ظلامة الكيف للشاعر سلمان عبد الحسين

سلمان عبد الحسين

عَنْ أَيِّ عِشْقٍ سيِّدِي أَتَرَافَعُ؟!
مَنْ فِيْ المُهُودِ مِنَ النُهُودِ يُرَاضِعُ؟!

أَمْ ذَلِكَ الغَضُّ الذِيْ يَتَدَافَعُ؟!
أَمْ كَهْلُ عِشْقٍ فِيْ هَوَاهُ يُنَازِعُ؟!

حَبْلُ المَوَدَّةِ مِنْ رَضِيْعٍ مَاسِكٍ
طَرَفاً .. لِكَهْلٍ تَركَ ذَاكَ يُمَانِعُ

هُوَ حَبْلُ رَبْطٍ .. عُقْدَةٌ عَنْ عُقْدَةٍ
عُقَدٌ بِلا حَلٍّ .. وَحَبْلٌ جَامِعُ

إِنَّ التَّرَافُعَ ظُلْمُ عِشْقٍ غَارِقٍ
يَا سَادَتِيْ .. أَعَنْ الغَرِيْقِ أُدَافِعُ؟!

لَوْ كَانَ يَرْضَىْ قَشَّةً لِنَجَاتِهِ
لَدَفَعْتُهَا .. وَهْوَ الغَرِيْقُ القَانِعُ

فَمَنْ ارْتَضَىْ غَرَقاً سَبِيْلَ شُعُورِهِ
بِالحُبِّ .. مَا دَفْعٌ يُفوِّقُ نَافِعُ

هُوَ سَاكِنٌ عَقْلَ الظُّلامَةِ .. وَحْدَها
تَكْفِيْ لِيُشْرِقَ مِنْهُ يَوْماً طَالِعُ

أَعَلِيُّ فِيْكَ ظُلامَةُ الكَيْفِ التِيْ
نَحْيَا بِهَا .. وَالظُّلْمُ حَلٌّ نَاجِعُ!!

هُوَ مَنْ يُؤَازِرُنَا عَلَىْ غَلْوَائِهِ
مَا الحُبُّ حُبٌّ وَهْوَ صَفْوٌ وَادِعُ

الحُبُّ غُبْنٌ قَبْلَ إِنْصَافٍ لِكَيْ
يُتَخَيَّلَ الإِنْصَافُ وَهْوَ مَبَاضِعُ

وَالحُبُّ شَوْقٌ حِيْنَ يُهْدَرُ كُلُّهُ
يَزَدَادُ شَحْناً .. وَالنُّفُوسُ صَوَامِعُ

لا تَمْتَلِيْ مِنْ شَوْقِ قَلْبٍ قَائِضٍ
إِلاَّ وَصَوْمَعَةُ الحَصِيْدِ بَلاقِعُ

مَوْلايَ حَيْدَرُ .. ذَاكَ مَنْ دَفَعُوا لَنَا
فِيْ حُبِّهِ .. وَمِنَ الدُّفُوعِ مَرَاجِعُ

إِنّا نُراجِعُ فِيْكَ هَلْوَسَةً بِهَا
كُتُبُ اليَقِيْنِ صَحَائِفٌ وَطَبَائِعُ

الكيفُ مَرْجِعُنَا ولا خَدَرٌ بِنَا
وَمِنَ الجُنُونِ عَلَىْ الظُنُونِ قَوَاطِعُ

وَمِنَ الجُنُونِ إِلَىْ الهَيَامِ تَتَبُّعٌ
مَن لا يُجَنُّ فَما إِلَيْهِ تَوَابِعُ

وَالحُبُّ دُوْنَ ذُيُولِ عِشْقٍ دُمْيَةٌ
صَنَمٌ وَسَادِنُهُ الذَّلِيْلُ الخَانِعُ

أَنَا لا أُدَافِعُ عَنْ هَوَايَ لِحَيْدَرٍ
هَذا هَوىً حَتَّى الرَّضِيْعَ يُشَايِعُ

وَيُرَاكِضُ الغَضَّ الشَّبَابَ .. بَلِيْدُنَا
بِهَوَىْ عَلِيٍّ شَبَّ فِيْهِ الدَّافِعُ

هَذَا هَوَىْ يُعْطِيْ تَلابِيْبَ الهَوَىْ
عَطْراً لِكَهْلِ القَبْرِ إِذْ يَتَضَاوَعُ

لَوْ قُلْتُ عَنْهُ أَنَا المُحَامِيْ كَالَنِيْ
بِغَرَامَةٍ .. أََنَّ المَحُامِيَ طَامِعُ

فلذا مُتَارَكَةُ الهَوَىْ كُلُّ الهَوَىْ
لا لَنْ يَقُودَ الصَّبُّ وَهْوَ التَّابِعُ

* * * * *

دَعْنَا أَيَا عَقْلَ الغَرِيْمِ نُفَاتِحُ
الأَحْقَادِ بِالطَّبْعِ الذِيْ هُوَ طَابِعُ

فَلأَنْتَ مَجْبُولٌ وَنَحْنُ جِبِلَّةُ
وَمِنْ الجُنُونِ عَلَىْ النزوع تنازعُ

خُذْ مِنْ يُرَاضِعُ رُبَّما هُوَ تَارِكٌ
شُرْبَ الحَلِيْبِ وَلِلوَصِيِّ يُضَارِعُ

شُربُ الحَلِيْبِ جِبِلَّةٌ مَفْطُوْرَةٌ
بِإزَاءِ حَيْدَرَ صُنْعُ مَنْ يَتَصَانَعُ

قَبْلَ الحَلِيْبِ هُوَ الوَلاءُ جِبِلَّةٌ
بِخُصُوبْةِ التَكْوِيْنِ ثَغْرٌ شَابِعُ

عَنْ مِثْلِ هَذَا .. كَيْفَ تَنْزَعُ حَيْدَراً
يَا أَيُّها الحِقْدُ اللَّقِيْطُ الجَائِعُ؟!

عِشْ أَنْتَ فِيْ شَبَعٍ لِتُغْرِيَ نَهْمَهُ
مَاذَا وَأَنْتَ بِنَهْشِ لَحْمٍ رَاتِعُ؟!

هَذَا الحَلِيْبُ وِصَالُهُ .. فَبِلَحْمِنَا
سُبْحَانِ وَصْلِكَ وَهْوَ سَيْفٌ قَاطِعُ

* * * * *

مَاذَا عَنْ الطِّفْلِ الصَّغِيْرِ؟! أَوَعْيُهُ
المَغْمُورُ فِيْمَا تَدَّعِيْهُ يُخَادَعُ؟!

هَذَا المُذَخَّرُ مِنْ حَلِيْبِ وَلائِهِ
واللَّيِّنُ العَجْنَاتِ لِيْسَ يُطَاوعُ

ضَعْ كَفَّكَ الشَّوْهَاءَ فِيْ جِسَدٍ لَهُ
غَضٍّ .. فَكُلُّ اسْمِ الوَصِيِّ مَواضِعُ

سَيُذِيْبُ بَصْمَةُ أُصْبعٍ شَاهَتْ لَهُ
وَعَلَيْكَ مَشْبُوهاً تُشْيَرُ أَصَابِعُ

هَذَا الذِيْ تَرَكَ الكُسَاحَ وَرَاءَهُ
يَمْشِيْ بِاِسْمِ عَليَّ وَهْوَ يُقَارِعُ

أَمْسَىْ كُسَاحُكَ أَنْ تَكُونَ بِصَفِّهِ
فَإِذا مَشَىْ أَنْتَ الذِيْ تَتَراجَعُ

أَوْ قَامَ بِاسْمِ عَلِيَّ لَيْسَتْ قَوْمَةً
لِلطِّفْلِ .. قَوْمَتُهُ الحُسَامُ السَّاطِعُ

هَذَا أَذَانُ الحَرْبِ وَقْتَ قِيَامِهِ
وَمِنْ الجُلُوسِ هُنَيْئَةً يَتَوَاضَعُ

وَيَقُولُ لا تَقْرَبْ فَشَوْطِيَ مَشْيَةٌ
أُخْرَىْ بِصَوْلِتِهَا لِأَنْفِكَ جَاذِعُ

أَوَ مِثْلَ هَذَا تَبْتَغِيْ خَصْماً بِهِ
كَيْفُ الخُصُوْمَةِ بِالخُصُوبَةِ دَارِعُ؟!

هَذَا الصَّغِيْرُ السِّنِّ أَوَّلُ بَذْرَةٍ
لِلسَّيْفِ فِيْنَا وَالظُّلامَةُ زَارِعُ

وَلَأَنْتَ مِنْ حِقْدٍ تُمَرِّنُ قَلْبَنَا
أَنَّ الخُصُومَةَ فِيْهِ كَوْنٌ وَاسِعُ

* * * * *

مَاذَا بِطَورِ شَبَابِنَا مِنْ هَبَّةٍ
وَالحَقْدُ لِلْجِيْلِ الجَسُورِ زَعَازِعُ؟!

الغَضُّ مِنَّا حِيْنَ يَمْشِيْ مَاشِقاً
قَاماً .. فَذَا وَتَدٌ وَمِنْهُ الفَارِعُ

وَالفَارِعُ النَخْلاتِ طُولاً خِلْتُهُ
بَرْقُ السَّمَاءِ وَرَعْدَةٌ تَتَسَارَعُ

هُوَ بِاكْتِنَازِ العِشْقِ .. رَضْعَةُ أُمِّهِ
الأُوْلَىْ .. وَمَا بَعْدِ الرِّضَاعُ تَشَابُعُ

هُوَ هَبَّةُ التَّغْيِيْرِ .. يَلْوِيْ حَيْدَراً
لِفَقَارِهِ .. وَيَدُ الفَتَىْ تَتَوَازَعُ

هُوَ مَنْ دَحَىْ هُوَ مَنْ طَوَىْ هُوَ مَنْ بَنَىْ
وَبِكَفِّه البَسْطُ القَدِيْرُ مَذَارِعُ

اِذْرَعْ عَلَىْ جِيْلِ الشَّبَابِ عَلِيَّهُمْ
فَلَكَ الحُروبُ بساطُ مَهْدٍ نَاصِعُ

وَاحْلِبْ بِهِمْ دُنْيَا الجَفَافِ يَبِيْسَةً
فَحَلِيْبُهُمْ مَطَرُ الوِلايَةِ دَامِعُ

هُوَ مَا ارْتَضَتْهُ الأُمُّ وَهْيَ وَجِيْعَةٌ
أَنَّ الوِلايَةَ فِيْ العَطَاءِ مَوَاجِعُ

يَا ذَرْوَةَ الحُبِّ النُّضُوجُ تَنَاضُجٌ
إِلاَّ بِحُبِّ عَلِيَّ كَفٌّ قَالِعُ

النُّضْجُ فِيْ وَعْيِ الشَّبَابِ كَخَيْبَرٍ
فِيْ بَابِها المَقْلُوعِ .. وَهْوَ مَخَالِعُ

تَتَجَمَّعُ الأَحْقَادُ .. بَاباً / كَنْزَةً
وَمِنْ اكْتِنَازِ الحِقْدِ بَابٌ قَابِعُ

خِلِّعْ لَهُ يَا كَفَّ حَيْدَرَ هِذِهِ
كَفُّ الشَّبَابِ لَهَا الإِلَهُ يُبَايِعُ

وَيَقُولُ: قَدْ نَسَخَ المُرِيْدُ مُرَادَهُ
وَالحِقْدُ فِيْ الهَوْجَاءِ جَرْوٌ ضَائِعُ

هَذَا الوَلاءُ المَرْحَلِيُّ غِوَايَةٌ
عِنْدَ الشَّبَابِ .. هُوَ اكْتِنَازٌ طَالِعُ

هُوَ فَوْرَةٌ وَالحِقْدُ يَبْقَىْ فَوْرَةً
وَالحِقْدُ يَصْدَأُ وَالتَّعَشُّقُ لامِعُ

مَنْ ذَا مَعَ الغَلَيَانِ يَغْلُبُ غَمْرُهُ
حُبٌّ كَطُوْفَانٍ وَحِقْدٌ نَاقِعُ؟!

* * * * *

يَا أَيُّها الحِقْدُ الذِيْ يَحْيَا عَلَىْ
فُرَصِ التَّقَهْقُرِ .. إِنَّ بَوْنَكَ شَاسِعُ

فَالحُبُّ مَرْصُوصُ التَّفَاصِيْلِ التي
هُوَ مِنْ مَآذِنِها وَهُنَّ جَوَامِعُ

الحُبُّ والثَغَرَاتِ مَنْخَلُ عَثْرَةٍ
يَصْفُو وَرَائِبُهُ النَّضِيْدُ الرَّائِعُ

إِنْ كَانَ فِيْ طَوْرِ الرِّضَاعَةِ نَامِياً
وَمِنْ الطُّفُولَةِ شَبَّ مِنْهُ اليَافِعُ

فَمَعُ الكُهُولَةِ مُسْتَرَدُّ أَمَانَةٍ
وَالضُّعْفُ عَنْ تَسْلِيْمِ حُبٍّ مَانِعُ

هَذَا المُنَازِعُ وَهْوَ كَهْلٌ قَوْلُهُ
ألاَّ فَتَىً إلاَّ عَلِيٌّ وَازِعُ

يَدْرِيْ بِتَجْدِيْدِ الوَلاءِ تَجَيُّلاً
وَلِحِكْمَةِ التَّجْدِيْدِ سَبْرٌ خَاشِعُ

هَذَا المُنَازِعُ وَهْوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ
رَضَعَ الوِلايَةَ وَهْيَ سِرٌّ جَامِعُ

فَلَهُ الكُهُولَةُ مِنْ رِضَاعِ تَأَخُّرٍ
بِوِلايَةٍ هِيَ فِيْ الحَيَاةِ مَنَابِعُ

يَا غَوْرَ هَذَا العِشْقِ أَطْوَارُ الهَوَىْ
كَتَتَابُعِ الحَلَقَاتِ وَهْيَ شَرَائِعُ

وَكَعُشْقِ دَائِرَةٍ بَدَايَتُهَا غَدَتْ
كَالمُنْتَهَىْ وَصْلاً وَحِقْدٌ خَاضِعُ

هُوَ خَارِجُ الدَّوَرَانِ لَيْسَ بِدَايَةً
وَمِنَ النِّهَايَات المُذِلَّةٍ جَارِعُ

أَرَأَيْتَ كَيْفُ الظُّلْمُ “كَيْفٌ” عِنْدَنا
وَلِكُلِّ أَوْهَامِ الظَّلُومِ نَشَايِعُ؟!

حَتَّى نُؤَمِّنَ لا فَتىً إِلاَّ فَتىً
نَبَأً عَظِيْماً مِنْهُ يَنْهَضُ شَارِعُ

وَالحِقْدُ يُسْفِرُ مِنْ وَمِيْضِ فَقَارِهِ
مُلْقىً وَبَارِقَةُ الفَقَارِ مَصَارعُ

شارك برأيك: