كذلك مع النزعة العرفانية تبرز النزعة السياسية في أدب الموكب، خاصة الموكب البحراني.
وذكرت سابقا في المقال (( ٣ )) أن من العوامل المؤثرة في القصيدة الموكبية الأحداث السياسية، رغم الجدل بخصوصها، هل الموكب خاص للرثاء فقط كما هو في أدب الموكب العراقي أم هو شامل؟
في رأيي أن الموكب لا يمكن حصره في الرثاء فقط، فذلك لا يتفق ومنهج أهل البيت ع، خاصة أن حركة الإمام الحسين ع هدفها الإصلاح. والإصلاح شامل كل شيء. كذلك لو نظرنا إلى تائية دعبل الخُزاعي التي أنشدها بحضور الإمام الرضا ع قال في أحد أبياتها: قبور بكوفان وأخرى بطيبة وأخرى بفخ نالها صلواتِ. حيث تعرض دعبل لموقعة فخ وهي الثورة التي قام بها العلويون بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلث. وقد قمعها العباسيون أشد قمع وتنكيل. فهذه أحداث سياسية، وسكوت الإمام الرضا ع وقبوله القصيدة، إشارة إلى أن التعريض بما يجري من ظلامة لامانع منه.
ومنه فإن القصيدة السياسية في الموكب لا مانع منها، إلا أنها تحتاج إلى رؤية ثاقبة، وذكاء في الطرح. بحيث لا تعرض الموكب أو أناسا إلى الخطر. كأن يكون أسلوب التلميح أو الإسقاط أو الرمزية أفضل من الأسلوب المباشر الصريح. وكما قال أهل البلاغة ((التلميح أبلغ من التصريح)).
والقصيدة السياسية في الموكب البحراني، فيها ما هو تلميح ورمزية كما هو في قصائد الرادود عبدالشهيد الثور، وقصائد الشاعر الكبير غازي الحداد التي ألقاها الرادود فاضل البلادي، وفيها ما هو صريح مباشر كما في قصائد حسين سهوان في الثمانينات والتسعينات كقصيدة ((قال للمستضعفين لا تخافوا الظالمين)).
كذلك هناك بعض القصائد السياسية، تعرضت للهجوم على بعض الخصوم السياسيين خاصة في فترة التسعينات، وأعتبرها سقطة ما كان يجب أن تطرح، فالموكب أسمى وأجل من ذلك، كما أنه لا يمكن طرح ذلك لأنه يؤدي إلى الفتنة والفرقة، والموكب ليس مكانا لهذه الأمور، بل يجب أن يكون طريق للوحدة والتكاتف.
وعلى أي حال فإن القصيدة السياسية في الموكب البحراني، برزت بقوة، حيث شكلت لها خصائص ومميزات، وهدفا هو إبراز الموقف مما يجري في الساحة المحلية أو الخارجية.