خفُّ الحان للشاعر سلمان عبد الحسين

مَـا أَكْـذَبَ الـعِـشْـقَ إِنْ لَـمْ يَــأْتِ بِـالـحَـانِ
أو لَــمْ يُــظَــلِّــلْ أَحَــاسِـيْـسِـيْ بَــأَلْـــوَانِ

أَوْ لَـمْ يَـعْـشْ مِـنْ شُـرُودٍ قَــعْــرَ صَـبْــوتِــهِ
كَــأَنَّـــهُ سَــاكِــنٌ فِــيْ بِـــئْـــرِ نِــسْــيَــانِ

ذاكَ الــحُـضُــورُ الـذِيْ قَـدْ غَـابَ مَــثْـمَـلَــةً
فِـيْـهِ الـشُّـهُـودُ يُـسَـاوِيْ غَــيْــبَ عُـرْفَــانِ

يَمْشِيْ عَلَىْ الأَرْضِ سَكْرَىْ خَبْطِ خَطْوَتِـهِ
تَـقُـوْلُ: فَالـصَّـخْـرُ أَمْـسَـىْ عَـجْـنَ نَشْـوَانِ

قِـيْـعَـانُ عِـطْـرٍ وَذَا الـمَـاشِـيْ يَـضَـمِّـخُـهَـا
مَـا هَـام .. لا وُجْـهَـةٌ .. يَمْشِيْ كَسَكْـرَانِ

لَــكِــنْ لَــهُ جَــذْوَةٌ بِـــالــوَعْــيِ نَـــابِــهَــةٌ
والــحَــانُ خــفٌّ بِــهِ تَـحْـلِـيْــقُ إِنْـــسَــــانِ

مَــنْ لا يَــخِـــفُّ عَــلَـــىْ أَرْضٍ مُــصَــحَّــرَةً
مَــا كَـانَ يَــسْـكْــرُ مِــنْ تُـــرْبٍ كَــنِـــيْــرَانِ

وَلَـوْ تَــلَـوَّىْ وَرَصْــفُ الــجَــمْــرِ خَــطْــوَتُـــهُ
هَــذَا عَــلَــىْ الـوَعْـيِ يَـلْـوِيْ لَـيَّ ثُـعْـبَــانِ

الـسُّـكْـرُ كَــانَ ابْــتِــدَاءً كَــيْ يُــجَــنِّــبَــنَــا
سُــكْــراً بِـــلا وَعْــيِــهِ .. ذا صــكُّ غُــفْــرَانِ

يَــدُوسُ فِـيْ الـغَـيْـبِ أَمْـشَـاجـاً مُـخَـمَّــرَةً
أُحْــفُــوْرُهَــا نَــابِــتٌ شَــكــاًّ كَـــإِيْـــمَــــانِ

ضِــدَّ الأَسَــاطِــيْــرِ لَــكِــنْ قَــدْ يُــقَـارِبُــهَــا
فِـيْ بَـهْـجَـةِ الــوَعْــيِ إِنْ أَغْـوَىْ لِـجَــذْلانِ

الــوَعْـيُ فِــيْ خَــمْــرِهِ الــشَّــفَـافِ لَـقَّـنَـهُ
غَـيْــبُ الـحُـضُــورِ فَـأْجْـلَـىْ نَـجْـمَ عَــدْنَــانِ

حَــيْــثُ الـغِـيَـابُ قِـيَـاسٌ فِـيْ حَـمَـاسَـتِـنَـا
رِخْــتَـــارُه الــنَّــفْـسُ فِـيْ تَـلْـقِـيْـنِ بُـرْكَــانِ

والـعِـشْـقُ طَـقْــسٌ جَـمَـاعِـيٌّ بِـمَـسْـطَـرَةِ
الـتِّـهْــيَـاجِ فِــيْ فَــــوْرَةٍ تُــــوْدِيْ بَـــأَكْـــوَانِ

مَـا بَـالَ مَـسْـطَـرَةِ الـمَـهْـدِيِّ مَـا كَـشَـفَـتْ
أَمْــتَــارَهَـا كَــيْ تُـغَـطِّـيْ مَـسْـحَ أَوْطَــانِ؟!

