أَمْسَىْ غِيَابُكَ فِيْ مُسْتَوْدَعِ الأَجَلِ
وَدِيْعَةَ السَّائِحِ المَنْفِيِّ بِالأَمَلِ
مَهْدِيُّ خَلْفَ أَمَانٍ بِالظُّهُورِ لَنَا
أَنْتَ الشَّفِيْفُ الذِيْ يَعْصَىْ عَلَىْ المُقَلِ
وَأَنْتَ كَوْمَةُ آمَالٍ مُعَطَّلَةٍ
لِأَنَّنَا عُطْلَةُ الآمَالِ بِالعِلَلِ
فِيْكَ التَّعَلُّلُ مِنْ سِتْرِ الغِيَابِ غَدَا
سِدْلَ الغَشَاوَةِ غَطَّىْ عَوْرَةِ الفَشَلِ
وَأَنْتَ يَا غَائِباً كُلَّ الحُضُورِ لَنَا
مِنْ طَاقَةِ الغَيْبِ لا تَغْيِيْبِ مُرْتَحِلِ
إِنْ لَمْ نَكُنْ فِيْكَ أَجْرَاسُ الحُضُوْرِ .. لَنَا
قَرْعُ الغِيَابِ طُبُولاً وَقْرُ مُعْتَزِلِ
يَا عُزْلَةً فِيْ ضَجِيْجٍ بِالأَنَامِ وَبِالـ
أَحْدَاثِ .. هَلْ ظَنُّهَا أَنَّ الزُّحَامَ خَلِيْ؟!
كَلاَّ .. فَإِنَّ زُحَامَ العَابِرَيْنَ إِلَىْ
أَقْدَارِهِمْ سَوْفَ يَبْقَىْ نُطْفَةَ السُّبُلِ
مِنْهَا تَكَاثَرَ مَشَّاؤُوْنَ عَنْ عَنَتٍ
وَبِاخْتِيَارٍ .. سُرَاةً .. زَحْمَةُ الأُوَلِ
وَاكْتَظَّ بِالدَّرْبِ عَنْ حُلْمِ النِّهَايَةِ مَنْ
تَكَدَّسُوا الآنَ مِنْ سَعْيٍ وَمِنْ كَسَلِ
الكُلُّ عِنْدَ زُحَامِ الدَّرْبِ أَلْوِيَةٌ
مَفْرُوْزَةٌ فِيْ الهَوَىْ وَالقَصْدِ فَاشْتَمِلِ
فَشَمْلَةٌ فِيْ مَتِيْهٍ سَوْفَ تَجْمَعُهُمْ
عَنْ الشَّتَاتِ وَتُؤْوِيْهِمْ عَلَىْ نُزُلِ
الكُلُّ فِيْ جَدَلِ المَهْدِيِّ فَلْسَفَةٌ
تَمَوْضَعَتْ كَحِصَانٍ أَوْ طَوَىْ جَمَلِ
خَرْطُ القَتَادِ فَذَا فِيْ الدَّرْبِ فَلْسَفَتِيْ
أُخَاتِلُ القَيْدَ قَبْلَ الشَّوطِ بِالقُبُلِ
فَمَا تَلَكَّأَ مِنْ قَيْدِ المَسِيْرِ إِذَا
لَمْ يَمْشِ بِيَ صَارَ مَوْضُوعاً عَلَىْ حَجَلِيْ
فَالقَيْدُ قِفْلٌ وَفِيْ حُضْنِيْ أُهَدْهِدُهُ
كَيْ يَسْتَرِيْحَ وَيُرْخِيْ بَابَ مُعْتَقَلِيْ
سَأَكْسِرُ القَيْدَ حُباًّ فِيْ الزُّحَامِ عَلَىْ
سَهْلِ الطَّرِيْقِ وَأُنْهِيْ فِيْ الهَوَىْ جَدَلِيْ
وَأَبْدَأُ الوَعْدَ مِنْ سَرْجِ الخُيُولِ إِذْ
البَحْرَيْنُ مَاضٍ بِهَا كَالوَقْفِ بِالطَّلَلِ
بِالذِّكْرَيَاتِ التِيْ مِنْ نُدْبَةٍ نَسَخَتْ
شَوْقَ المَضَائِفِ لَمْ تَصْبِرْ عَلَىْ البَدَلِ
فَلِلْمَضَائِفِ وَالزِّيْنَاتُ جَامِحَةٌ
وَمْضُ البُرَاقِ وَسَرْجُ الخَيْلِ بِالأَسَلِ
وَلِلْمَضَائِفِ أَفْرَاحٌ مُذَخَّرَةٌ
بِشُعْلَةِ الغَدِ عَنْ أَمْسٍ مِنَ الثَّمَلِ
عَنَّا مَضَائِفُنَا حَيْثُ القُرَىْ بِقِرَىْ
تَارِيْخِهَا .. وَزَمَانَ الوَصْلِ لَمْ تَصَلِ
لِذَاكَ تُسْرِجُ مِنْ أَكْبَادِ فَرْحَتِهَا
لِزِيْنَةِ الوَقْدِ نِسْيَاناً لِمُشْتَعِلِ
لَعَلَّ يَذْكُرُ مِنْ نِسْيَانِهِ شُعُلاً
حِيْناً مِنَ الدَّهْرِ عَنْ مُسْتَقْبَلِ الوَجَلِ
لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُ الذِّكْرِ أَنَّ لَهَا
فِيْ ذِكْرِ مَهْدِيِّهَا ذِكْرٌ عَلَىْ مَهَلِ
وَأنَّ ذَائِقَةَ النِسْيَانِ قَدْ عَقُمَتْ
عَنْ لَعْقِ طَيْفِ مَنَامَاتٍ مِنَ العَسَلِ
مَضَائِفٌ تَمْلَأُ البَحْرَيْنَ كَادِحَةً
بِالإِنْتِصَابِ كَيَاناً غَيْرَ مُنْسَدِلِ
مَضَائِفٌ وَالقِرَىْ إِسْرَافُ حَاتِمَهَا
عَلَىْ المَضِيْفِ لِجَوْعٍ غَيْرَ مُنْتَشَلِ
هَوِيَّةُ البَذَخِ التَّجْوِيْفِ يَنْفَخُهُ
حِرْمَانُنَا حَيْنَ يَغْدُو نَفْخَةَ الأُكُلِ
يَرْمِيْ القَدِيْدَ عَلَىْ جُوْعِ البُطُونِ فَمَا
كَانَ القَدِيْدُ لَهُمْ إِسْرَافَ مُبْتَذِلِ
بَلْ كَانَ دَرْأً لِجُوْعٍ وَالبَطِيْنُ لَهُ
مِنْ صَخْرَةِ الجُوْعِ نَحْتُ الجِسْمِ بِالقُلَلِ
صَبْراً عَلَىْ أَخْمَصٍ جَاءَ المَضِيْفُ قِرَىْ
يَوْمٍ .. وَأَيَّامُنَا مَنْحُوتَةَ الوَشَلِ
شَوْقَ الزِّيَادَةِ ضَيَّفْنَا مَشَاعِرَنَا
قَبْلَ البُطُونِ .. وَقُلْنَا: ذَاكَ زَادُ وَلِيْ
حَتَّى الفُلُكْلُورُ قَدْ جِئْنَا بِهِ وَطَنًا
مُعَبَّأً بِحَكَايَانَا عَلَىْ عَجَلِ
كَيْ لا نَبُزَّكَ عِنْدَ الانْتِظَارِ هَوَىْ
بِقِيْمَةِ الوَطَنِ الآتِيْ كُمُنْتَعِلِ
وَنَحْنُ كُلُّ مَدَاسٍ شَاءَهُ وَطَنٌ
دَحْياً لِتُرْبٍ .. وَمِنَّا طِيْنَةُ الأَزَلِ
مِنَّا مُقَارَبَةُ المَهْدِيِّ مُشْرِعَةً
آمَادَهَا .. وَبِنَا الآمَادُ فِيْ رَجَلِ
وَفِيْ فَتىً مِنْ فَقَارٍ قَدُّ قَامَتِهِ
كَسَيْفِ وَقْتٍ عَلَىْ الأَزْمَانِ مُحْتَمَلِ
بِالاِحْتَمَالِ رَمَىْ حَبْلَ اليَقِيْنِ كَمَا
قَدْ كَان قَنَّاصَ أَجْيَالٍ مِنَ الخَتَلِ
بِالاِحْتِمَالِ يَرَصُّ الصَّفَّ مُنْتَظِماً
عَنْ أَلْفِ جِيْلٍ وَبَالأَحْلامِ لَمْ يَمِلِ
بِالاِحْتَمَالِ غَدا كُلَّ النَوَالِ وَإِنْ
كُنَّا نُتَرِّبُ مِنْهُ الكَفَّ لَمْ نَنَلِ
بِالاِحْتِمَالِ يَجُبُّ الظُّلْمَ حَيْثُ بِهِ
فَرْضُ احْتِمَالاتِهِ الكُبْرَىْ عُرَىْ دُوَلِ
يَا أُفْقَ مَهْدِيِّنَا المَكْنُوزِ وَهْوَ عَلَىْ
قَيْدِ احْتِمَالاتِهِ المَلْهَاةُ عَنْ عَذَلِ
مَا بَالَهُ وَتَبَاشِيْرُ اليَقِيْنِ بِهِ
تَكَادُ تُغْنِيْ حُفَاةَ الأَرْضِ عَنْ رُسُلِ
