترجع سيرة معلمينا الذين يتصدرهم الدكتور جعفر الهدي بطيبته وتفانيه وإخلاصه. هو كذلك منذ أن عرفناه صغارًا، هي ابتسامته، حسن تعامله، احترامه للجميع، لم يتغير شيء من ذلك.
لم يكن للدكتور جعفر الهدي حدود للعطاء، فإيمانه راسخ بأن العطاء لا حدود له، فكيف لمن آمن بقيمة العطاء أن يحده مكان أو زمان؟ وسيرة فقيدنا الغالي حافلة بأنواع العطاء التي امتدت من حقل التربية والتعليم إلى المجلس البلدي وغيرها الكثير من مؤسسات المجتمع التي نهلت من فكره وإبداعه.
ستظل سيرة الدكتور جعفر الهدي لهجة على لسان كل محبيه، وسيظل عطاؤه باقيا، وستظل إنجازاته التطوعية والأدبية والفكرية خالدة في نفوسنا جميعًا.
سنظل نذكرك بكل ابتسامة لم تبخل بها على الصغير قبل الكبير، وسنظل نذكرك بعطائك النادر، وسنظل نذكرك بكل نقطة حبر أنرت بها طريق الآخرين.
كونوا كمثله معطائين دون انتظار مدح او ثناء، واسعوا إلى رسم الابتسامة على محيا الجميع، كونوا كمثله منتجين فاعلين، واحرصوا على أن تقتدوا به في خدمته للقاصي والداني.
رحمك الله أيها الغالي برحمته الواسعة، وأسكنك فسيح جناته.