(غديريات 1) الغديرُ المُزِّمُّ للشاعر سلمان عبد الحسين

سلمان عبد الحسين

الــغــديــر الــذي أُنــاهــل مــنـــه
كـلّـمـا جـفَّ فـي الـولاء شـعـوري

سوف يبقى النذير والماء رقـرارقٌ
بـــالأَّ أغـــشَّ عـــذب ضــمـيـــري

سـيّـديْ يــا عـلــيُّ أنـتَ ولـيِّــي
قــبــل تـكـويـن عـالـم الـتـكـويــرِ

قد تـولَّـيْـتَ مَـرْضَعِـيْ ثَـدْيُ أُمِّـيْ
لـم يكن مـشـتـهـاي قبـل الغديـرِ

مـائـز لـلـحلـيـب من صدرها عذبا
بــكــون الـغــديـر أصــل نـمـيــري

وولائـــي الـمــزمُّ ذائــقــة أخــرى
تـفـوق الـحـواس فـي الـتـقـديـــر

لـحـلـيـب الـولاء يـشـربُ فـاهــي
وإذا بي انـكـشـاف عـيـن الـبصيـرِ

يـا تُـرى .. كـيـف لـلـتـذوق يـغـدو
مـبصـرا والـمـحـبُّ مـثـلُ الـضـريـرِ

خـلـطـة الحب ليس مـزج حـواس
إنــمــا نــطــقــهـا بـفـعـل الأثـيــر

وعــلــيٌّ أثــيـــرُ حــبٍّ خَـــفِــــيٍّ
ظـاهـرٍ كـالـمِـلاكَ جَــذْبُ حــضــور

يـا مِـلاكَ الـوجـودِ لـيـس حـلـيـبــاً
من يـغـذِّي بكم هوى في الصدور

نـغـم الـطـيـر والـهــواء عـمـيــمــا
ونـشـور الـحـيـاة قـبــل الـنـشــورِ

كُــلــهــا أشَّـــرتْ عـلــيــك ولــيــاًّ
قـبـل وحـيٍ مـؤوَّلٍ في الـسـطـورِ

حـيـن يـغـدو الـقـرآن وهـو فـصيـحٌ
لـعـثـمــاتٍ لـعــاشـق الـتــحـويــرِ

ونـرى فـي بيـاض إبطيك سـطـعـا
وهو يعشي العيون سود المصيـرِ

ويـكـون الـرسـول مفرخة الـوحـي
عـلـى أذن سـامــع مـسـتـجــيــرِ

فعلى البخبخات كـلـب امـتـعـاض
ونـكـوص فـي نــبــحــة الـتـبـريــرِ

وحـده الـكــونُ مــن تـولّـى عـلـيـاًّ
حـيـثُ يـعصـى على فعال الأجيـرِ

أســـدٌ رابــضٌ بــتــرويــض مـــولاه
فـذا فـي الــولاء سـهـلُ الـنـفـيــرِ

وطـيـورٌ حـيـثُ الموسيقـى عـلـيٌّ
غـردَّت عــذب اسـمــه لــلـخــريــر

وتــشُــفُّ الـمـيـاه مــنــا وجـوهــا
بـانـبـســاط الــولاء كـــتــلــة نـــورِ

الـتــجـاعـيــدُ فــي الـوجـوه طــلاءٌ
وسْــطَ مــاء لـعـاشــق مـسـحــورِ

ليس في الماءِ نهتدي للمساحيق
لــنــخــفـي ولاء بــعـــض الـبــثــورِ

إنّــمــا تَــمـــقــعُ الـمــيــاهُ بــثــورا
فــنــراهــا صـبــاح وجــهٍ نــظــيـــرِ

وإذ الـلـيـل يــخـلـعُ الـوجـه هـالات
لــنـجــمــاتــه بــوقـت الــمــسـيـرِ

فـعـلـيُّ الـمـســيــرُ نــحــو صــراط
والــغــديــر الــمُــزِّمُ بــدءُ الــعُــبــور

* * *

سيّـدي أجـهـلُ الـغـضـاضـة فـيكـم
مـن مُـريـدٍ أمــلاه حُــبَّ الـقـشــورِ

يـا الـصـحـابي ذاك مـا شفَّ معنـى
هــو قــاع لـحــبــه عــن ضـــمــــورِ

فــعــلــي مــن الــصـحــاب فــفــرد
في جـمـوع كـالـفـالـتِ الـمـحشـورِ

هـو مـنـهـم في ظاهر القـول اسما
لـيـس مـنـهـم فـي الشأن والتقريرِ

هـو مـثـل الـضـمـيـر مـستتـر يبقى
ولا بــــاحـــثٌ لـــه عـــن شـــغـــورِ

صلـةُ الـوصـلِ فـيـه مـحـض صحابي
ولا مـــيـــزة لـــه عــــن كـــثـــيـــرِ

لـيـس مــن تــدَّعــون فـيـنـا عـلـيٌّ
إنَّــه الــظـــلُّ زال بــالـــتــبـــخــيــرِ

وعـلـى الـظـلِّ مـن حـنـوطُ الـنـوايـا
جــبــر تـظـلـيـلــه بــروث الـبـعــيــرِ

مـن هـنـا أسـقـطَ الـصـحـابيُّ عنـه
فــبــهــذا الــمــقــام وحـــدة جـــورِ

يـتـسـاوى الـجـمـيــع أمــر قـيـاس
مـسطـروا فـيـه حـبـهـم بـالـجـبـيـرِ

قـد قـبـلـنـا بــحـكـمـكـم ورضـيــنــا
لا اقـتـنـاعــا لــكـن لــدرء الـشــرورِ

يـا تـرى ثـــقــل أهـلـه بـعـد مـوزون
بــمــيــزانــكــم كــثـقــل كــبــيــر؟!

وســؤال الـنـبـي عــنـهــم بــوحــي
أيــــن مــيــزانــــه بـــوزن الأمــــور؟!

لــم يـــوصِّ قـــرانـــه بـــصــــحــــاب
بـل بـقـربـاه فـي “انـقـلاب خـطـيــر”

فـأردتـم تـصـحـيـح مـا وزن الــوحــي
فـأمـــرُ الــهــوى مـــن الــتـــدبـــيـــرِ

فـإذا مـيـلـكـم إلـى الـصـحــب عِــدلٌ
لــكــتــاب الإلــــه مــــن مــــضــــرورِ

نــزق فـــي الـكـتـاب مـيــل صــريــح
لــيـس يُــرضــي تـــأوُّلَ الـــمــوتــــورِ

لــمــيــولِ الـــقــرآن فــــي آل طــــه
حـيـثُ مــال الـنـبـيٌُّ مـا مـن ظـهـيـرِ

ولـمـيـلِ الــصـحــاب أعـــدالُ مــيـــلٍ
لِـيُـلاقِـيْ الـمـشـهـورَ بــالـمــغــمــورِ

في عـلـيٍّ قـد أصـبـح الـمـيـلُ مـيـلاً
لـصــحــاب والــعِـدلُ مــن مـكــســورِ

فـي الـنـبـيِّ الـتـخـالـفُ الـمـتـمـادي
بـعـض أســرار سُـنَّــةِ الــمـــهــجـــورِ

بـعـض أســرار “يـهـجـرٍ” ثـقـلُ نـقـضٍ
جــعــل الــوحــيَ مـثـلَ شـاهــدَ زورِ

وعـــلـــيٌّ هــــذا الـــذي أمَّــــمُــــوهُ
هــو فــوق الــتـصــغــيـر والـتـكـبــيـرِ

هــو فــوق الأحــجــام إذ حــجَّــمُــوه
لا أمـــيـــرا يــــدعــــى ولا بـــوزيــــرِ

هــو مــولــى لـــه الــرقــاب تــدّلـــتْ
حـيـث سـيـف الـفـقـار غِـمـدُ النصيـر

حــيــث لــلــبــخــبــخــات وقــع دويٍّ
مـعـهـا الـسـيــفُ نــام نــوم الـقـريــرِ

غـــيـــرَ أنَّ الــغــديـــر وهـــو صــــراطٌ
لـم يـكـنْ فــارشــا لــدربِ الــحــريـــرِ

إّنــه عــاكـــر الــنــوايــا اكــتـســابـــا
مــن وجــوه الــلــئــام بـالــتــعـكــيــرِ

مــعـــه الــحـــقُّ أبــلــج يــتــســاوى
مـــع خــسـف لــوجـــه بــدر مــنــيــر

إذ رضــيــنـــا قـــراح مــاء كــســالــى
نـحــن لا نـرتــضــي الـذهــاب لــغـــورِ

مــرحـــبـــا بـالـقـراح أسـلـمُ شــربـــا
داخــل الـغـور مـن لــنـا مـن مُـجـيـرِ؟!

قـد صـدقـتـم فـمـن تــخــطّـى لــطـــه
وعــلـــيٍّ يــأبـــاه غـــوص الــخــبــيــرِ

ويـــرى فـــي الــفــتــات أكــمـــل زادا
فـيـه حـجـبٌ عـن نـعـمــة الـتـفـكــيــرِ

عـلّــبــوا الــديــن فـهــو زاد الـكـسالـى
وبــه الـمـنـتـهــى إلــى الــتــكــفــيــرِ

وبــــه حـــيـــدر الـــمــحـــارب حــصــرا
لــمــحــبــيـــه غـيــلـــة الــمــحــصــورِ

قـــد قـــدرنــا عــلــى الـــولاء ثــبــاتـــا
أمـــركـــم ذاك أهــــون الـــمــــقــــدورِ

وعــرفــنــا الـدلـيـلَ والــسـيـف غــمــدٌ
ولـكـم سـيـفـكـم دلـــيــل الــحــضـــورِ

فـــــإذا قـــــدّر الــــمــــحـــــبُّ نــــزالا
إنّـــكـــم لا مــحـــال أهـــل الـــقــبــورِ

لـيـس فـيـكـم عِــدْلٌ لـســيــفِ عـلـيٍّ
نـحــن مـن ومـضِ بــأســهِ الـمـذخــور

لا ولا فــي لـحــاكـم الـصـفــر يــتــلــو
الله فــي الـعــرش آيــة الــتــطــهــيـــرِ

فــلــكــم مــن مـســاجـد كـم ضــرار؟!
وهـي مـن غـيـكـم كـبـعــض الـجـحـور

ولــهـــا تــهــربـــون مـــن طــهــر طـــه
وعــــلـــيٍّ لـــفـــتـــنـــة الـــتــغــريـــرِ

ولــنـــا فـــي مــســاجـــد أمَّ فــيــهـــا
حــيــدر جـــمــعــنــا صـــلاة الــــنـــذورِ

ودمــــــاء تـــــــوضـــــــأت لـــــصــــــلاة
بــالــغــديــر الــمُــزِمِّ أصـــلُ الــطــهـــورِ

شارك برأيك: