تَرَجَّلْتَ مِنْ صهوةِ اللامكانْ
وَسِرت تُضَمِّخُ كلَّ الزمانْ
قريراً على الأحرفِ الحالكات
وقوراً إذا ما أتتكَ الطِّعانْ
بفيئكَ نحن انجذابٌ عجيب
كأنَّا عرفناكَ عَبْرَ الأذانْ
تجشَّمت أن يعتلي الناشزون
فأجفلتَ عنهم بعزمٍ وشَانْ
بريشةِ جفنٍ كسهمٍ ثقيف
وَقِفتَ كطودٍ قوي الجَنانْ
فسود الليالي بقت مزهرات
وأنعشتها في تحدي الرِّهانْ
وسقيا الندى في اطِّلاب العلوم
رسمت لها الفجر في كل آنْ
لمثلك تنقاد كل الجهات
ويشتاقك القوم أنتَ الجِفَانْ
حملت الصعاب وأنت اللواء
وخضت الغمار وأنت الهِجانْ
تَدفَّقتَ كالسيلِ في عالمٍ
وما أنكرَ الجودَ إنسٌ وجانْ
أيا سيدَ الجودِ أنتَ “الجواد”
ومشكاةُ نبضكَ فيضُ الحنانْ
كسوتَ وأطعمتَ فاهَ الجياع
فَعُدنا نقلِّبُ طعمَ الهَوانْ
مساعيكَ للحق عبر الدهور
طعنت بها الزيف مثل السنانْ
وقولك بالحب سهل عذيب
بريق الهدى والندى كالجمانْ
وأطربت قلباً غفا كالصخور
وأيقظت سمعاً يريد الأمانْ
وأبرقت تاجاً لتلك العيون
فكنت البريق لقاصٍ ودانْ
مشيت على الأرض أسطورةً
تردد حلماً طليق العَنانْ
شهرت حسام الرؤى والعقول
ورحت تقارع جهل الكيانْ
حلبت الأماني بكف العظيم
ودغدغت صبر النهى للعَيانْ
فيا صاعداً من تخوم المغيب
مطايا البِعادِ لحلو الجِنانْ
أعد دفء وعيك يا سيدي
ورتِّل علينا جميل البيانْ
أعد بسمةً في ذبول الشفاه
تناهبها في المدى دمعتانْ
رحلت وذا القلب ذاق السهاد
وملء التباريح أرخى العِنانْ
فمعشوشب الأرض يبكي عليك
ويجتاح أفق السماءِ الدُّخانْ
وعصفٍ أصاب النفوس الكرام
وينطق طوعاً غريب اللسانْ
وكنّا ادّخرناك عند الخطوب
ولكنه الموت أقوى المِرانْ
أصابك والجود أدمى حشاه
فنم طيباً دون قول الجبانْ
ستبقى على الدرب لحناً كريم
تناديك يا سيدي الثقلانْ
أُهيلَ الوداعِ وهذا الوداع
نطقنا وطارت به صرختانْ
فمنَّا السلامُ ومنَّا الوداع
لمن أنعش الروح لا لن يُهانْ