شاهد | أين المسير؟ للشاعر سلمان عبد الحسين

كُلُّ الدُّرُوْبِ إِلَىْ الحُسَيْنِ تَقُودُ
كُلُّ المَسَاعِيْ فِيْ الهَوَىْ تَعْبِيْدُ

اِنوِ الحُسَيْنَ وَخَيِّرْ الدَّرْبَ الذي
بِكَ سَوْفَ يَمْشِيْ فَالطَّرِيْقُ رَشِيْدُ

هُوَ مَنْ يَدُلُّكَ هَادِياً ومُؤَمَّراً
وَعَلَىْ فُؤَادِكَ حَاكِمٌ وَشَهِيْدُ

فَإذَا نَوَيْتَ فَلا تَخَفْ سُبُلَ الهَوَىْ
لا شَيْءَ فِيْ دَرْبِ الهَوَىْ مَسْدُودُ

هَذَا المَسَارُ العَبْقَرِيُّ مَسَارِبٌ
لِمَصَّبِهَا وَالدَّفْقُ لا مَحُدودُ

الكُلُّ شَقَّ إِلَىْ الحُسَيْنِ طَرِيْقَهُ
سَقَطَتْ حُدُودٌ فَهْيَ مِنْهُ بَرِيْدُ

الكَلُّ يَحْتَالُ الوُصُولَ لِقَبْرِهِ
يَتَلَصَّصُ الطُّرُقَاتِ فَهْوَ عَنِيْدُ

“مِنْ كُلِّ فَجٍّ” لَهْيَ خِيْرَةُ كَرْبَلا
فَبِمَكَّةَ التَّضْيِيْقُ وَالتَقْيِيْدُ

بَدَلاً غَدا حَجُّ الحُسَيْنِ وَسُلْوَةً
وَرِضاً بِهَا إِنْ يَقْبَلْ المَعْبُودُ

لَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَىْ بِهَا
هَذَا التَّنَاسُخُ فِيْ الطُّفُوفِ مَزِيْدُ

قُلْ لِلْمَلايِيْنِ التِيْ لَكَ أَقْبَلَتْ
فِيْ الأَرْبَعِيْنَ: هَلْ الهَوَىْ مَعْقُودُ؟!

أَنْتُمْ يَدٌ قَدْ أُطْلِقَتْ مِنْ قَيْدِهَا
فَعَلَىْ هَوَاكُمْ لا تَجُوزُ قُيُودُ

لَكُمْ المَسَيْرُ وَأَيُّ فَجٍّ جَانِحٍ
لِلشَّقِّ .. هَذَا فِيْ الغَرَامِ قُدُودُ

وَأَنَا لِيَ الأَحْرَازُ فِيْ حِفْظٍ لَكُمْ
وَلِكُلِّ مَسْعَاكُمْ أَنَا التَّسْدِيْدُ

بِيَدِيْ سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ وَجِنُّهُ
فَبِطَرْفِ عَيْنٍ يُسْتَمَالُ بَعِيْدُ

وَبِطَرْفِ عَيْنٍ يُقْشَعُ الدَّرْبُ الذِيْ
أَلْوَىْ بِكُمْ .. مَا خَطْوُكُمْ مَكْدُودُ

هُوَ مُتْعَةٌ فِيْ السَّيْرِ يَأْكُلُ بَعْضُهُ
مِنْ شَوْقِهِ المَبْرُومِ .. لَيْسَ يَحِيْدُ

فَإِليَّ فِيْ مُلْكِ الطُّفُوفِ وَجَنَّةٍ
فَلَهَا سَلَيْمَانُ النَّبِيُّ وَقُودُ

وَمَسَخَّرٌ بِاللَّحْظِ يَطْرِفُ عِنْدَكُمْ
كِيْ يَسْقُطَ الإِرْهَابِ وَالتَّهْدِيْدُ