هَذَا اليَقِيْنُ حِرَاءُ الوَحْيِ يُثْقِلُهُ
سَمْعَ الزَمَانِ .. وَبَعْدُ الوَحْيِ فِيْ الزُّمُلِ
فَإِنْ تَكَشَّفَ كُلُّ الأَرْضِ وَطَّأَهَا
لَقَوْلِ أَقْدِمْ أَيَا مَهْدِيُّ نَمْتَثِلِ
* * *
لَبَّيْكَ يَا ابْنَ مَرَايَا لا نَجُاوِرُهَا
وَفِيْ انْعِكَاسٍ لَهَا الإِسْرَافُ فِيْ الخَجَلِ
لَبَّيْكَ يَا ابْنَ مَطَايَا لَيْسَ نَرْكَبُهَا
وَنَحْنُ نُسْرِجُ عَنْهَا خَيْلَ مُكْتَحِلِ
إِذْ لا نَرَاكَ .. نَرَىْ خَيْلا نُصَاحِبُهَا
وَأَنْتَ صُحْبَةُ نَذْرٍ بِالسُّرُوْجِ مَلِيْ
أَنْتَ النُّذُورُ التِيْ شَاخَتْ بِذِمَّتِنَا
نُوفِيْ عَلَىْ كَيْلِنَا مِنْ جَوْرِ مُعْتَدِلِ
وَأَنْتَ كَيْلُكَ عَدْلٌ لا يَجُورُ .. فَمَا
وَزْنُ النُذُورِ سِوَىْ الإِخْلالِ بِالنِّحَلِ
نَرْمِيْ بِهَا قَصْدَ تَثْقِيْلٍ لِكَفَّتِنَا
وَكُلُّ كَفَّتِنَا قَشٌّ بِوَهْمِ حُلِيْ
وَلا حُلِيٌّ لَنَا .. لَيْسَ الظُّهُورُ عَلَىْ
تَذْهِيْبِ فَجْوَتِنَا مِنْ لُؤْلُؤِ النَّفَلِ
أَيْنَ الأَسَاسُ لِتَرْصِيْفِ الظُّهُورِ بِهِ
مِيْزَانُ تَوْطِيْدِ هَذَا الأَمْرِ فِيْ جَبَلِ؟!
فَقَدْ يُرَىْ الطَّوْدُ مَدْكُوكاً لِأَنَّ بِهِ
مِنْ قَشَّ إِسْفَافِنَا حِمْلٌ عَلَىْ حَمَلِ
وَقَدْ يُرَىْ الطَّوْدُ يَأْوِيْ فَوْقَهُ قِمَماً
تَخِفُّ رُوحاً .. بِهَا ثِقْلٌ مِنْ الهَّزَلِ
حَتَّى إِذَا جَاءَ نُورُ الله خَرَّ لَهُ
طَوْدٌ .. وَكَانَ اسَتْوَاءُ العَرْشِ مِنْ كَفَلِ
كَيْ يَمْهَدَ الأَرْضَ وَالمَهْدِيُّ يَبْسُطُهَا
بِذِيْ الفَقَارِ وَعْن طَيِّ الفَقَارِ سَلش
عَلِيُّ يُجْلِيْ وَرَبُّ الكَوْنِ مُحْتَشِدٌ
وَأَحْمَدٌ دَعْوَةُ التَّأْمِيْنِ مِنْ خَطَلِ
فَالعَدْلُ مَا كَانَ بِالتَّأْمِيْنِ مُحْتَمَلاً
بَلْ كَانَ مُلكُ يَمِيْنَ الفَارِسِ البَطَلِ
وَالظُّلْمُ لَمْ يَكُ شَيْئاً .. كَانَ أَسْفَلَنَا
قَاعاً .. وَمَا الوَهْمُ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ عَلِيْ
وَالطَيْفُ مِنْ حُلُمِ المَهْدِيِّ يَحْكُمُنَا
قَبْلَ الظُّهُورِ .. بِهِ كَانَ الخَفَاءُ جَلِيْ
فَإِنْ تَجَلَّىْ أَلا فَالشَّمْسُ تَسْكُنُ فِيْ
أَقْصَىْ الظِّلالِ .. وَتُلْقِيْ النُّوْرَ لِلْكُلَلِ
مَا عَادَ سِتْرٌ إِلَىْ المَهْدِيِّ يَحْجِبُهُ
وَالسِّتْرُ لِلشَّمْسِ يَبْقَىْ أَجْمَلَ الحُلَلِ
فَنُورُ غَائِبِنَا المَسْتُورُ صَارَ لَهُ
طَبْعُ السُّفُورِ .. وَنُوْرِ الشَّمْسِ مِنْ دَخْلِ