في وسط ساحة المدرسة يقف طالبان يافعان (جعفر وسعيد) يتبادلان اطراف الحديث عن حياة أفضل البشر نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
جعفر: لقد انتشر الدين الإسلامي في كل انحاء العالم. أليس كذلك يا سعيد؟
سعيد: نعم يا جعفر، فلم يعد مكان في اي بقعة نعرفها أو لا نعرفها إلا دخلها الإسلام.
جعفر: أجل أجل، لقد ضحى نبينا الكريم بكل ما يملك من أجل رفع راية الإسلام. وكانت لتلك التضحيات الدور البارز في ما وصل له الإسلام اليوم.
سعيد: أريد ان اسألك بعض الأسئلة يا جعغر؟
جعفر: تفضل، وعسى الله أن يوفقني للإجابة عليها.
سعيد: كيف استطاع نبي الرحمة أن يقاوم الكفار في مكة ولم يكن لديه ذلك الجيش الذي يحميه، مثلما كان لديه في المدينة المنورة؟
جعفر: بالطبع كان هناك من يحميه، وانت تعلم من أعني بقولي إنه ” أبو طالب ” فلولاه لتمكنت قريش من رسول الله، ولكن حماية أبو طالب حالت دون ذلك.
سعيد: وهل كانت منعة أبو طالب هي السبب الوحيد؟
جعفر: لا، فعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبه أبو طالب في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن مال خديجة كان من الدعائم التي ثبتت الدين الإسلامي، وهذا ما أشار له رسولنا الكريم أكثر من مرة.
سعيد: آه لو كنت في ذلك الزمان فأحارب معه، وانصره على أعدائه.
يرفع جعفر يديه إلى السماء، موجها كلامه إلى الله بقوله:
جعفر: رحم الله السابقين للإسلام، فلولاهم لما وصل لنا شيء الآن ولكنّا على الوثنية أو غيرها.
سعيد: نعم، كلامك صحيح ولاغبار عليه.
وبينما سعيد وجعفر يتكلمان، وإذا بهما قد وجدا نفسيهما في مكان غير مكانهما وفي زمان غير زمانهما. فأخذا يمشيان في قرية قديمة تدل على قدمها البيوت والشوراع التي مشيا فيها، وبينما هما يمشيان وجدا رجلاً يعذب آخراً، وقد بدت عليه آثار التعذيب.
سعيد وقد بدا عليه الإضطراب والخوف، فأخذ يتكلم بصوت متقطع وكذلك الحال مع جعفر.
سعيد: مممممممماهذا المكان؟ وأين نحن؟
جعفر: لا أدري! ربما انتقلنا عبر الزمن، ألا ترى ذلك الرجل ولباسه.
يصيح سعيد بأعلى صوته:
سعيد: معنى ذلك أننا في مصيبة كبرى!!!! كيف حدث ذلك؟
علامات القلق بداية على وجه جعفر مع القليل من الخوف:
جعفر: هدأ من روعك. ودعنا نفهم منه ماجرى لعلنا نستطيع العودة؟
يضرب سعيد رأسه بيديه ويتحرك في مكانه ويقول:
سعيد: ياللمصيبة!!!! أولسنا قادرين على العودة؟ مالعمل يا جعفر؟ أريد العودة للمنزل. أريد العودة الآن. ماذا حصل؟ أخبرني أرجوك؟
جعفر: وأنا أيضا مثلك. لا أدري مالعمل؟ ولكن اهدأ حتى نعرف ماذا نفعل؟؟؟ سأسأل هذا الرجل، لعله يخبرنا ما جرى؟
يقترب جعفر وسعيد من ذلك الرجل ويبدأ جعفر بسؤاله والخوف بادٍ على وجهه:
جعفر: السلام عليكم!!!!!
ينظر الرجل الغريب بنظرة تكاد تحرق من حولها ويقول بغضب:
الرجل الغريب: ماذا تقول؟؟؟؟ هل أنتما من أتباع محمد؟؟؟؟؟؟؟
جعفر: من هو محمد الذي تعنيه؟؟؟؟
الرجل الغريب: إنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. خرج بدينٍ غير دين آبائنا، ونحن نعذب من اتبعه، حتى يردوا عما هم فيه.
أخذ ينظر لهما بطريقة تملأها الريبة ويقول:
الرجل الغريب: لم تجيبا على سؤالي!!!!!!! هل أنتما من أتباع محمد؟؟؟؟؟
يتكلمان بصوت متقطع ومرتعش:
سعيد: أأأأأأأأأأأأا
يقاطعه جعفر بصوت متقطع أيضاً
جعفر: نععععم، نحن من أتباعه، ولكن لسنا من هذا الزمن، وإنما من المستقبل، ألا ترى ملابسنا مختلفة عنكم، وطريقة حديثنا أيضاً مختلفة.
سعيد: كككككل مااااااا قااااااله صصصصصدييييقي صصصصحححيح.
علامات الريبة بداية على وجه الرجل الغريب:
الرجل الغريب: لنفرض أن كلامكما صحيح!!!! مالذي يثبت صحته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ها ها ها هاه هاه
جعفر: ما تاريخ اليوم؟
الرجل الغريب: السابع والعشرين من رجب!!!!!
جعفر: وفي أي عام؟
الرجل الغريب: إنها سنة ثلاثة وأربعون من بعد عام الفيل.
جعفر: هل تعلم بأن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد أسري به إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السماء في الليلة الفائتة!!!!
يضحك الرجل الغريب بأعلى صوته وقد كاد أن يقع على الأرض:
الرجل الغريب: هههههههههههههههههههههههههههههههه.
الرجل الغريب: كيف لرجل أن يذهب لفلسطين ثم إلى السماء في ليلة واحدة، لقد جئتم بحديث لم يخطر ببال أحد من قبل، وكيف علمتما بذلك قبل أي احدٍ في مكة لابد أنكما مجنونان، أو مسكما الجن بشيء. هاهاهاهاهاهاه
يأتي عبدٌ للرجل الغريب..
العبد: سيدي، سيدي.
الرجل الغريب: ما وراءك؟؟ تحدث بسرعة؟
العبد: سيدي، إنّ محمداً يحدث الناس ويخبرهم بأنه قد أسري به ليلا إلى المسجد الأقصى، ومن ثم عرج به إلى السماء.
تغيرت ملامح الرجل الغريب، واطرق برأسه بره من الزمن لا يتحدث، ثم أشار لعبده بالذهاب، وخاطب الصديقان:
الرجل الغريب: ماذا تريدان؟ ولم جئتما إلى هنا؟؟؟؟؟ هل جئتما لنصرة صاحبكما؟
سعيد: لا نعلم، كنّا في المستقبل، نتبادل اطراف الحديث، وفجأة رأينا نفسينا هنا، أما كيف حدث ذلك!!!!! فلا علم لنا به.
جعفر: أجل، نريد العودة لزمننا ولكن لا نعرف كيف ذلك؟؟؟؟
ينظر الرجل الغريب إلى الصديقين ويتأملهما
الرجل الغريب: أتعرفان من أنا؟؟؟؟
جعفر: لا.
الرجل الغريب: أنا عمرو بن هشام المخزومي سيد بني مخزوم ومن أشراف قريش.
سعيد: آه، إنه أبوجهل
أبو جهل: ماذا قلت؟ أبا جهل أبا جهل!!!!! اتنعتني بما يطلقه عليّ محمد.
جعفر: لقد سمعتها خطأ، فصديقي قال لك (أبو عقل)
سعيد: نعم، لقد قلت لك أبو عقل، ربما من حرّ الشمس قد سمعتها أبو جهل
يتمتم سعيد بصوت خافت: رغم أن ابو جهل يليق بك كثيراً.
أبو جهل: معنى ذلك أنكما تعلمان بنتيجة المعركة بيننا وبين محمد؟
سعيد: بالطبع.
بلغة خبيثة يتحدث أبو جهل
أبو جهل: من الذي سينتصر ياترى؟
جعفر: لن نخبرك، بالتفاصيل على الرغم من معرفتنا بها. ولكني سأخبرك بالنتيجة النهائية،وهي انتصار الإسلام على الكفر.
سعيد: وقد عمّ الإسلام أرجاء المعمورة، ولم تعد بلدة في العالم لم يدخلها الإسلام.
جعفر: وكل يوم يرفع الأذان في كل أصقاع العالم هاتفةً بوحدانية الله تعالى، وبذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
سعيد: فالرسول الأكرم هو منقذ البشرية من الظلام إلى النور.
جعفر: والقرآن الذي تسخرون منه الآن هو دستور جميع المسلمين، ونقدسه ونحترمه.
أبو جهل: كفى، كفى، كفى. لقد اغظتموني حقاً. واللات والعزة لن أسمح للأمر أبداً أبداً.
سعيد يقلد أبا جهل
سعيد: والقت والعنزة، لن تستطيعوا أبداً أبداً.
أبو جهل متضايق جداً
أبو جهل: إن صدق قولكما، فتعبنا سيذهب سدى. أخبراني عن الغناء هل هو حرام في دينكم؟
سعيد: نعم، إنه حرام، ولكن للأسف الشديد أن الغناء أصبح في كل مكان عندنا، وإذا كان الغناء موجود عندكم في الحانات فقط، إلا أنه أصبح في كل بيت من خلال التلفاز، فأصبحت المنازل حانات للغناء وتسمع في كل الأوقات. ياللأسف.
أبو جهل: وماذا عن الرقص؟
جعفر: مثله مثل الغناء، إلا أنه أكثر قذارة من الذي تعرفونه هنا.
أبو جهل: وماذا عن الكبير وعلاقته بالصغير؟
سعيد: آه، لقد ضربت على الجرح، فالكبير يستعبد الصغير، ويأكله، ولو استطاع أن يعمله (شاورما) لفعلها.
جعفر: الكبير عندنا يسرق لا يحاسب، والصغير إن فعلها قامت الدنيا ولم تقعد.
سعيد: الكبير عندنا مقرب من السلطة، والصغير مداس تحت قديمها.
جعفر: ولا تنسى الكذب، والرشاوي والسرقة والغيبة والنميمة وغيرها الكثير.
سعيد: أبو جهل. أقصد أبو عقل. هل سمعت عن الأحكام الوضعية. إنها التي تشيب الرأس وتجعله يلف سبع لفات.
أرتفع صوت سعيد: أنزل الله أحكام واضحة، ونقوم بتطبيق أحكام أخرى، بإسم الحضارة والتقدم، شارب الخمر مثلك يا أبو جهل في حكم الإسلام يجلد، والله لو أن الفرد جلد بعد شربه للخمر لراجع نفسه ألف مرة قبل أن يكررها مرة أخرى، أما في الحكم الوضعي فليس عليه شيء. والزاني عندما يفعلها يرجم او يجلد على حسب حالة الحكم، أما في احكامنا الوضعية فكفالة تفي بالغرض أو السجن ثلاثة اشهر، وعندما تسأل وأين الحكم الشرعي يقولون إن الله غفور رحيم. والقتل المتعمد له احكامه في ديننا، ولكن في الاحكام الوضعية فالحكم بالسجن إذا كانت قضية عادية، وإذا كانت سياسية فالحكم بالإعدام. أخبرني مالعمل معهم!!!!!
جعفر: والذي يدمي القلب حقاً، ترك المرأة المسلمة الحجاب، والتقليد الأعمى للمرأة الغربية، بإسم التقدمية والرقي، وربط الحجاب والعفة بالعادات التقاليد، وإبعادها عن محتواه الحقيقي.
سعيد: وبعض النساء سامحهن الله، يرتدين حجاب تحته طنجرة، أو عباءة مخصرة تظهر مفاتنها، وهذا أخطر من المرأة السفور.
جعفر: وكيف ذلك؟
سعيد: لأن المرأة السفور قد أظهرت عصيانها على الحجاب، أما المحجبة التي ترتدي مثل هذه العباءات تعمل على خطى المرأة السفور، وخوفي أن يأتي يوم نرى نساء يرتدين عباءات متعددة الألوان مثل الأحمر والأصفر والأخضر كأنهن إشاراة المرور.
أبو جهل: وقرآن محمد كيف هو عندكم؟
جعفر: لا يقرأ إلا في رمضان.
سعيد: في الحفظ والصون طبعاً. نضعه في أحسن وأفضل خزانة في منازلنا، حتى يتراكم عليه الغبار.
جعفر: نسيت أمراً، يقرأ أيضاً قي الفواتح. لا حول ولا قوة إلا بالله.
أطرق جعفر وسعيد برأسيهما، وابتسم ابو جهل ثم تعالت ضحكاته مدوية في كل الأرجاء، واخذ يصرخ بأعلى صوته.
أبو جهل: أصبحتم مسلمين بلا إسلام، مسلمين بلا إسلام، مسلمين بلا إسلام، لقد انتصرت على محمد، لقد انتصرت على محمد، لقد انتصرت على محمد!!