بِيَدَيَّ عِيْسَىْ أَكْمَهاً يُبْرِيْ .. لَهُ
الإِبْصَارُ إِذْ هُوَ عَاشِقٌ وَمُرِيْدُ

فَعَلَىْ طَوِيْلِ الدَّرْبِ كَشْفُ غِطَائِهِ
بَصَرُ المُحِبِّ مِنْ الجَلاءِ حَدِيْدُ

وَلَقَدْ جَلا مِنِّيْ الضَّرِيْحَ بِخَبْطَةٍ
فِيْ التَّربِ إِنَّ غُبَارَهَا تَحْدِيْدُ

فَإِذَا رَآنِيْ قَبْلَ حِيْنِ وُصُولِهِ
فَلَقَدْ رَآنِيْ وَالوُصُولُ أَكْيَدُ

وَإِذَا رَآنِيْ مِنْ تَلاصُقِ جِسْمِهِ
بِفَنَا الضَّرِيْحِ .. فِفِيْهِ قَرَّ وُجُودُ

وَمَشِيْئَةُ الرَّبِ التِيْ نِيْطَتْ عَلَىْ
قَبْرِيْ إِلَيْهِ بِكُلِّهَا تَعْمِيْدُ

هُوَ آمِرٌ نَاهٍ مُرِيْدٌ مُشْتَهٍ
مَا شَاءَ يَفْعَلُ .. فِيْ الأَنَامِ يَسُودُ

بِيَدِيَّ عِيْسَىْ وَهْوَ يُحْيِيْ مَيِّتاً
مِنْ سَارَ فِيْ دَرْبِيْ وَلَيْسَ يَعُودُ

مَنْ طَلَّقَ الأَحْبَابَ وَالأَوْلادَ كِيْ
يَلْقَىْ الحَبِيْبَ وَهَجْرُهُمْ تَفْقِيْدُ

إِنْ مَاتَ فِيْ ذَاتِ الطَّرِيْقِ مُرَابِطاً
مُسْتَشْهِداً فَلَهُ الحَيَاةُ زُنُودُ

حَمَلَتْهُ مِنْ صُلْبَانِ عِيْسَىْ قَصْدُهَا
رَفْعاً إِلَيْهِ وَفِيْ المَقَامِ خُلُودُ

لَيَعُودَ قَيْدَ الزَّحْفِ نَحْوِيَ حَاضِراً
عَاماً بِعَامٍ .. عَهْدُهُ المَعْهُودُ

لَوْ شِئْتُ كُلُّ الأَنْبِيَاءِ مَعَاجِزاً
حُشِرُوا لَكُمْ إِذْ حَشْرُهُمْ تَأْيِيْدُ

لَرَأَيْتُمْ المَاضِيْ يُعَانِقُ حَاضَراً
بِقَرَىْ المَضَائِفِ وَالجَمِيْعُ وُفُودُ

نُوْحٌ بِصُنْعٍ سَفِيْنَةٍ وَسَعَتْ لَكُمْ
فِيْ الزَّحْفِ .. لُجِّيُّ الحُشُودِ يَمِيْدُ

صُنَعِتْ لَكُمْ كِيْ تَرْكَبُوهَا وَابْنُه
فِيْ قُرْبِهِ هُوَ هَارِبٌ مَطْرُودُ

بِاسْمِيْ سَفِيْنَةُ نُوْحَ تَمْخُرُ زَحْفَكُمْ
وَعُبُابُهَا أَزْكَىْ الغُبَارِ رَصِيْدُ

وَكَذَاكَ إِبْرَاهِيْمُ تَبْرُدُ نَارُهُ
إِذْ فِيْ قِرَىْ نَارِ القُدُورِ قَدِيْدُ

فَالنَّارُ لَهْفَةُ قَلْبِهِ لَمَسِيْرِكُمْ
لا نَارُ أَشْعَلَهَا لَهُ نُمْرُودُ

تُطْفَىْ إِذَا نَارُ القِرَىْ قَدْ أُشْعِلَتْ
هِيَ فِيْ الوِفَادَةِ طَبْعُهَا التَّبْرِيْدُ

