من عناصر التربية الروحية
في شهر رمضان
مقدمة
لكل عبادة في الإسلام قيمة روحية وأخلاقية يصطبغ بها سلوك الإنسان ويتأدب بها فكره وتتعدل بها عقيدته ، فالصلاة تعزز قيمة التوحيد والإرتباط بالله ، والزكاة والصدقة تعززان قيمة التكافل والتعاون ، والحج يعزز قيمة التوحيد والتسليم المطلق لله .
أما هنا سنتعرف على جملة من العناصر و القيم الروحية والأخلاقية التي تنطوي عليها عبادة الصوم في شهر رمضان المبارك وهي كالآتي :
1️⃣ : التربية على التقوى .
قال الله في كتابه المجيد :
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )
فشهر رمضان وصومه دورة تدريبية تُوجِدْ في نفس الإنسان قوةً وملكةً تمنحه مناعةً روحيةً واخلاقيةً فتؤصل في سلوكه الالتزامَ بالحكم الشرعي ، وعدم التعدي على حدود الله ومحارمه .
ونتيجة ذلك أن تتحقق التقوى العملية في نفس و قلب العبد المؤمن .
2️⃣ التربية على التوبة
والاستغفار
فقد ورد عن الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله في خطبته لاستقبال شهر رمضان أنه قال :
( أيها الناس إنَّ أنفسكم مرهونةٌ بأعمالكم ففكوها باستغفاركم )
، وأيضًا روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال : ( انت الذي فتحت بابا الى عفوك سميته التوبة ، فقلت توبوا الى الله توبة نصوحا ، فما عذرُ مَنْ أغفل دخول الباب بعد فتحه . )
وقد خص الله ليلةً من ليالي شهر رمضان المبارك إذا اغتنمها العبد المؤمن وأحسن العملَ فيها فالنتيجة ستكون أنه سيخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وهذه الليلة هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .
3️⃣ التربية على احترام الآخرين وتوقيرهم وصلة الأرحام
فقد ورد التوجيه والإرشاد بهذا الخصوص في خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان حيث قال صلى الله عليه وآله :
(وقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم )
فلا شك ان هذه الممارسات الأخلاقية العملية من توقير الكبير
و رحمة الصغير وصلة الأرحام ستنعكس على المجتمع المؤمن .
خاصةً أن الله قد خص هذا الشهر بصلة الارحام كما فهمنا من قول النبي و كما نفهم أيضًا من المقطع التالي من خطبة للرسول ( ص ) حيث قال :
( ومن وصل فيه رَحِمَهُ وصله الله برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه )
والنتيجة تزداد وتتقوَّى أواصرُ الألفةِ والمحبةِ والترابطِ والتكافلِ وتتحقق قيمةٌ أخلاقيةٌ في المجتمع المؤمن وهي قيمةُ الأحترامِ والعطفِ والتراحم .
4️⃣ التربية على تحقيق الانتصار والصبر
إن عبادة الصوم تربي المؤمنين والمؤمنات على التحكم بغرائز النفس وشهواتها ، فعليها أي النفس الإقلاع عن العادات السيئة .
ومن جهة أخرى فإنَّ الصيام يجعل الإنسان المؤمن قادرا على إمساكِ شهوة البطن والفرج وغيرها حتى لاتكون النفس أسيرةً للشهوات والمحرمات .
والنتيجة أن يكون الإنسان المؤمن أكثر قدرة على تحقيق التحمل والصبر والتغلب على الشهوات والسيطرة عليها .
5️⃣ التربية على استشعار القرب الإلهي
استشعار القرب الإلهي يتحقق من خلال الإلتزام بفنون الدعاء التي خصها الله لعباده في شهر رمضان ، فكل أوقات ليالي شهر رمضان مملؤة بالدعاء وخاصة في أوقات السحر و في جوف الليل لا سيما ليلة القدر .
النتيجة : من خلال التزام المؤمن بالدعاء الكثير في شهر رمضان ، فإنه يستشعر بقوةٍ أنه قريبٌ من ربه كما ورد في قوله تعالى :
( واذا سألك عبادي عني فإن قريب أُجيب دعوة الداع اذا دعانِ ) .
الخاتمة
هذه بعض عناصر التربية الروحية التي يحققها هذا الشهر الكريم في نفوس المؤمنين الصائمين ، و لاشك أنَّ هناك عناصر أخرى من عناصر التربية الروحية في هذا الشهر الفضيل لا يسع المجال هنا للتطرق إليها