إنّــا ضَــبَــطْــنَــا عَــلَــىْ مِــيْــعَــادِهِ وَطَـنــاً
بِــدَقَّــةِ الــقَــلْــبِ مِــنْ جَــمْـــعٍ عَــلَـىْ آنِ

أَوْجَــاعُــنَــا تَــذْرَعُ الـمِــيْــقَــاتَ تَــحْــصُــدُهُ
دُونَ الــــغِــــلالِ وَهَــــذَا فِــعْــلُ عَـــجْـــلانِ

لَــسْــنَــا نُــقَــايِــسُ بِـالأَحْـدَاثِ طَـلْـعَـتَـكُـمْ
إِذْ نَــحْــنُ فِــيْ حُــكْــمِـهَـا تَـابُـوتُ إِمْــكَــانِ

طَـاحُـونَــةٌ نَــحْــنُ فِـيْـهَـا بَــذْرُ عَــجْـنَـتِــهَــا
مَـــا شَـكَّــلَــتْــنَــا بِـــهَـــا كَـــفٌّ لِــعَـــجَّــانِ

لَــكِــنْ بِــنَــا وَلَـــهُ الــمَــغْـــرُومِ تَـــدْفَـــعُــهُ
غَـــرَامَــةٌ نَــسْــجِ تَـــوْقِــيْـــتٍ لِـــوَلْـــهَــــانِ

هَـلْ تَـقْـبَـلُ الـوَلـهَ .. الـمِـيْـقَـاتَ يَــدْفَــعُـنَــا
دَفْـعــاً إِلَــيْــكَ وَيُــعْــطِــيْ وَعْــدَ رُجْـحَــانِ؟!

أَمْ أنَّ مِــيْـقَــاتَـــنَـــا الــحَــيْـــرَانَ نَــشْــوَتُــهُ
طُــولَ الــمَــدَىْ أَنَّــهُ مِــيْــقَـــاتُ حَــيْـــرَانِ؟!

• • • • •

مَـوْلايَ عَـوْداً لِـخِـفِّ الـحَـانِ فِــيْ جَـسَــدِيْ
وَمَـشْـيَــةَ الــوَعْــيِ فِــيْ حَـيْـرَاتِ أَحْـزَانِــيْ

عَـوْداً لِـعِـشْـقِـكَ طَـقْـسُ الـجَـمْـعِ يُـلْـهِـمُـنَـا
سَــبْـــرَ الــمَــوَاقِـــيْـــتِ لا إِخْـــلالَ مِـيْـــزَانِ

هَــلْ ثُـــرِّبَ الــحُـــزْنُ وَقَّــاتـــاً لَـــكُــمْ مَــدَداً
مَـا بَــيْــنَ مَـــأْمَــلِـــهِ أَوْ صُــنْــعِ سُــلْـــوَانِ؟!

مَـــوْلايَ وَالأَرْضُ جَــمْــرُ الاِنْـــتِـــظَـــارِ بِـــهَــا
وَقْـــدُ الـــحُـــرُوبِ بِـــهَـــا إِشْـــعَـــالُ دُكَّــــانِ

مِــنْ قَــبْــوِ جُــرْمٍ فَـقُـطْــرِ الأَرْضِ مُــحْــتَــرِقٌ
تَــبْــخِــيْــرُ كُــتْــلَـــتِـــهِ مِــنْ سُـــوْدِ دُخَّــــانِ

أَلَــسْــتَ بِـالــعَــدْلِ مِــيْــعَـادُ الـسَّمَـاءِ لَـنَـا؟!
مِـنْ كَــتْــمَــةِ الـظَّـلْــمِ أَرْضِـيْ خَـنْـقُ إِعْــلانِ

الــبَّــوْحُ أَمْــسَــىْ جَـمَــاعِــيَّ الـطُّـقُـوسِ أَلا
عَــجِّــلْ .. يُــوَحِّـــدُنَــا فِــيْ رَصْـــفِ عُـــدْوَانِ

ذَا أَحْـمَـرُ الـلَّـوْنِ يُـغْـرِيْـنِـيْ بِـسِـحْـنَـتِــيَ الــ
بَـــيْــــضَــــاءِ فِـــيْ أَسْـــوَدٍ إِدْمَــــاجُ خِــــلاَّنِ

هَــذِيْ الـعُـصَـارَاتِ وَسْـطَ الـحَـانِ نَـصْـهَـرُهَــا
فِــيْ خَــمْــرةِ الله مِـــنْ تَــفْـوِيْــقِ طُــغْـيَــانِ

فَــنَـحْــنُ تَـشْـرِيْـبَــةُ الأَبْـعَــاضِ وَهْــيَ بِــنَــا
كُــــلٌّ وَأَلْـــسُـــنُــنَــا مِــنْ نُــطْـــقِ وِحْــــدَانِ

عَــجِّــلْ .. فَـلَـيْــسَ لَــهَــذَا الـحُـزْنِ مَـثْـمَـلَـةٌ
أُخْــرَىْ وَأَنْـــفُــسُــنَـــا ضَــاقَـــتْ بِـــإِذْعَــــانِ

عَـجِّـلْ.. جَـمَـاعِـيَّـةُ الـطَّـقْـسِ الـتِـي نَـدَفَــتْ
أَبْــعَــاضَــنَـــا فُـــرْصَـــةٌ فِـــيْ رصِّ بُــنْــيَــــانِ

الـــحُـــزْنُ وَقَّــتَــنَــا فِــيْ رَسْــمِــكُـــمْ أَمَـــلاً
وَهَـــتَّـــكَ الــغَــيْــبَ أَسْــتَـــاراً لِـــطُـــوْفَــــانِ

فَــلْــتَــحْــضُـنْ الــمَــدَدَ الأَرْضِــيَّ عَــمْـلَــقَــةً
فَـفِـيْ الـسَّـمَــاءِ تَــدَاعَــتْ كُــلُّ أَحْــضَــانِــيْ

يَــا شُــرْفَــةَ الــغَــيْــبِ إِنَّــا نَــظْــرَةٌ جَــمُــدَتْ
عَـــلَــىْ الــعُــيُـــونِ بَـــتَــرْكِـــيْــــزٍ وَإِدْمَـــــانِ

مَـا أَنْـتَ عَـيْــنَــانِ أَنْــتَ الـغُـيْــبُ .. سـتـرتــه
تَـــأْبَــىْ مُــغَــازَلَـــةَ الـمُـشْـتَــاقِ والــدَّانِــــيْ

يَــا مَــسْـرَحــاً فِــيْــهِ طَــالَ الانْــتَــظِــارُ إِلَــىْ
كَــشْــفِ الــسِّــتَــارِ تَـــسَــمَّـــرْنَــا بِــإِمْـعَــانِ

أَشْــيَــاءُ خَــلْــفَ سِــتَــارِ الـعِـشْـقِ نَـرْقَـبُـهَــا
وَمَـسْــرَحُ الـغَـيْــبِ قَــدْ يَـأْتِــيْ بِــشَــيْــطَــانِ

فِــيْ عَــيْــنِ ذِئْــبٍ لَــنْــا عَــنْ شَـدْهِـهِ قَـــدَرٌ
مَـتَـىْ الــمَــسَــارِحُ تُــنْــمِـيْــنَــا لِــيَـقْـظَــانِ؟!

وَأنْــتَ عِــطْــرٌ مِـــنَ الـــرَّحْــمَــنِ يَـــعْــبُــرُهَــا
أَسْـــجَـــافَ أَقْـــدَارِنَـــا سَــــدْلاً لِـــحُـــرْمَــــانِ

شَـقَّ الـطَّـرِيْـقَ لَـنَـا فِــيْ الـحَـرْبِ مَــوْطِـنُــنَــا
فِــيْ الــسُّــوْحِ وَقْـــفَـــتُــنَـــا رَمْـــدَاءِ مَــيْــدَانِ

يَــا سَـيِّــدِيْ شَـابَ هَـذَا الــعِــشْــقُ أَحْــمَــرُهُ
بِــالانْـــتِـــظَــــارِ غَــــدَا حِــــنَّــــاءُ شُـــــبَّـــــانِ

فَـاظْـهَــرْ فَــدَيْــتُــكَ غَــيْــظُ الانْــتِــظَـــارُ بِــنَـــا
إِذْ جَـاوَزَ الـظُّــلْــمُ فَـهْــوُ الــقَــاتِــلُ الــفَــانِــيْ