وَعَلَىْ طَرِيْقِ الطُّوْرِ جَانِبَ كَرْبَلا
مَوسَىْ غَشِيُّ الحَشْدِ وَهْوَ يَذُودُ

إِذْ فِيْهِ نُورُ الله جَلَّ جَلالُهُ
وَبِهِ الصَّوَاعِقُ إِذْ يَعُمُّ جُحُودُ

وَعَصَاهُ تَفْرِقُ هَا هَنُا مَنْ أغرقوا
وَهُنَا الذِيْنَ نَجْوا إِلَيْكَ حُشُودُ

لابُدَّ مِنْ زَحْفٍ بِنِصْفٍ يَابِسٍ
بِالمَشْيِ مُخْضَرٍّ عَلَيْهِ العُوْدُ

وَكذَاكَ مِنْ غَرَقٍ لِمُنْكِرِ حَشْدِهِ
دَمْعُ الحُسَيْنِ لَمُغْرِقٌ وَمُبِيْدُ

أَيْنَ المَسَيْرُ؟! إِلَيْكَ وَحْدَكَ سَيِّدِيْ
سِرْنَا .. تَعَتَّقُ مَشْيُنَا المَوْلُوْدُ

مِنْ كَرْبَلاءِ الأَمْسِ بِدْءُ مَسِيْرَةٍ
تَتْرَىْ .. وَأَخْلَقَ فِيْ المَسَارِ جَدِيْدُ

بَلْ قَبْلَ آدَمَ والخَلِيْقَةِ شَحْذُنَا
لَكَ هِمَّةً وَبِهَا المَسِيْرُ نَشِيْدُ

وَالأنْبِيَاءُ فَمُوصِلٌ مِنْ مُوْصِلٍ
لَكَ فَالوُصُولُ لِقَبْرِكُمْ تَجَدِيْدُ

مِنْ عَالِمِ التَّكْوِيْنِ نَحْدُو بِالفِدَى
أَنْ يَا حُسَيْنُ وَقَبْرُكَ المَقْصُوْدُ

وَالأَرْبَعِيْنُ مَسِيْرَةُ التَّارِيْخِ لا
يَوْمٌ تَعَيَّنَ نَحْنُ فِيْهُ شُهُودُ

هِيَ آخَرُ الفَرَصُ المَكِيْنَةِ لِلْوَرَىْ
كِيْ مِنْ مَهَاوِيْهِمْ يَتَمُّ صُعُودُ

فَلِذَاكَ كُلٌّ مِنْ مَسَارِبِ عِشْقِهِ
قَالَ اللُّحُوقُ بِهَا هُوَ المَعْدُوْدُ

“مِنْ كُلِّ فَجٍّ” قَاوَمُوا أَشْوَاطَهُمْ
بِلْ مِنْ زَوَارِيْبِ الهَوَىْ التَّحْشِيْدُ

مَتَأَلِّبُونَ مُنَافِحُونَ .. قُلُوبُهُمْ
حَرَّىْ .. وَخُسْرَانُ اللِّقَاءِ وَعِيْدُ

الكُلُّ نَحْوَ الزَّحْفِ يَشْغَرُ نَفْسَهُ
بِمَكَانِ مَنْ سَارُوا .. لَهُمْ مَشْدُودُ

يَا لَهْفَةً بِاسْمِ الحُسَيْنٍ عَمِيْمَةً
وَبَهَا غَدَا هَذَا الوُجُوْدُ حَصِيْدُ

صَعْقُ الهَوَىْ كِلَفٌ وَأَيَّامُ الهَوَىْ
قُصْرٌ وَمَنْدَمَتِيْ فَلَيْسَ تُفِيْدُ

إِمَّا أَكُوْنَ مَعَ الحُسِيْنِ بِكَرْبَلا
أَوْ أَنَّنِيْ بِمَتِيْهِهِ مَفْقُوْدُ

شارك برأيك: