ومن السمات الفنية لقصيدة الموكب بجانب اللغة:
البنية السردية:
ذكرت في المقال ( ٣ ) أن من العوامل المؤثرة في قصيدة الموكب النص الديني والتاريخي، لذلك فإن البنية السردية في قصيدة الموكب تستمد مادتها من تلك النصوص. وتبرز البنية السردية في القصيدة البكائية التي تستحضر حوادث أهل البيت ع المفجعة والمؤلمة كما تبرز ظلامتهم وتكشف حقيقة ما فعل أعداؤهم بهم. بينما القصيدة السياسية تقل فيها البنية السردية.
وأهم ما تتميز به البنية السردية في قصيدة الموكب:
– أنها تختلف عن البنية السردية الموجودة في النصوص الدينية والتاريخية وإن كانت هذه هي المصدر لها، فالبنية السردية في قصيدة الموكب ليست سردا خالصا بل سردا يغتني بالوصف، ويغتني بالمشاعر وظيفته استحضار الحزن والبكاء انسجاما مع اللحن ولطم المعزين.
– اختفاء الراوي من البنية السردية في قصيدة الموكب، ويكون الرادود هو من يحكي ويسرد الأحداث، وليس حاكيا فقط بل مؤثرا.
– ليس بالضرورة أن يكون السرد في قصيدة الموكب متعدد المشاهد والأحداث، فقد يتناول مشهدا واحدا فقط كمشهد الإمام الحسين ع مع أصحابه ليلة العاشر، وقد يكون متعددا السرد بأن تكون القصيدة كلها سرد كأن تحكي مصرع العباس ع أو تحكي قصة السبي للنساء والأطفال.
– مكونات البنية السردية في قصيدة الموكب بل في أدب الطف عامة لا يخترعها الشاعر، فهذه المكونات((الشخصيات والمكان والزمان وسيرورة الأحداث)) ليست من خيال الشاعر فهي واقع وحقيقة، وما على الشعراء إلا إعادة تكوين بنية السرد كل عام كُـــلٌّ بحسب إبداعه ورؤيته، وهذا ما يجعل سيرورة الأحداث طرية ندية، وكأنها حدثت في الماضي القريب. وهذا إبداع أيما إبداع.
– أحيانا تتخذ البنية السردية في سيرورة الأحداث التاريخية إسقاطا لبعض الأحداث المعاصرة، كما في قصيدة الشاعر غازي الحداد وألقاها الرادود فاضل البلادي ((أمة الأحرار تدعو شاكية لنبيها بقلوب باكية)) وكذلك الرادود علي الحمادي في مقطع ((الثائرون خيموا)). كذلك تتخذ شخصيات تاريخية وإسقاط شخصيات معاصرة على أفعالها، كإسقاط شخصية الحجاج على شخصية صدام المجرم.
فالبنية السردية في قصيدة الموكب لا تقتصر على السرد المجرد، بل هو سرد مليئ بالمشاعر يقوم على الوصف خاصة من خلال الصورة الشعرية، كما أنه يتخذ الرمزية أحيانا وسيلة للتعبير عما لا يمكن التصريح به مباشرة.